يركز كتاب آل فرانكين بعنوان "أكاذيب والكذابون الذين يقولونها" على مسألة الاعلام الاميركي "اليميني" وكيف يختلق الاكاذيب ويقدمها للجمهور على انها حقائق مطلقة. الكتاب ليس جديداً، بل صدر للمرة الاولى في العام 2003 ولكنه بلغ أعلى مبيعاته في الولاياتالمتحدة عشية الانتخابات الرئاسية، عندما اتخذت قيم الخير والشر منحى جديداً. ولا يكتفي الكتاب بتسليط الضوء على اكاذيب وسائل الاعلام والعاملين فيها، بل يتطرق الى رجال السياسة الذين يصوغون عمل هؤلاء الاعلاميين ويبررون اكاذيبهم. ويسأل الكاتب في فصل خاص "ما هي الكذبة"، فيخلص الى انها ليست فقط عدم قول الحقيقة، ولكن عدم قولها كاملة. وبالتالي، فإن اتهام احدهم بالكذب امر خطر للغاية. الا ان ذلك لا يمنعه من الاعلان ان الرئيس الاميركي جورج بوش كذاب من الدرجة الاولى. وفي الواقع، فإن بحثاً صغيراً على الانترنت حول الكذب والكذابين يضع بوش في المرتبة الاولى مع صور تظهر أنفه طويلاً لدرجة يلامس وجه وزير الخارجية كولن باول الواقف قربه، يليه في المرتبة الثانية وزير الاعلام العراقي السابق محمد الصحّاف. وقبيل الحرب على العراق، اطلق البريطانيون اسم "بلاير" على رئيس وزرائهم توني بلير، في لعب على الكلام يشير الى انه "لاير" اي كذاب! وبعيداً من السياسة حيث للكذب تبعات كارثية، يقول الانسان يومياً اكاذيب يسميها "بيضاء" ليخلص نفسه من ورطة، او مأزق، او لمجرد الحرص على خصوصية ما. هي اكاذيب لا تضر أحداً ولكنها تفيد صاحبها! ويكتشف الانسان الكذب في سني مراهقته الاولى عندما يصبح لديه عالم خاص، يحرص على اخفائه عن الآخرين. وهؤلاء الآخرون غالباً ما يكونون الاهل لأنهم في هذا العمر يلعبون دور الرقيب بامتياز. وفي بعض الاحيان، يكذب الشاب او الشابة لشعور ضمني بالتذاكي على من يقع تحت وطأة كذبته، دونما حاجة فعلية الى ذلك. فكم من مرة قلنا لأهلينا اننا ذاهبون لزيارة الصديقة الفلانية فنزور اخرى! وفي هذا العمر بالذات، ينظر اعضاء الشلة الى "الكذاب" بينهم نظرة اعجاب واحترام. فهو ذلك الذكي المشاغب الذي لا يمكن احداً مهما بلغت فيه التجارب ان يكتشف ألاعيبه. ويأتي هذا الموقف الايجابي من الكذب كرد فعل على مواقف سلبية حاول الاهل والمجتمع زرعها خلال سني الطفولة. فلطالما ردد البالغون على مسامع الصغار ان الكذب عيب وحرام. ولا ننسى الحكايات بل التهديدات ان من يكذب، يحترق سرواله الداخلي خلال نومه، او يطول أنفه الى ما لا نهاية مثل الدمية "بينوكيو"، وبالتالي لا يمكن الا ان ينكشف امره في النهاية. كل هذا الترغيب او التهديد لم يحل دون اعتماد الكذب بعد عمر معين للدلالة على "الشطارة" حيناً والدلال احياناً كما تقول اغنية "حلو وكداب" لعبدالحليم حافظ. ويعتنق بعض الشباب مبدأ "الكذبة مش خطية" الذي اطلقته فيروز، فلا يتورعون عن الدخول في متاهات غالباً ما يخرجون منها بخسائر كبيرة. وبين الكذب البريء المسلي والكذب المضر، جال ملحق "شباب" على عدد من الحالات التي اعترف اصحابها بأنهم يفضلون الكذب على قول الحقيقة لأنه اسهل. او مثلاً منهم من يدعي انه يقول لحبيبته كل شيء... تقريباً. هذا التقريب يبعده من الكذب من دون ان يقربه من الحقيقة. وفي مطلق الاحوال يتبين ان الكذب عادة سيئة ولكنها في الوقت نفسه شر لا بد منه!