أكد «حزب الاستقلال» المغربي بزعامة رئيس الحكومة عباس الفاسي التزامه مشروع الموازنة المالية للعام المقبل، موضحاً أن كل مكونات الائتلاف الحكومي وافقت عليه. واعتبرت مصادر حزبية الموقف بمثابة رد على الأنباء التي سادت حول تصدع الائتلاف الحكومي وتباين في وجهات النظر حول مرجعيات الموازنة المالية، خصوصاً ما يطاول فرض ضرائب على الأثرياء ورفض بعض الأطراف الحكومية تحمل المسؤولية إزاء تداعيات ذلك عشية الاستحقاقات الانتخابية. وربطت المصادر بين تزايد الجدال حول خلفيات استرداد وثائق الموازنة وأنواع الصراعات داخل حكومة الفاسي، إذ ساد اعتقاد بأن حزب «تجمع الأحرار» الذي يقوده وزير المال صلاح الدين مزوار لا يريد للإجراءات التقشفية أن تسيء إلى علاقاته مع مكونات رأس المال المغربي والقطاع الخاص. ورأت مصادر «الاستقلال» أمس أن حصول تردد في مواقف بعض الأحزاب، من دون تسميتها، تسبب في إرجاء مصادقة البرلمان في دورته الطارئة على القوانين الانتخابية، ما أدى إلى عدم إدراج مسودة الموازنة في اجتماعات البرلمان. وكشفت أن نقاشاً ساد الائتلاف الحكومي حول إمكان إقرار موازنة مالية من طرف الحكومة الحالية يلزم الجهاز التنفيذي لما بعد الانتخابات أو الاكتفاء بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل الحكومة المقبلة. لكن اتفاقاً جرى لناحية مواصلة الحكومة أعمالها في كل المجالات، وأكدت مصادر «الاستقلال» أن الأولوية يجب أن تمنح لإقرار القوانين الانتخابية. لكنها عابت على بعض الأحزاب تراجعها عن خطة وفاقية في المصادقة على تلك القوانين، ما حتم العودة إلى نقطة الصفر. غير أن اللجوء إلى تشكيل لجنة وزارية لمعاودة درس تفاصيل الموازنة المالية يشير الى وجود خلافات ذات طابع سياسي، وإن كان من المرجح أن رئيس الحكومة لا يريد لخطوة استرداد وثائق الموازنة أن تحسب في عداد سلبيات حكومته كونها المرة الأولى التي يسحب فيها مشروع قانون بعد عرضه على البرلمان. وفيما تدرس لجنة وزارية سبل الخروج من المأزق الراهن لناحية إعادة طرح مشروع الموازنة أو الاكتفاء بإجراءات انتقالية إلى حين تشكيل الحكومة المقبلة، توقعت المصادر أن تكون لهذه التطورات تداعيات على أكثر من مستوى. فمن جهة، ستكون حكومة الفاسي مضطرة لتأكيد انسجامها ما يفرض دعم مشروع الموازنة المالية حتى لو حدثت خلافات حول بعض تفاصيلها. وقد يفيد «تجمع الأحرار» من هذا الوضع بعد أن بدا وكأنه يغرد خارج سرب الائتلاف الحكومي الراهن بعد تحالفه وأحزاب معارضة. ومن جهة ثانية، في حال ترحيل المشروع إلى الحكومة المقبلة، فإنه قد يشكل عبئاً على أحزاب الائتلاف الحكومي خلال المنافسات الانتخابية، كونها بدت أقل تحملاً لمسؤولياتها الدستورية في ظل الاختصاصات الواسعة النطاق التي أقرها الدستور الجديد. ويعزو مراقبون الارتباك الحاصل إلى تباين المواقف السياسية، وإن كان مرجحاً أن الجدال الدائر حول الموازنة والقوانين الانتخابية ليس منفصلاً عن انطلاق موسم السباق الانتخابي في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.