وصف الناطق الرسمي باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي النتائج التي توصلت إليها محادثات باريس بين وفد الاتحاد الأوروبي والوفد الإيراني في شأن برنامج طهران النووي لتخصيب اليورانيوم بأنها "دخان ابيض تصاعد اخيراً بعد محادثات مضنية وشاقة استمرت قرابة العشرين ساعة وتمخضت عن توافق يرضي الطرفين". وفيما لم يدخل آصفي في تفاصيل الاتفاق الجديد مكتفياً بالقول ان "مسودة ستعرض على مسؤولي البلدان المعنية في الموضوع لاتخاذ قرار نهائي في شأن الاتفاق"، اشار رئيس الوفد الإيراني المفاوض رئيس لجنة السياسة الخارجية في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني حسين موسويان الى ان الاتفاق تضمن محاور عدة للتعاون بين ايران والاتحاد الأوروبي على الصعد الأمنية والاقتصادية والسياسية والتجارية والتكنولوجية فضلاً عن التكنولوجيا النووية والوقود لتشغيل منشآتها الذرية وإعادة بناء الثقة الدولية وتعزيزها تجاه سلمية البرنامج النووي الإيراني. وصرح مصدر فرنسي في باريس ان المفاوضين الأوروبيين والإيرانيين احرزوا تقدماً كبيراً في اتجاه التوصل الى اتفاق موقت. لكن المتحدثة باسم خافييه سولانا منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كريستيا غالاش بدت اقل تفاؤلاً اذ قالت: "ان المحادثات اختتمت بتقدم لا بأس به، اقتربا من اتفاق موقت"، وقال مصدر آخر في الاتحاد قريب من المفاوضات: "لم تتم تسوية شيء، المناقشات كانت صعبة، صعبة جداً، الإيرانيون ناضلوا بقوة". وكشفت مصادر ديبلوماسية في الاتحاد الأوروبي عن "ان ايران ستجمد بموجب الاتفاق جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته الى حين التوصل الى اتفاق نهائي مع الاتحاد الأوروبي على مجموعة من الحوافز الاقتصادية والتكنولوجية والأمنية التي ستمنح لها في مقابل التخلي عن انشطة نووية محتملة لها علاقة بالأسلحة". اما مدى حجم التنازلات التي قد تكون ايران قدمتها في هذه المفاوضات فكان مدار تعليق لمسؤول العلاقات الخارجية في حزب "المشاركة الإسلامية" النائب السابق في البرلمان عضو لجنة الأمن القومي الدكتور رضا يوسفيان الذي قال ل"الحياة": "المحادثات قد تكون توصلت الى نقطة وسط بين الطرفين، تضمن للمجتمع الدولي الاطمئنان بعدم تطوير البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي وقف عمليات تخصيب اليورانيوم، فيما يسمح الاتفاق لإيران، اي النظام تسويغ موقفه امام الشعب الإيراني وخصوصاً التيار المتشدد من انه لم يقدم تنازلات كبيرة او استراتيجية امام الضغوط التي مورست عليه دولياً. وتوقف الخبير الاستراتيجي حسن قديري ابيانه المقرب من التيار المحافظ عند الأهداف الإيرانية التي تسعى طهران الى تحقيقها من وراء المفاوضات، عندما تحدث ل"الحياة" عن الحظر الاقتصادي الذي يفرضه الغرب خصوصاً اميركا على ايران في الكثير من المسائل كمنعها البنك الدولي من تقديم قروض مالية لإيران او تزويد ايران بقطع غيار الطائرات المدنية التي تشكل عماد اسطولها الجوي. وفي مقابل التراجع التكتيكي الإيراني في الملف النووي، فإن الاتحاد الأوروبي ملزم اذا ما تم التوافق النهائي على نتائج المحادثات الأخيرة، ان يساعد ايران للحصول على التكنولوجيا الصناعية وتسهيل دخولها الى منظمة التجارة العالمية، كما لمح لذلك حسين موسويان". وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الحالي منوتشهر متكي ل"الحياة" على "الغرب اليوم الاعتراف بحقنا في التكنولوجيا النووية السلمية ونحن على استعداد لتقديم كل التطمينات التي تساعد على تعزيز الثقة وإزالة القلق الدولي".