توقعت مصادر رسمية أن تعقد الحكومة المغربية المنتهية ولايتها بقيادة عباس الفاسي آخر اجتماع لها في وقت لاحق بهدف التصديق على مرسوم التدبير المالي للقطاعات الحكومية بعد تعذر إقرار موازنة 2012 التي أثارت جدلاً واسع النطاق قبل الانتخابات الاشتراعية الشهر الماضي. وأضافت المصادر أن الوزراء المدعوين إلى الاجتماع لا ينسحب عليهم حال التنافي بين المسؤولية النيابية والحكومية، في إشارة إلى القانون الذي يحظر الجمع بين المسؤوليات الاشتراعية والتنفيذية في آن واحد. وما زالت تداعيات انتخاب وزير التجهيز السابق كريم غلاب رئيساً لمجلس النواب الأسبوع الماضي تلقي بظلالها على الجدل الدائر بين المعارضة والموالاة في ضوء تمسك الاتحاد الاشتراكي المعارض بموقفه الذي كشف عن حال التنافي، وإن كان الوزير غلاب قدم استقالته من الحكومة. وتحدثت مصادر في الغالبية النيابية التي تدعم زعيم «العدالة والتنمية» عبدالإله بن كيران عن خلافات حول المرشح لوزارة التجهيز على خلفية إصرار حزب الاستقلال على الاستئثار بهذا القطاع. وجاء تصديق حكومة تصريف الأعمال على اعتماد الموارد المالية في تسيير القطاعات بعد صعوبات حالت دون إجازة الموازنة المالية التي كان أعدها الوزير صلاح الدين مزوار رئيس تجمع الأحرار، ما يعني أن المهمة الأولى لحكومة رئيس الوزراء عبدالإله بن كيران بعد الإعلان عن تشكيلها المقرر مبدئياً قبل نهاية العام الجاري وحيازتها ثقة الغالبية ستركز على إعداد مشروع الموازنة المالية في فترة تتسم بمزيد من الضغوط والإكراهات. وسبق لحزب «العدالة والتنمية» في برنامجه الانتخابي أن قدّم تعهداته لجهة رفع الحد الأدنى للأجور وكذلك نسبة النمو. لكن الوعود أُطلقت قبل اندلاع الأزمة الراهنة بين المغرب والاتحاد الأوروبي على خلفية تعليق العمل باتفاق الصيد الساحلي. بيد أن الموقف الذي اتخذه الرئيس الأميركي باراك أوباما لناحية منح المغرب مساعدات اقتصادية ومالية، في إطار القانون الضريبي لعام 2012، خلّف ارتياحاً كبيراً كونه أقر للمرة الأولى بأن تشمل الإفادة من تلك المساعدات ذات الطابع الإنمائي كل أرجاء البلاد وفي مقدمها المحافظات الصحراوية، ما اعتبره بعض الأوساط دعماً مباشراً للمغرب لا يتماشى وموقف البرلمان الأوروبي في ملف الصيد الساحلي. وقالت المصادر إن رئيس الحكومة المعيّن تلقى ضوءاً أخضر لإقرار خطة جديدة في هيكلة الحكومة تشمل بعض القطاعات المتضاربة. وبدا، في غضون ذلك، أن الحزب الإسلامي الذي اختار منهجية الاقتراع في تقديم مرشحيه للمناصب الوزارية نأى بنفسه بعيداً عن تداعيات الصراعات على المواقع. غير أن مصادر الاستقلال الذي يبدو أنه لا ينظر بارتياح إلى القطاعات التي أسندت إليه، قللت من أهمية هذه الخلافات ومدى انعكاسها على انسجام الفريق الحكومي الذي سيضم شخصيات من أحزاب الائتلاف الأربعة - العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية. وفي سياق متصل بإكراهات الفريق الحكومي المقبل، حرصت «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية على تنظيم تظاهرات في مدن عدة في أول امتحان عرض القوة بعد انسحاب «جماعة العدل والإحسان» من الحركة الاحتجاجية. وقال شهود عيان إن شباب الحركة حافظوا على زخم الاحتجاج لإبلاغ أكثر من رسالة تفيد بأن الحركة لم تتأثر بنزع رداء «جماعة العدل والإحسان» التي شكّلت سنداً شعبياً رئيسياً في تظاهرات الشارع. وتوزعت شعارات الحركة بين المطالبة بشن الحرب على الفساد وانتقاد الممارسات السياسية التي تصفها ب «غير الديموقراطية». كما ارتفعت أصوات ضد الحكومة المرتقبة، وإن كان زعيم «العدالة والتنمية» أعلن في وقت سابق عزمه فتح حوار مع مكوّنات الحركة الاحتجاجية وحملة الشهادات الجامعية العاطلين من العمل. وتواجه حكومة بن كيران معارضة متعددة الأطراف، تشمل الاتحاد الاشتراكي وكذلك تجمع الأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، من دون حدوث اتفاق أو تنسيق في مجالات المعارضة البرلمانية، إضافة إلى تظاهرات «حركة 20 فبراير» ومطالب المركزيات النقابية التي تلح على تنفيذ خلاصات الحوار الاجتماعي وتحديداً في رفع الأجور والتعويضات.