بعد ثلاث سنوات من الصمت، أصدر الفنان الإسباني أليخاندرو سانز ألبومه السابع "ليس الأمر ذاته" في نهاية عام 2003، فوزع على نطاق عالمي، وباع في إسبانيا وحدها مليون نسخة خلال ثلاثة اشهر، لأنه يدهش بتميزه وبعفويته، ويخالف نمط الألحان المألوفة للفنان، كما يدعو فيه الى مواقف سياسية واضحة في بعض اغانيه، "في زمن لا يستطيع فيه احد ان يصمت". ومنذ نهاية عام 2003، حقق الشريط الذي يعتبر مرحلة تغيير في مسيرة الفنان، أرقاماً قياسية في المبيع، وحصد جائزة تلو الأخرى، كانت آخرها جائزة "غرامي" المخصصة للبوب اللاتيني التي منحت له أخيراً في لوس انجليس، باعتباره افضل تسجيل، افضل كلمات، وأفضل موسيقى. ويتميز سانز بأنه يكتب اغانيه ويضع ألحاناً لها يؤديها بلهجته الأندلسية الخاصة. ولد أليخاندرو سانز في مدريد عام 1968، لأبوين قادشيين من جنوب الخريطة الإسبانية، وبدأ يعزف على القيثارة وهو في الخامسة، وألف أول ألحانه وهو في العاشرة. لم يكن يحب ان يتعلم، ويفضل ان يقرأ، وما زالت المطالعة من عاداته التي لم يغيرها: يقرأ كثيراً او يكتب قبل ان ينام، وشعراؤه وكتابه المفضلون هم غوستافو ادولفو بايكر، طاغور، روزاليا دل كاسترو، بابلو نيرودا، ميغيل هيرنانديز، غابرييل غارثيا ماركيز، وميغيل ديليبس. مراهقاً، طرد من المدرسة لسوء تصرفه مع بعض الفتيات، فهرب من البيت، وصار يعيش من عزفه على الغيتار في حانات غاليسيا والشواطئ الأندلسية، كما في الاحتفالات والنوادي، وساعد ميغيل انخيل ارديناس في اعطاء بعض دروس القيثارة للتلاميذ. أليخاندرو ماغنو هو اول اسم فني اعتمده، حينما اصدر اسطوانته الأولى "الاعتناء بالظرفاء"، وبدأ يشتهر مع اسطوانته الثانية "نعيش بسرعة"، فتجاوزت شتهرته الحدود، واعتبر معها أليخاندرو سانز واحداً من مبدعي الموسيقى اللاتينية. ويشكل عام 1991 محطة مهمة في مسيرة الفنان، اذ احيا في 14 تشرين الثاني نوفمبر امسيته الأولى الكبرى في بهو مركز رياضيي فريق ريال مدريد، وكان نجاحه عظيماً، فسعت شركات الإنتاج الموسيقية للتعاقد معه، وتهافت الجمهور على شراء اغانيه. أصدر سانز ما بين عامي 1994 و2000 ألبومات اربعة: "إذا نظرت إلي" ولم يكن ناجحاً، "أليخاندرو سانز 3"، "أكثر" و"الروح الطليقة"، كما غنى بالإيطالية والبرتغالية، وحوّل كلمات اغنيته "اريد ان اموت في سمّك" الى مرافعة ضد العنصرية. وعرفته في تلك المرحلة المسارح الكبرى في إسبانيا، البرتغال، ايطاليا، الأرجنتين والمكسيك، وباع شريطه الرابع "اكثر" مليون نسخة وسجل ألبومه: "الروح الطليقة" رقماً قياسياً في المبيع في العالم الغربي، وصل خلال ثلاثة اشهر الى مليونين وثلاثمئة ألف نسخة خلال ثلاثة اشهر. ويعتبر ألبومه السابع "ليس الأمر ذاته" الذي صدر في نهاية 2003، وبعد ثلاث سنوات من الصمت، خطوة جديدة نحو القمة، ويدفعه النضوج الفني الذي وصل إليه سانز، ويظهر موقف الفنان من تفاعل الحضارات، إذ انه يعكس في كلماته وألحانه انصهار الثقافات وتكاملها واحدة مع الأخرى، بدءاً من الأندلس وصولاً الى هافانا، مروراً بمدريد والمكسيك. في الألبوم مزيج من الموسيقى الأندلسية، يطغى عليه ال"فلامنغو"، وبالتالي هناك النغمات الكوبية، وال"هيب هوب". في "ليس الأمر ذاته" الذي نال جائزة "غرامي" لهذا العام يقدم أليخاندرو سانز أثراً مبتكراً ومميزاً: هو يدعو الى احترام الفردية في زمن يتطلب الجماعية في مواقف عامة، كما يؤكد فيه على خلاصة تجاربه الحياتية والفنية، إذ تستوقف في الألبوم لائحة اغان اعتراضية، على مواقف سياسية، فهناك انتقاد لكاسترو لأنه خان مبادئ المساواة والعدالة، وتأملات في كارثة "بريستيج" الباخرة التي غرقت في شواطئ غاليسيا، وهناك صرخات لمصلحة الحرية.