تعتبر المعامل وورش الصيانة الخاصة بالخراطة، التي تعد بالالاف وتتوزع في المناطق الصناعية في بغداد وشارع الشيخ عمر وسط المدينة بالتحديد وكذلك في المحافظات الاخرى، من القطاعات المهنية الواسعة في العراق التي اغلقت ظروف الحرب الاخيرة على العراق باب الرزق على اصحابها، وباتوا يقضون معظم اوقاتهم جالسين عند مداخل المعامل والورش من دون امل في عودة فترة الازدهار التي عاشوها في السابق. الحاج عبدالوهاب الشيخلي واحد من اصحاب هذه المعامل والورش، ويأتي يومياً الى العمل مع ولده المتزوج عسى ان يجد من يزورهما ويفلحا في الحصول على الرزق. ويقول الشيخلي ان فترة الكساد هذه كان لابد لها ان تحصل بعدما اتخذت قرارات واجراءات بعد الحرب من دون دراسة للنتائج المترتبة عليها، واهمها السماح للسلع المختلفة ان تدخل العراق من دون ضوابط ضريبية او جمركية. ويضيف أن هذا ادى الى حصول منافسة قوية في السوق المحلية، كان من نتائجها الاولى هبوط اسعار المنتوج المحلي وعدم قدرته على مواكبة المنتوج المستورد الذي تدفق على السوق ، ما دفع بأصحاب المعامل والمصانع الانتاجية الخاصة الى التلكؤ في تنفيذ ما هو مطلوب منها لمواجهة هذا التحول الذي طرأ على نشاط السوق العراقية. ويشير اسطة عبدالوهاب، الذي قضى 50 عاماً من عمره في ورشته واكتسب خبرة عالية في صيانة المعدات والمكائن الانتاجية، الى ان الافاً من معامل صنع المواد الغذائية ومستلزماتها والسلع المنزلية باتت عاجزة عن تصريف منتجاتها وبالتالي ظلت غير قادرة على تطوير خطوط الانتاج او الانفاق على صيانتها، وذلك لغموض مستقبل الوضع الاقتصادي السائد في العراق. ويقول ان اوضاع هذه المصانع والمعامل الانتاجية انعكست سلباً على الورش التي كانت تتولى صيانة خطوط الانتاج وتوفير البدائل للادوات الاحتياطية فيها وباستمرار من أجل تخطي اي مشاكل تعتري حركة الانتاج. وينحي عبدالوهاب وابنه هشام باللائمة على جملة من الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع الخراطة في العراق حالياً، وهو قطاع واسع ومبدع وكان له دوره المتميز في تسيير عملية الانتاج للمصانع والمعامل باستمرار، وفي مقدمها الانفلات الامني الذي لا يسمح بعمل هذه القطاعات سوى ساعات قليلة من اليوم وانقطاع الكهرباء الذي يحول دون استمرار تشغيل الورش في ما اذا اريد تشغيلها، واهم من كل ذلك الكساد الذي يشمل القطاع الصناعي الانتاجي والتوقف شبه التام لمعظم فروعه بسبب عزوف المواطن العراقي عن المنتوج العراقي غير القادر على منافسة المستورد من ناحية النوعية والسعر. ويضيف ان هذا القطاع كان يساهم وباستمرار في معالجة الحالات الناجمة عن تقادم المكائن والخطوط الانتاجية وندرة قطع الغيار، وذلك من خلال ما كان يوفره من البدائل المطلوبة. ويؤكد ان اتحاد الصناعات العراقي والجهات الاخرى ذات العلاقة مدعوة الان اكثر من اي وقت آخر لمعالجة هذه الظروف الصعبة التي تعيشها قطاعات مختلفة من الصناعات العراقية والتي ترتب عنها كساد يومي تعاني منه ورش الخراطة.