هناك من العراقيين من يرى ان تأجيل الانتخابات هو، في حد ذاته، مؤامرة جديدة ضد الشعب العراقي، ولن يؤدي إلا الى مزيد من القتل والدمار والفوضى، كما سيدخل الريبة واليأس والإحباط في قلوب العراقيين. وفي الواقع، ان تأجيل الانتخابات لن يكون له تأثير كبير على تركيبة الخريطة السياسية العراقية الحالية، كما لا أحد يستطيع ضمان استتباب الامن في كامل ربوع البلاد في مدة ستة اشهر. لكن التأجيل قد يفهم انه تراجع عن وعود الديموقراطية، وتهرّب من نتائج الانتخاب، ولتفادي ارجاع الحكم للعراقيين. لا احد يشك في ان للفوضى ولانعدام الأمن تأثيراً في نزاهة العملية الانتخابية. ولكن قد يكون من بين اسباب الفوضى الحالية، إضافة الى وجود المحتل طبعاً، عدم الرضا عن اداء الحكومة الحالية. لذا لا بد من كسر هذه الحلقة المفرغة، والسماح للشعب بالبدء في اختيار ممثليه بحرية، ولو جزئياً. وكما يقال فإن فوضى الحرية هي افضل من أمن القمع والخوف من الاستبداد. تبقى كل الآمال معلقة على الانتخابات المنتظرة، والتي ستكون الاختبار الاول والحقيقي لمعرفة توجهات العراقيين السياسية وميولهم، بعد عقود من طمسها. فإمّا ان يختاروا بحرية من يناسبهم ويلبّي مطالبهم، وإما ان تكون مهزلة انتخابية، فتتقوّى ذرائع الداعين الى المقاومة المسلحة، وتتوحد كلمتهم نهائياً. ويبقى التساؤل التالي محل انتظار الجميع: هل سيكون بمقدور المنتخبين وممثلي الشعب اخراج القوات الاجنبية من بلادهم؟ خصوصاً اذا لم يكونوا هم الذين استدعوا الاميركيين الى بلدهم؟ وماذا لو استغل المحتلون الوضع في العراق، في اطار تنفيذ مخططات اقليمية اخرى، ومن دون اكتراث بوعود الديموقراطية؟ ففي النهاية ليس العراقيون افضل من بقية العرب، كما انهم لم يغيروا وضعهم بأنفسهم. مبروك بن عبدالعزيز كاتب تونسي [email protected]