خاضت الفنانة سميرة عبدالعزيز معركة انتخابية ضارية في قريتها الصغيرة تعرضت خلالها للكثير من المعوقات التي حالت دون فوزها في الانتخابات، وذلك من خلال فيلم"الضحية"الذي جسدت فيه دور"الدكتورة ألفت"التي قررت أن ترشح نفسها للانتخابات أمام منافسها فوزي المعروف بالبلطجة وشراء الاصوات والضمائر، ومع ذلك ينجح في الفوز عليها لأن أهل الدائرة يرفضون إعطاء صوتهم لامرأة، إذ يرون أن السياسة خلقت للرجال فقط! الفيلم انتجته رابطة المرأة العربية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي كبادرة لتفعيل الدراما في دعم وصول المرأة الى مراكز صنع القرار. اعتمد مؤلف الفيلم أيمن سلامة ومخرجته الشابة إيناس حلمي طريقة"الفلاش باك"، ففي أول لقطة تظهر الدكتورة ألفت لتواجه النتيجة المُرة بسقوطها في الانتخابات ويحاول ابنها أن يرافقها في طريق عودتها بالسيارة خوفاً من انهيارها إلا أنها تستجمع كل قوتها وتعلن أنها بخير ولم تحبطها التجربة الفاشلة، وفي شوارع القرية تسترجع شريط المعركة الانتخابية التي تعكس واقعاً مريراً وتدوي في أذنها الشعارات التي كان يرددها أهل القرية لمصلحة منافسها فوزي الذي لم يكن له برنامج انتخابي بل اعتمد على شراء الأصوات بالمال والطعام. وأخذت ألفت تتذكر سرادق الانتخابات التي التقت فيه أهل قريتها ووعدها لهم بأنها ستبذل جهداً كبيراً في تحقيق مصالحهم لحل مشكلة البطالة ومحو الأمية ورصف الطريق وبناء كوبري يحمي المارة من حوادث الطرق المتكررة، وتذكرت أيضاً إصرارها على بناء مستشفى خيري لأهل قريتها قدمت فيه العلاج المجاني للمحتاجين وشغلت الكثيرين في الخدمات المعاونة في المستشفى. واسترجعت هجوم البلطجية وسماسرة الانتخابات على سرادق الدعاية الانتخابية من دون أن يدافع عنها أحد حتى من قوات الأمن. أخذتها الحسرة لأن، حتى زوجها، لم يكن مسانداً لها بل كان يضعف عزيمتها. وبعد أن اجتازت كل شوارع القرية وكادت تخرج منها متجهة إلى المدينة التي تعيش فيها مع أسرتها قررت في لحظة حاسمة ألا تستسلم وأن تعود لتستمر في خدماتها لأهل قريتها، وينتهي الفيلم على مشهد مصرع طفل هو ابن أكبر السماسرة الذين قاموا بشراء الاصوات لمصلحة منافسها. وهنا تصر"الدكتورة ألفت"أن الكوبري لا بد من أن يبنى حتى لو لم تكن هي المرشحة الفائزة. ويحسب لهذا الفيلم أنه استطاع في زمن وجيز أن يتعرض للكثير من المشكلات التي تواجه المرأة التي تخوض الانتخابات. وألقى الفيلم الضوء على الكثير من الانتقادات الموجهة إلى الأحزاب التي لا تعمل على تكوين قيادات نسائية، وشرح قيمة المشاركة الانتخابية وأن السياسة ليست بعيدة من واقع المجتمع. شهدت الندوة التي نظمتها رابطة المرأة العربية للعرض الأول للفيلم مناقشات بين الحضور سواء من الكتاب أم الإعلاميين أم عضوات في البرلمان المصري، فرأى الكاتب محفوظ عبدالرحمن أن الفيلم يحمل رسائل مباشرة يعتبرها ضعيفة التأثير في المشاهد، إلا أنه اعتبره فيلماً راقياً ومبادرة جيدة. ورأت الدكتورة عواطف عبدالرحمن أستاذة الصحافة أن الأفلام التسجيلية في هذه القضية أكثر حيوية مثل الأفلام التي أخرجتها عطيات الأبنودي، إلا أن الحاضرين عارضوا هذا الرأي واعتبروا أن مشاركة ممثلين مشهورين تعد عنصر جذب للمشاهدة أكثر من الأفلام التسجيلية. وقد شارك في بطولته محمد عبد الجواد وعلاء زينهم. بينما رأت إحدى عضوات البرلمان المصري أن الفيلم رسم للمرشحة شخصية ضعيفة لا يمكن أن تنجح في كسب الانتخابات لأنها - على رغم جهودها الطيبة - لا تعرف لعبة السياسة ولم تنجح حتى في اكتساب صوت زوجها أو ابنتها، ولم تفلح في تكوين قاعدة انتخابية قبل خوض الانتخابات، وأن هذه السمات لا يمكن أن تنجح مرشحة. ومن جهتها، رأت الدكتورة راندا رزق استاذة الدراما أن الفيلم يتميز بإيقاعه السريع غير الممل ويقدم محاولة جديدة لنشر ثقافة درامية هادفة. واحتلت فكرة بناء الكوبري مساحة كبيرة من المناقشة إذ رأى كثيرون أنه معنى رمزي للتواصل وعبور التخلف الفكري وأن مصرع الطفل يعني أن الضحية ليست"المرأة"وإنما"المجتمع"إلا أن معظم المشاركين اتفقوا على أن الفيلم يخدم القضية في شكل كبير، وأن المسألة تتعدى الدعوة الى انتخاب المرأة إلى انتخاب المرشح الأفضل، وأنه يمكن أن يثري الكثير من المناقشات من خلال الحلقات النقاشية التي تتبناها الجهات المختلفة في نشر الوعي السياسي خصوصاً أن البطلة من الوجوه المؤثرة في المشاهدين بصدق أدائها. وأعربت الفنانة سميرة عبدالعزيز عن سعادتها بالمشاركة في هذا الفيلم وانفعالها بالقضايا المطروحة فيه وبحق المرأة في المشاركة السياسية. ومن جهتها، قالت رئيسة رابطة المرأة العربية الدكتورة هدى بدران أن الجدل الذي أثاره الفيلم دليل نجاحه.