قررت الحكومة العراقية وقف استيراد السيارات الإيرانية والصينية ذات المواصفات الرديئة، محذرة وزارات التجارة والصناعة والمال والحكومات المحلية من الاستمرار في إغراق السوق بتلك السيارات. وجاء القرار بعد الكشف عن تورط سياسيين بارزين في صفقات استيراد السيارات من طهران، اعتبرها البعض الأكبر من نوعها في هذا المجال. وكان مجلس الوزراء قرر في آذار (مارس) 2010 حصر استيراد السيارات الحديثة بالشركة العامة للسيارات من الشركات المصنعة أو وكلائها الإقليميين مباشرة من دون الاعتماد على الشركات الوسيطة. وقررت وزارة التجارة في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2012 وقف استيراد السيارات الإيرانية، مشيرة إلى أن هذه السنة ستشهد استيراد السيارات من مصادر عالمية معروفة. ونظم العشرات من التجار ومعقبي معاملات دخول السيارات والمكائن إلى العراق عبر منفذ سفوان الحدودي جنوب البصرة تظاهرة احتجاجاً على تكدس بضاعتهم في المنفذ وفي دول الجوار منذ إِصدار قرار الحكومة الأخير والقاضي بجلب شهادة المنشأ من البلد المصنِّع. وشكا التجار تحملهم خسائر كبيرة نتيجة القرار مؤكدين أن تطبيقه لم يكن عادلاً إذ ما زالت وزارة التجارة والحكومات المحلية تستورد تلك السيارات. وأكدت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نورة السالم البجاري ل «الحياة» أن للبرلمان الحق بمحاسبة الحكومة لأنها أصدرت تعليمات وخرقتها في ما يتعلق باستيراد السيارات الإيرانية». وأشارت إلى أن «الجميع متفق على أن السيارات الإيرانية رديئة، وهناك جهات سياسية ساعدت على تمرير صفقة فاشلة كلفت الاقتصاد العراقي بلايين الدولارات على سيارات ساهمت في قتل آلاف العراقيين على الطرقات». وشددت البجاري على أن من حق المواطنين المتضررين من رداءة السيارات الإيرانية والصينية رفع دعاوى قضائية بحق الشركات والوزارات التي استوردتها، وتحديداً من الذين سُجل في أوراقهم وجود خلل في المركبة. وتوقعت إنفاق أكثر من 10 بلايين دولار سنوياً لاستيراد السيارات من مصادر مختلفة، واصفة ذلك بالهدر المالي الكبير الذي يضر بالاقتصاد. ولفتت مديرية المرور العامة في ورقة عمل قدمتها خلال ندوة مناقشة الزحام المروري في العاصمة نظمتها «جامعة بغداد» إلى أن «إحصاءات الحوادث المرورية في العراق هي الأخطر في العالم». وأوضح ممثل المديرية كريم غضبان أن «نسبة ضحايا حوادث السير خلال الفترة الماضية تجاوزت 2108 ضحايا لكل مئة حادث»، مشيراً إلى أن «عدد السيارات التي دخلت البلاد أخيراً تشكل 120 في المئة من السيارات الموجودة، وأن تجربة العراق في تنظيم السير والمرور تُعتبر تجربة خاصة بعد الأحداث التي واجهها عقب عام 2003». ورأى مدير إعلام المرور العامة نجم عبد الجبار أن «المعلومات الأولية تشير إلى أن 92,5 في المئة من الحوادث سببها عدم توافر مستلزمات الأمان في المركبة، واثنين في المئة بسبب غياب صيانة الطرق، 5,5 في المئة بسبب الظروف الجوية». وبيّن الخبير في مجال المنافذ الحدودية عن محافظة نينوى أرسلان سالم العباسي أن «البنك المركزي أكد أن العراق استورد عام 2004 سيارات مستخدمة بما قيمته ثمانية بلايين دولار، ما يكفي لبناء ثلاثة مصانع سيارات حديثة تحمل ماركة تويوتا العالمية». وأكد أن وزارتي التجارة والصناعة استوردتا سيارات إيرانية وصينية خلال خمس سنوات، متوقعاً أن يصل العدد المستورد إلى أكثر من مليون سيارة، يضاف إليها ما دُخل أيام التسيب التجاري واستيراد القطاع الخاص. ودعا الجهات الحكومية إلى إتباع سياسة بديلة بعقد شراكات مع شركات مصنِّعة لنقل خطوطها الإنتاجية إلى العراق والبدء بالإنتاج العراقي مثلما فعلت «رينو» الفرنسية.