هل ثمة فلسفة عربية؟ أو بكلمة أخرى فلسفة كونية عربية، تقوم على الفكر الحر، الفكر المحض، بمنأى عن أية سلطة ومرجعية ما عدا سلطة "العقل"، أو فعل الفكر، في الذهاب الى الاشياء "مباشرة"؟ بدأت الفلسفة العربية تشق طريقها الخاص، منذ كتابات يوسف كرم التومائية - الجديدة، التي تقرن الفلسفة باللاهوت كتابه "العقل والوجود". وقدّم عبدالرحمن بدوي نظرته "الوجودية" الخاصة التي تعد "الوجود مقولة المقولات وعلة الممكنات" على هامش فلسفات الوجود، منذ بارمينيدس ومبدأ ثبوتية الوجود، وحتى وجودية هايدغر وسارتر الزمكانية والعالمية الوجود - في - العالم. وتبرز مع عثمان أمين فلسفة حدسية تقرن البصر بالبصيرة، هي "الفلسفة الجوّانية". وثمة محاولات إسهامية، كمحاولة حسن حنفي في "علم الاستغراب" تقوم على نظرة مركزية - شرقية "مضادة" للنظرة المركزية الغربية. وثمة فلسفة رشدية - جديدة عقلية تقف عند أعتاب البرهان الرشدي فلسفة ابن رشد متعارضاً مع "البيان" اللغوي، و"العرفان" الصوفي، في عالم تجاوز الرشدية والأرسطية منذ عصر النهضة! محمد عابد الجابري. وهناك فلسفات ماركسية، وماركسية - جديدة تقوم على نظرات هيغلية، شمولية، معكوسة حول علاقة المادة بالوعي، والمثالية بالمادية ونقد الفكر الديني حسين مروة، وصادق العظم. وثمة فلسفة وضعية، تقوم على المنطق الوضعي، وفلسفة العلم التحليلي، والذكاء الاصطناعي من زكي نجيب محمود وحتى عادل فاخوري. وتقوم الفلسفة الاجتماعية السوسيولوجية في دعوتها الى الاستقلال الفلسفي على منظور هيغلي - قومي ناصيف نصار. وثمة رؤية للحداثة وما بعدها تترجم الفلسفة من خلال الترجمة الفكرية، ومن يمارس ترجمة الفلسفة بطريقة القراءة - الكتابية كالقارئ بقلمه" ومن ينفي وجود القول الفلسفي عند العرب ويقرنه بالترجمة الفلسفية، في حيرة العقل بين الترجمة والفلسفة. وهناك محاولات أصولية - محدثة تخلط فقه الفلسفة بفلسفة الفقه، في الدعوة الى تجديد التراث وإعادة تقويمه طه عبدالرحمن. وهناك دعوة الى مدرسة عربية للفلسفة مَعْلَم تؤكد إمكان القول الفلسفي بالعربية، من خلال التأصيل الفكري، والتحديث العقلي د. علي زيعور وعبدالرحمن مرحبا. وينطرح التأسيس في المختلف، في فلسفات ما بعد - الحداثة، القائمة على الاختلاف التفاضلي، والتفكيكية القائمة على نقد ونقض التمركزية العقلية اللوغوقراطية، وهذه النظريات تتفاوت ما بين الدعوات الهلسنتية العدمية، التي تفسر النص في ضوء فلسفة العلم الاحتمالي سامي أدهم والتفكيكية المضادة - للأنوار والعقل، والأصل، في البحث عن التجاوز المعرفي والوجودي علي حرب. * أكاديمي وكاتب لبناني.