لا تختلف محطات توزيع الوقود في مدينة تكريت، 180 كلم شمال بغداد، عن غيرها من محطات الوقود في مدن العراق الأخرى. وما يجمع هذه المحطات هو"الطوابير"المتعددة للسيارات التي تنتظر التزود بالوقود، وكذلك النفط، الذي يشكل عصب الحياة للعائلة العراقية في موسم الشتاء، الذي اقتحم بيوت العراقيين منذ ايام بالبرد والمطر. فكما ان البيت العراقي لا يستغني عن البنزين بسبب وجود السيارة التي دخلت اغلب البيوت العراقية، فإنه لا يستغني ايضاً عن الكاز الذي يعد المحرك الرئيسي لتشغيل"الديزلات"، ومولدات الكهرباء لكل المزارعين الذين يمتلكون مولدات وآبار ماء. وهكذا يشكل النفط حاجة رئيسية لكل بيت عراقي في هذا الشتاء، الذي تميز ببرده الشديد والوضع الأمني الذي يزداد سوءاً وتعقيداً. وفي ظل غياب الأمن والاستقرار، يأتي نقص البنزين والكاز والنفط ليشكل أزمة ومعاناة يومية للمواطن، الذي يضطر للوقوف ساعات طويلة في الطابور بغية الحصول على البنزين لسيارته أو النفط لتدفئة بيته، وقد يحصل على احدهما، لكنه بالتأكيد لن يحصل على جميعها. اضافة الى ذلك، يشكل انقطاع الكهرباء المستمر ولساعات طويلة ازمة أخرى، اذ لا توفر الكهرباء سوى الدفء الموقت بسبب غيابها المستمر. وتعمل محطات الوقود في تكريت على توفير الممكن للمواطنين، على رغم الشح الكبير بسبب الوضع الأمني السيئ في قضاء بيجي، حيث يتم تجهيز محطات الوقود بالبنزين والنفط من مصفاة بيجي. وادى تعرض الشاحنات التي تنقل المشتقات إلى تهديدات مستمرة، وتعرض المصفاة وأنابيب النفط لأعمال التخريب الى نقص متواصل في هذه المواد. كما ان اغلب سائقي الشاحنات أصبحوا يخشون على حياتهم لتعرضهم لتهديدات يومية من قبل مسلحين مجهولين يطلبون منهم الامتناع عن العمل. يقول المواطن عادل إسماعيل:"نحن بلد النفط والبنزين، فكيف نعاني من هذه الظاهرة؟، ساعات طويلة ونحن ننتظر أمام محطات الوقود لنحصل على النفط بالبطاقة التموينية وبكميات قليلة لا تسد الحاجة". ويقول احد سائقي الشاحنات التي تنقل النفط والبنزين:"حياتنا معرضة للخطر بسبب التهديدات المستمرة لنا، والشرطة العراقية غير قادرة على توفير حماية أمنية لنا على رغم انتشارها الواسع، وهو سبب الشح في هذه المواد". وتقول المواطنة زاهية عباس:"جاء الشتاء ونحن نفتقد النفط كما نفتقد الأمن والاستقرار". وأكثر ما يزعج المواطن العراقي اليوم هو بيع هذه المشتقات على الأرصفة والمحال التجارية التي اصبحت"سوقاً سوداء"، وهي ظاهرة لم يعتدها العراقيون من قبل.