يرى خبراء عسكريون ان القوات الأميركية البالغ قوامها 140 ألف جندي في العراق تخوض أكثر حروب العصابات تعقيداً في تاريخها في مواجهة فصائل المليشيات العراقية التي لا تزال تفتقد القيادة الموحدة. ولا تتفق الا على هدف طرد الأميركيين. وفي هذا السياق، قال الخبير في مكافحة المقاومة، وكان مستشارا للحملة الأميركية على العراق، بروس هوفمان، إن الوضع أكثر تعقيداً وتحدياً من أي حركة مقاومة أخرى واجهها الجيش الأمريكي. لا سيما أنها لا تناضل من أجل ثورة بقدر ما تسعى لزعزعة الحكومة العراقية التي تدعمها الولاياتالمتحدة موجهة اليها الضربة تلو الضربة ونقلت شبكة "سي ان ان" عن هوفمان وبعض الخبراء المستقلين أن المقاومة العراقية تحرز نجاحاً ملحوظاً، تعكسه أرقام القتلى ومناخ الرعب الذي خلقته وتسبب في وأد جهود إعادة البناء التي تقودها الولاياتالمتحدة. وعبّر أحد قيادات المقاومة العراقية في الفلوجة،معرفاً نفسه ب" أبو طاهر" وهو عقيد سابق في الجيش العراقي المنحل، عن ذلك بقوله "نريد من كل كلب أميركي مغادرة البلاد". يرى الخبراء إن الجيش الأميركي يواجه مقاومة معقدة في العراق وثمة من يكاد يجمع على ان هذا هو الهدف الذي يتفق عليه ما يزيد عن 20 ألفاً من عناصرها ووصفها ب"المقاومة المركبة" وقسمها إلى أربعة تكتلات، لكل منها استراتيجياتها وأهدافها المختلفة. ومضى أبو طاهر قائلاً: "ينضم إلينا يومياً المزيد من المتطوعين الذين ضاقوا ذرعاً بالتصرفات الأميركية، وهم يشعرون إنه واجب وطني وديني". وحدد الجيش الأميركي أهداف تلك الفصائل في أربع غايات أهمها: استعادة السيادة الوطنية، التي يرى الساعون لاستردادها، وهم السواد الأعظم من عناصر المقاومة، أنها فُقدت مع سقوط صدام حسين. وصنف الفئة الثانية بالمقاتلين المتشددين الذين يشكلون تحالفاً مع تنظيمات إرهابية أهمها تلك التي يقودها الأردني المطارد أبو مصعب الزرقاوي. وتعتقد القوات الأميركية بأن تلك الفئة، واعدادها في تزايد مطرد، تهدف لتحويل العراق إلى أحد معاقل العداء للغرب، وتتخذه كمركز انطلاق لتصدير الثورة الإسلامية إلى دول أخرى في المنطقة. أما المجموعة الثالثة، وبحسب التصنيف الأميركي، فهم من العراقيين المحافظين الساعين لإقامة حكومة إسلامية، من دون اللجوء للتكتيك المتبع من عمليات دموية وتفجيرات وإعدامات. أما المجموعة الرابعة والأخيرة، وهي مليشيات "جيش المهدي" الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، فهي أكثر فصائل المقاومة العراقية تنظيماً. ويسّلم غالبية قادة الجيش الأميركي بصعوبة الوضع في العراق، فيما ترى قياداته ان استراتيجية واشنطن تركز على تعزيز سيطرة الحكومة العراقية وخوض المواجهات العسكرية عند الضرورة القصوى فقط. وفي هذا الصدد قال جنرال أميركي في مناقشة خاصة حول العراق إن "التاريخ متخم بالمقاومات التي فشلت" غير أنه لربما سقط من ذاكرته أن التاريخ ينضح كذلك بقصص انتصارات مشرّفة، منها حرب العصابات التي واجهها الجيش الأميركي في فيتنام والتي انتهت بخروجه عام 1973، فضلاً عن المقاومة الأفغانية التي أحرجت جبروت الآلة العسكرية الروسية.