أعلن امين سر اللجنة الحركية العليا لحركة "فتح" عضو المجلس التشريعي الفلسطيني مروان البرغوثي المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في المعتقلات الاسرائيلية عن تأييده لمرشح مؤسسات الحركة محمود عباس ابو مازن لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية "وفاءً للشهيد القائد والزعيم الحبيب الراحل ياسر عرفات وحفاظاً على وحدة الحركة وطريق تعميق الديموقراطية فيها وتقديراً للمؤسسات والاطر الحركية التي ارسى دعائمها". جاء ذلك في بيان تلاه وزير الدولة عضو اللجنة الحركية العليا قدورة فارس، باسم البرغوثي، حسم فيه الجدل الذي احتدم اخيراً داخل "فتح" للاختيار ما بين عباس والبرغوثي لتمثيلها في انتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية هي الاولى من نوعها بعد رحيل عرفات الذي قاد المسيرة الفلسطينية على مدى اربعة عقود. وقال قدورة امام حشد من الصحافيين الذين انتظروا طوال يوم امس لسماع الكلمة الفصل وقرار البرغوثي الرسمي، إن الاخير ابلغه بقراره هذا خلال زيارته له في سجنه الاسرائيلي امس، وهي الاولى من نوعها منذ اعتقال البرغوثي قبل اكثر من عامين ونصف العام - واستمرت اربع ساعات. واضاف ان البرغوثي وجه شكره وامتنانه ل"المناضلين البواسل والشعب الفلسطيني والآلاف من كوادره المناضلة... وخصوصاً ابطال كتائب الاقصى"، وانه دعا الاطر والكوادر الفتحاوية كافة الى "دعم مرشح الحركة محمود عباس". ودعا البرغوثي في رسالته عباس الى "التمسك بالثوابت الوطنية... حق العودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس" كما دعاه الى اجراء اصلاحات جذرية ومحاسبة رموز الفساد المادي والسياسي والاداري والامني. وقالت مصادر فلسطينية موثوق بها ل "الحياة" ان فارس نقل الى البرغوثي رسالتين من "ابو مازن" ورئيس الوزراء احمد قريع ابو علاء. وجاء قرار البرغوثي، بحسب فارس، بعدما اتخذ المجلس الثوري التابع لحركة "فتح" قراراً حدد موعداً لعقد المؤتمر العام السادس عشر لحركة "فتح" في آب اغسطس من العام المقبل. وكان البرغوثي اكد للنائب العربي في البرلمان الاسرائيلي جمال زحالقة حزب التجمع الوطني، الذي زاره ايضاً في سجنه، ان قراره عدم ترشيح نفسه كان "صعباً" بعد الضغوط التي مارستها عليه اوساط فتحاوية داخل الوطن وفي الشتات لترشيح نفسه. وشدد زحالقة ضرورة العمل على اطلاق البرغوثي "لما يمثله من عنصر استقرار ضروري للحركة والشعب الفلسطيني في مرحلة ما بعد رحيل الرئيس عرفات". ونشب جدل ساخن بين انصار البرغوثي وعدد من افراد عائلته من جهة، واعضاء اللجنة الحركية العليا ل "فتح" الذين شاركو في المؤتمر الصحافي وهم احمد غنيم وحاتم عبد القادر وزياد ابو عين. وكان عضو "الحركية العليا" حاتم عبد القادر قال في تصريحات سابقة ان "من غير المناسب الآن ان يرشح البرغوثي نفسه بعدما أقرت مؤسسات الحركة تعيين مرشح فتح لمنصب رئيس السلطة كما ان من غير المناسب ان يخوض الانتخابات بشكل مستقل لما ينطوي عليه ذلك من تأثيرات سلبية في الاطراف جميعاً". واعلن أن عدداً من اعضاء الحركة يرغبون في زيارته لإقناعه بالعدول عن ميله الى ترشيح نفسه. وأزاح امتناع البرغوثي عن ترشيح نفسه عقبة في طريق مرشح الحركة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق عباس، وجنب أكبر فصيل فلسطيني في منظمة التحرير احتمالات انقسام بدت شبه مؤكدة في ظل تجذابات كانت شهدتها بين قيادته التاريخية، "الحرس القديم"، والجيل الشاب الذي تمثله "الحركية العليا" وهي ذاتها غير ممثلة بما يعكس قوتها على مستوى القاعدة خصوصاً في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويعزز ذلك القرار موقع عباس في الانتخابات الرئاسية التي ينافسه فيها حتى الآن تسعة مرشحين بينهم حسن خريشة ومصطفى البرغوثي والاكاديمي عبد الستار قاسم وطبيب فلسطيني مقيم في باريس يدعى سام نزال وآخرون. العلاقات مع سورية ولبنان من جهة اخرى، بدأت العلاقات اللبنانية - الفلسطينية والسورية - الفلسطينية تشهد انفراجاً هو الاول من نوعه منذ سنوات طويلة يمكن ان يكون مؤشراً الى ما ستؤول اليه الاوضاع في المنطقة في ضوء اشتداد الضغوط الدولية على بيروت ودمشق من اجل تنفيذ القرار الرقم 1559 ومع تصاعد التقلبات في الساحة الفلسطينية بعد وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. راجع ص 16 وعلمت "الحياة" ان الزيارة الاخيرة لرئيس اللجنة المركزية لحركة "فتح" فاروق القدومي أبو اللطف لبيروت ودمشق مهدت الطريق امام انهاء التوتر الذي استمر سنوات بين الحكومتين اللبنانية والسورية من جهة ومنظمة التحرير الفلسطينية ومن خلالها حركة "فتح" من جهة ثانية، خصوصاً مع اللقاءات بين وفد يمثل المنظمة في لبنان ومسؤولين لبنانيين وسوريين طرحت فيها وبصورة رسمية الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات في لبنان. ولفت مصدر بارز في منظمة التحرير في بيروت الى ان اهمية اللقاءات اللبنانية - الفلسطينية التي عقدت بتشجيع مباشر من الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد الذي كان استقبل القدومي تكمن في ان الجانبين توافقا على استمرار البحث في المطالب الفلسطينية التي تندرج تحت بند الحقوق المدنية بما فيها تصحيح الاحكام القضائية الصادرة في حق عدد من المسؤولين في المنظمة التي تحمل أبعاداً سياسية بخلاف الاحكام الجرمية التي يجب ان تأخذ مجراها الى التطبيق استناداً الى القوانين اللبنانية.