الكتاب: آفاق فلسفة عربية معاصرة الكاتبان: أبو يعرب المرزوقي وطيب تيزيني الناشر: دار الفكر 2001 يحاول أبو يعرب المرزوقي ان يضع اللبنة الأولى في مشروع بناء فلسفة عربية معاصرة، منطلقاً في ذلك من أسس الفلسفة العربية المميزة التي أنشأها العرب والمسلمون، ولم يستطيعوا المحافظة عليها ففقدوا بذلك مقومات الحضارة والقدرة على النمو، ويرى المرزوقي انه ليس بالإمكان الحديث عن مشروع تأسيس فلسفة عربية متميزة إذا لم يكن ذلك مستنداً الى مقومات حقيقية يقتضيها تحقيق شروط الفكر الفلسفي من حيث هو فكر متصف ب: التعبير عن وعي نهضوي مقبل أو مدبر جماع ضروب الما بعد meta التي تجعل الممارسات النظرية علوم الطبيعة والعملية علوم الإنسان والقيمية ذات الأصناف الخمسة: الجمالية والخلقية والمصرفية والتشريعية والوجودية ببعديها المجرد في الأنساق الرمزية، والمطبق في التعيينات المؤسسة وفي أفعال البشر، موضوعاً له، لكون الفكر الفلسفي ليس مجرد تأمل شخصي في التجربة الذاتية الغفل التي هي من جنس حكم شعراء الجاهلية، بل هو بالأساس قول ما بعد يتأمل ممارسات نظرية وعلمية راقية لا تكون في متناول الفرد إلا بوصفها حصيلة تراكم حضاري تليد. ويعني ذلك ان الفكر الفلسفي ليس قابلاً للفصل عن شروط وجود هذه الممارسات الموضوع الذي هو ما بعد إضافة اليها التي لا يمكن ان توجد الا في حضارات ذات مقومات حقيقية من علاماتها الدور التاريخي الكوني المتحقق فعلاً أو الذي ما يزال في شكل طموح مستقبلي أو الذي يجمع الشكلين كما هو الشأن بالنسبة الى الحضارة العربية الإسلامية ذات الدور التاريخي الكوني سابقاً والتي تطمح لاستئناف القيام به مستقبلاً ولكن السؤال الذي يفرض نفسه أمام محاولة المرزوقي هذه هو: ألا يحول واقع العجز العربي من دون تأسيس محتمل لفلسفة عربية متميزة؟ يرى المرزوقي ان الدور الكوني الذي يمكن ان ننسبه الى العرب والمسلمين في استئناف حضورهم التاريخي والمشاركة في استعادة التوازن العالمي واشتراط هذين الأمرين في نشأة فكر فلسفي عربي ومتميز وكل ذلك أمور يؤكدها التاريخ الماضي في شكل الوعي وبمضمون الممارسة في المجالات القيمية حيث بلغ العمل الفعلي درجة العودة على الذات، عودة تجعله ما بعد نظري ويرجع المرزوقي أسباب الحؤول دون علاج ما حصل بنيوياً في الفكرين الفلسفي والديني، الى تاريخ العلاقة المتوترة بين الفكر الفلسفي والفكر الديني عندنا، فالعلاقة المتوترة بينهما لم تمكن من تحليل فكر النهضتين الأولى والثانية نهضتنا في العصر الوسيط والحالية تحليلاً فلسفياً يتضمن الأبعاد الميتافيزيقية التي يظنها من لا يدرك معناها ابتعاداً عن الواقع وترفاً فكرياً في حين انها جوهر الوجود التاريخي العظيم من الحضارات، بل وسر كل ادراك عقلاني فلسفة ووجداني دين للوجود بإطلاق والغريب ان ما يسود في النهضة الحالية هو عينه ما ساد في النهضة السابقة حتى وان انعكست العلاقة. فقد كانت القاعدة هي رفض الفكر الفلسفي باسم الفكر الديني. فصارت القاعدة رفض الفكر الديني باسم الفكر الفلسفي. والأمر واحد عند المرزوقي، لأن المرفوض والرافض من الفكرين ليس فكراً ما دام يستثنى الأمر الذي يكون به الفكر فكراً، ويعني المرزوقي بذلك ذروة الفكر التي تتحقق فيها ذاته: فالفكر الفلسفي فكر لكونه في ذروته سؤال ديني والفكر الديني فكر لكونه في ذروته سؤال فلسفي. وإذا كان سلطان المتدينين أدى وسيطاً الى اطلاق التشافي بين الدين وعلومه والدنيا وعلومها، فابتدعوا التنافي بين الوحي والعقل، فإن العلمانيين لم يكونوا أصلح حالاً منهم، إذ انهم عادوا الى التنافي عينه، ولكن في الاتجاه المقابل. فعوض اهمال الدين وعلومه في مشروع نهضتنا الثاني اهمال الدنيا وعلومها في مشروع نهضتنا الأول. ولهذه العلة سيطر على علمانيينا حصر العلوم النظرية والعلوم العملية علوم التاريخ خصوصاً في وظائفها النفعية الوضعية فصار تصور التاريخ وعلومه ماركسياً في المعنى الكلاسيكي أو المجدد بالضرورة صريحاً كان ذلك الموقف أو ضمنياً وصار تصور الطبيعة وعلومها كونياً بالمعنى الكلاسيكي أو المجدد بالضرورة صريحاً كان ذلك الموقف أم ضمنياً وتحولت عقيدة العلم النظري والعلم العملي من ثم الى بديل من العلوم. ويعني المرزوقي بذلك، ايديولوجيا تزعم نفسها فلسفة في العلم والعمل زعماً صيرها عند نحبنا بديلاً يغنيهم عن العلم والعمل الحقيقيين اللذين ينافيان بالطبع الموقف الوضعي في النظر والعمل على حد سواء فيذكران من ثم بما يتجاوزهما أعني بالسنام الذي يلتقي عنده الفرقان العقل والوجدان الوحي وقد أدى هذا الموقف العلماني الى قتل الفلسفة والعلوم العقلية مع الدين والعلوم النقلية مثلما أدى الموقف الأصلاني الى قتل الدين والعلوم النقلية مع الفلسفة والعلوم العقلية. ذلك ان نفي الدينا وعلومها يؤدي ضرورة الى قتل الدين وعلومه عند الاصلابي وقتل الدين وعلومه يؤدي الى قتل الدنيا وعلومها عند العلماني، وذلك بمقتضى التضايف المطلق بين الأمرين. وإذا كان المرزوقي ينظر بإعجاب وإكبار الى تجربة ابن تيمية وابن خلدون في الفكر النهضوي ويرى انهما كانتا بمثابة الثورة المعرفية على ما كان مسيطراً على الفكر العربي الإسلامي خصوصاً والإنساني عموماً، فإننا نراه يحمل وبشدة على التجارب التي أتت بعدهما ومنها تجارب العصر الحاضر، إذ لا وجود لمتفلسف عربي حديث واحد يدعي تقديم المشاريع له من العلم بعلم عصرهما ما لهما بعلم عصرهما فضلاً عما تميز به من ذكاء تضرب به الأمثال، ومن ممارسة لمشكلات عصرهم لا تضاهيها ممارسة المثقفين المتحزبين وغير المؤمنيين بقيم المعرفة والعلم بين المتكلمين الحاليين باسم الإصلاح والتحديث كما أنه لا يمكن لأحد ان ينكر ان فكر النهضة، على الأقل في بداياته، قد انطلق من فكرهما، ولم يتمكن من تجاوزهما الى حد الآن تجاوز من يقتصر على وضع الموضات الفكرية عديمة العلاقة بموضوعها وبالحال التي هو عليها، ولعل أقوى الأدلة على صحة النظرية المرزوقية هذه هو العجز العجيب على فهم ما يجري في مجتمعاتنا التي صارت مبهمة ومعتمة لكأنها خارج كل سنن التاريخ الإنساني، مما جعل الفكر العربي المعاصر مقصوراً على القول الإنشائي وعاجزاً أمام الأحداث التي لا يستطيع لها تفسيراً. ان مجتمعاتنا العربية - الإسلامية ما تزال مخضرمة وهي أقرب الى الوصف الخلدوني والتيمي منها الى أوهام المنظرين المحدثين الذين هم فضلاً عن ذلك لا يستعملون العلم الحديث بل مجرد كليشهات علموية لا تسمن ولا تغني، كما ان ابن تيمية وابن خلدون أكثر معاصرة لمجتمعاتنا، من المفكرين الذين يتكلمون في عموميات الاجتماع الصحافية ومتبدلات الفلسفة الشعبية ظناً منهم ان النظريات التي تفسر الأحداث التاريخية والاجتماعية مطلقة الدلالة وليست رهينة معاصرتها لما هي نظريات له. طرح المرزوقي هذا ودعوته للعودة الى الفكر الخلدوني والتيمي والإفادة منها في تأسيس فلسفة عربية معاصرة ومشروع نهضوي لا تعجب محاوره طيب تيزيني الذي يحمل على دعوته هذه حملة لا هوادة فيها، واصفاً كلامه هذا بالهجوم العقيدي الايديولوجي على كل ما ظهر من أفكار ورؤى ومشاريع فلسفية عربيين، ليصل من وراء ذلك الى ضرورة احداث قطيعة ابيستيمولوجية - مطلقة مع هذا كله، معلناً على نحو ضمني - كما أعلن الجابري في حينه - ان ما يقدمه في بحثه المعني هنا يحمل تباشير الحل العلمي ثم ان سعي المرزوقي نحو بعث الفلسفة العربية - ومن خلال تعريفه لها - ما هو في حقيقته إلا تأسيس لانتهاك الخصوصية النسبية التي تمتلكها الفلسفة، كما انه ارتكب خطأً منطقياً ومنهجاً فادحاً، حين ألغى الحدود المنهجية والنظرية القائمة بين النسقين الديني والفلسفي. فهو يرى كأن الفكر الفلسفي فكر لكونه في ذروته سؤال ديني، والفكر الديني فكر لكونه في ذروته سؤال فلسفي فإذا كانت الفلسفة غير مضادة للدين تحترمه وتقربه نسقاً ذهنياً ذا خصوصية معنية، فإنها مع ذلك أمر آخر مختلف، بقدر ما هو مختلف عنها، وإلا فلتفكك الحدود بين الأنساق المعرفية كلها، لنجد أنفسنا أمام مصطلح الحكيم الموسوعي الذي ينطوي على ما يعرفه وما لا يعرفه. وليست ثنائية الدين والفلسفة في بحث المرزوقي هي وحدها التي تثير انزعاج تيزيني، بل ان ثنائية علوم النقل وعلوم العقل التي يوردها في بحثه تدل على الموقف التلفيقي عنده بمزيد من الوضوح، ويتساءل تيزيني: لماذا الإلحاح على الأخذ بهذه الثنائيات؟ فإذا كانت مرجعية النقل تتمثل في مطلق لا يتغير بذاته، بقدر ما تتغير قراءاته، فإن مرجعية العقل تتمثل في متغير يتغير بذاته، بقدر ما تتغير بتجلياته. ثم، ما الهدف من تكسير السياقات والخصوصيات، التي تمتلكها المصطلحات والمفهومات. كأن نقول علوم النقل؟ بل ان السؤال الأكثر أهمية وحسماً، على الصعيد الابيستيمولوجي التأسيسي، لعله ان يكون الآتي: هل يحتاج النقل ما يسوغه من خارجه، وكذلك العقل، والدين، الفلسفة؟ ان ما قدمه أبو يعرب ما هو إلا تعقيل الدين وتديين العقلي بصيغة الفلسفة والدين. وهذا النمط يتحول الى أحجية، مثل ابن رشد من القرن الثاني عشر، ولم يتمكن المرزوقي من تفكيك البنية السوسيو ثقافية لحدث محنة ابن رشد، فقرأه من فوق مفرّطاً - بذلك - بما قد تمده تلك البنية من أدلة على ذلك. وفي اطار الانتقاد اللاذع الذي يوجهه تيزيني للخطاب الإسلامي يرى ان هذا الخطاب جاء ليلحف على أهمية العقل والعلم في الحياة الانسانية من حيث الأساس، وعلى صعيد الخيار الديني الاعتقادي بكيفية مخصصة وهو إذ يقول هذا انما يقوله: بغض النظر عن أنه أي الخطاب ينظر الى الدين الإسلامي والعقل والعلم ضمن علاقة داخلية تقوم على التوازن بينهم، ويظهر ذلك، تحديداً، في واحدة من القراءات المتعددة المحتملة للنص الديني الأساسي هي القراءة العقلية. وتيزيني إذ يرى هذا الرأي، فإنما هو دون القول بإمكان ان يستنبط من مفهوم العقل في الخطاب المعني أكثر من كونه دالاً على صفة التعقل في شؤون الكون وعلى ارتباطه بمبدعه أو خالقه. ان الانتاج الفلسفي العربي - الإسلامي لم يظهر الى النور بعيداً من الملاحقة بنحو من الأنحاء المتنوعة، من قبل واحد من أطراف الثلاثي، السلطة السياسية، والسلطة الدينية الايديولوجية، ممثلة بفئة الفقهاء، وجمهور السواد من المؤمنين، أو من قبل هؤلاء جميعاً، ويستمر هذا في التاريخ العربي اللاحق، بما في ذلك المرحلة العربية المعاصرة، مع التشديد على أن هذه الاستمرارية ظلت مشروطة بالخصوصيات المتنوعة سطحاً وعمقاً والتي حددت كلاً من مراحل ذلك التاريخ، بحيث نجد أنفسنا أمام جدلية الاتصال والانفصال، الاتصال انفصالاً، والانفصال اتصالاً. وإذا أراد المرء أن يضبط حديثه في ضوء هذا الكلام ضمن معطيات الفكر العربي المعاصر،. فإنه يلاحظ ان هناك من منتجي الفكر الفلسفي من يوظف ثنائية الماضي العربي الإسلامي وحاضر ما ينتجونه فلسفياً، عبر الاحتكام الى مسألة الأصالة والمعاصرة، سواء كان ذلك ميكانيكاً لا تاريخياً، أو جدلياً تاريخياً. وهم، في هذا، يسعون الى التعامل مع الماضي المعني بواحدة من الصيغتين الرئيسيتين الآتيتين: 1 - الأولى تقوم على العودة اليه، من حيث هو. 2 - أما لثانية فتفصح عن نفسها بالعمل على استعادته، من حيث الوضعية العربية المعاصرة المشخصة. وبذلك، تتضح الأولى بإلحافها على الرماد في حين تبحث الثانية عن الوهج. وينتقد تيزيني ما يجب ان نسميه بالترعة العلموية من الفلسفة، تلك النزعة ذات الحضور العربي الراهن الذي يجعل منها تياراً ايديولوجياً أو ما يقترب منه في الأوساط الفلسفية. وفي المقابل، يلاحظ انها تلتقي مع آراء مجموعات كبيرة من العاملين العرب في قطاع العلم، الذين يرون في الفلسفة ترفاً فكرياً أو ربما زيفاً ايديولوجياً مضراً، ما يجعلهم لا يرون مانعاً من اغلاق أقسام الفلسفة في الجامعات والمعاهد العربية، والوضع المعني يقدم أدلة محددة وواقعية على ذلك في بعض البلدان العربية. الى ذلك، تظهر الفلسفة في أوساط فلسفية عربية بمثابة فلسفة اللغة، التي تقوم وظيفتها على البحث في لغة العلوم، في تدقيقها وضبطها وتحليلها. ومن ثم، فهي فلسفة من دون موضوعاتها التي تجعل منها ما هي عليه، أي دون الموضوعات الانطولوجية والمعرفية والقيمية وغيرها. وبحسب ما تيزيني فإن الفلسفة تدخل في واقع الفكر العربي الراهن في أزمة عميقة تكاد ان تكون وصلت الى نفق مسدود. فالتبشير بتغيير الواقع العربي عبر التمكين للفلسفة - في عقلانيتها وتاريخيتها وحداثتها وتنويرها - ضمن الجمهور العربي الواسع، وخصوصاً ضمن الفئات والطبقات التي تعيش على حد السيف، أصيب بإحباط هائل. ويجري ذلك خصوصاً بالتساوق مع ما اعتبر نهاية للفلسفة المادية الجدلية، وبداية لفلسفات ما بعد الحداثة والتفكيكية، وابتلاعاً للإرهاصات الفلسفية منذ عصر النهضة في القرن التاسع عشر حتى الآن. وبذلك، تبرز أزمة الفلسفة في شقين أساسيين لها: المعرفي والايديولوجي" المعرفي، بمعنى استنفاد القضايا الفلسفية التقليدية التي اكتسبتها في تاريخها الطويل، بكل الشرعية والجدارة، التي ان انتزعت منها، تفقد نسيجاً أو ربما النسيج الحاسم في بنيتها التاريخية، أو ما يمثل خصوصيتها الفلسفية، أو ما صار خصوصيتها، المفتوحة على كل حال، والايديولوجية، بمعنى ما تنطوي عليه الفلسفة من دلالات ومواقف مجتمعية، ومن ثم باعتبار ما تنيط هي بنفسها من وظائف مجتمعية محددة. وإذ كان تيزيني يرى ان جهود بعض المفكرين العرب من أمثال زكي نجيب محمود والجابري وأمين العالم وحنفي وعبدالرحمن بدوي، تمكنت من ادخال الفلسفة في أوساط واسعة من المجتمع العربي فإنه يؤمن انها مع ذلك، ظلت - عموماً وإجمالاً - عاجزة عن ان تحفز على الانتاج الفلسفي المحلي بمستويات متقدمة في العمق ومتوهجة وذات تأثير شمولي. وقبل ان ينهي تيزيني ورقته يلفت الأنظار الى انه لا بد من الانطلاق من عدد من القضايا والمسائل والمعضلات التي لا سبيل الى تحاشيها في سبيل التأسيس لفلسفة عربية معاصرة متقدمة، نظراً لكونها حاسمة في ضبط نشوء فكر فلسفي وتحفيزه، والإفصاح عن نفسه بانبساط وتميز واستمرارية ذات بعد تاريخي تراكمي. ولعلها تبرز مجسدة بهذه التالية منها - مسألة الحرية: ويعني بها حرية الانتاج الفلسفي المبدع، وكل انتاج ثقافي وأدبي وفني، وجمالي وغيره، بعيداً من الإكراهات المتحررة في الأطر السياسية والمجتمعية، بما فيها المؤسسات والأحزاب ذات الرؤية الظلامية المنطلقة من المصادرة على مفهوم التعددية في كل الحقول. - مسألة الذاتية: التي تمثل مبدأ بنيوياً من مبادئ الفلسفة والحرية كلتيهما، على حد سواء. - مسألة الديموقراطية: التي تبزز بمثابتها مدخلاً الى الفلسفة وناتجاً متجدداً منها، وداعياً لإعادة انتاجها. - مسألة الحقيقة: وهي مشكلة معقدة وذات رهافة بالغة في الفكر العربي المعاصر، بل في الوضعية العربية المعاصرة برمتها. - مسألة الفلسفة والايديولوجيا. - مسألة العلاقة بين الدين والفلسفة التي يراها واحدة من أكثر الاشكاليات النظرية حساسية وتعقيداً، منذ بدايات التاريخ الإسلامي وحتى عصرنا الراهن. فالاحترام المتبادل والندية التنافسية والتسامح العميق في العلاقة بين الطرفين المذكورين، وكذلك بينهما وبين كل الأنساق النظرية والثقافية والايديولوجية العامة ضمن الواقع العربي المعاصر، باحتمالاته وميوله النهضوية التقدمية، ان ذلك مجتمعاً هو الطريق الى اثمارهما واخصابهما. وأخيراً مسألة النهضة والتنوير العربي، بمثابتها الحامل النظري والسوسيو سياسي للمشروع الفلسفي العربي المعاصر، في حين يجد مشروع النهضة والتنوير هذا في الأمة العربية حاملها الاجتماعي التاريخي. ان ما طرحه المتحاوران وعلى رغم الخلاف في الآراء يعد خطوة أولى في طريق التأسيس لفلسفة عربية معاصرة، نحن بأمس الحاجة اليها في عصر الاختلافات والافتراقات العربية الكبرى، فهل يسعى المفكرون العرب الى ترسيخ ذلك أم أن الخطاب الهجومي والتخويني سيظل هو الغالب على خطاب المفكرين العرب؟