ارتفع عدد شهداء المجزرة الإسرائيلية المتواصلة في شمال قطاع غزة، خصوصاً في مخيم جباليا للاجئين إلى 54 شهيداً، في أعقاب أربعة أيام من المواجهات القوية الدامية مع نحو 200 دبابة وآلية وجرافة عسكرية إسرائيلية على متنها مئات الجنود المدججين بأحدث الأسلحة، بما فيها تلك المحرمة دولياً. وقالت مصادر طبية فلسطينية إن عدد الشهداء بلغ أمس عشرة من بينهم اثنان من عناصر "كتاب عز الدين القسام" استشهدا في قصف صاروخي استهدف سيارة كانا يستقلانها مساء أمس في حي التفاح في مدينة غزة. وبذلك يصل مجموع الشهداء حتى مساء أمس إلى 54 منذ ليل الثلثاء - الأربعاء عندما اطلقت إسرائيل عملية "جني الثمار" رداً على سقوط الصواريخ المتواصل على بلدة سديروت داخل الخط الأخضر الواقعة شمال شرقي بلدة بيت حانون شمال القطاع. وبعد أربعة أيام على العملية التي حولت اسرائيل اسمها إلى "أيام الردود"، وصل عدد الجرحى إلى أكثر من 200 جريح، من بينهم 87 طفلاً. وأضافت المصادر الطبية ان من بين الجرحى 70 جريحاً يتلقون علاجاً طبياً في مستشفى الشفاء في مدينة غزة من بينهم 20 طفلاً. وأشارت إلى أن من بين الجرحى تسعة في حال حرجة جداً، وبالتعبير الفلسطيني "مشاريع شهداء" أو "شهداء مع وقف التنفيذ". في هذه الأثناء، استبسل المقاومون من مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن مخيم جباليا من خلال غرفة عمليات مشتركة، ومنعوا دبابات الاحتلال وآلياته من التقدم والتوغل في المخيم، بل وارغموا قوات الاحتلال في محور قريب من "بلوك 2" في المخيم على التراجع إلى الوراء والتمركز في ما يسمى الجبل الكاشف، وهو جبل مرتفع نسبياً عن المخيم ويقع إلى الشرق منه. ودارت مواجهات عنيفة أمس بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال، وان كانت بدرجة أخف من المعارك التي دارت يومي الجمعة والخميس الماضيين. وواصل المقاومون زرع عبوات ناسفة في طريق الدبابات والتصدي لقوات الاحتلال بقذائف "آر بي جي" وغيرها من القذائف والصواريخ. وكشف قائد ميداني في "كتائب الشهيد عزالدين القسام"، الجناح العسكري ل"حركة المقاومة الفلسطينية" حماس عن وجود صاروخ جديد أطلقت عليه الحرك اسم "ياسين" تيمناً بمؤسس الحركة الشهيد الشيخ أحمد ياسين. وهدد القائد الميداني في مؤتمر صحافي عقده في مسجد النور في المخيم أمس بقصف مدينة المجدل عسقلان التي يسميها الإسرائيليون "اشكلون" وتقع على بعد كيلومترات عدة إلى الشمال من القطاع، بالصواريخ. وتوعد القائد في المؤتمر الصحافي، الذي يعتبر الأول من نوعه لقادة ميدانيين في حركة "حماس"، بمواصلة تنفيذ العمليات العسكرية والاستشهادية داخل إسرائيل، وتلقين جنود الاحتلال درساً لن ينسوه. وفي بيان مشترك حمل عنوان "ايام الغضب بدأت وعلى العدو ان يحصي قتلاه"، أعلنت "كتائب القسام" و"كتائب شهداء الاقصى" الذراع العسكرية لحركة "فتح" مسؤوليتهما عن هجوم استشهادي على كيبوتس قرية تعاونية "كفار عزة" اي قرية غزة. واستشهد في الهجوم ثلاثة من "كتائب القسام" ورابع من "كتائب الاقصى" في اشتباك قالتا انه استمر نحو ثلاثة ساعات مع قوات الاحتلال. وأكدتا في البيان "وقوع عدد من الجنود الصهاينة بين قتيل وجريح فيما تكتم جيش الاحتلال الصهيوني عن خسائرة". وأعلنت الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة في بيانات منفصلة شن هجمات على قوات الاحتلال بالقذائف والصواريخ والعبوات الناسفة. ونعت سرايا القدس الذراع العسكرية ل"حركة الجهاد الاسلامي" ثلاثة من كوادرها بينهم قائد ميداني في سرايا القدس سقطوا بشظايا صاروخ اطلقته مروحية اسرائيلية من نوع "أباتشي" اميركية الصنع ليل الجمعة السبت في حل تل الزعتر شمال مخيم جباليا. كما اعتقل مقاومون فلسطينياً متعاوناً مع جهاز الامن العام الاسرائيلي "شاباك" يقوم بإبطال عبوات ناسفة مزروعة في طريق الآليات العسكرية الاسرائيلية، من خلال قطع الاسلاك الموصول احد طرفيها الى العبوة والطرف الآخر الى رجال المقاومة. وقال الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية "ابو عبير" في تصريح صحافي ان "العميل كان يقوم بإبطال العبوات من خلال قطع الاسلاك الموصلة اليها". واضاف ان "العميل كان في دائرة الشبهات منذ مدة طويلة، إذ رصدت المقاومة تحركاته الى ان ضبط متلبساً وهو يقوم بقطع الاسلاك الموصلة للعبوات". على الجانب الآخر، واصلت قوات الاحتلال احتلال المناطق الشرقية والشمالية من شمال القطاع حيث اخضعت بلدة بيت حانون كاملةً والجزء الشمالي الشرقي من بلدة لاهيا، والاجزاء الشرقية من مخيم وبلدة جباليا. وما تزال مياه الشرب والتيار الكهربائي مقطوعة عن تلك المناطق ومنعت قوات الاحتلال مندوبي اللجنة الدولية للصليب الاحمر من العمل في هذه المناطق، او سيارات الاسعاف من الوصول الى المرضى ونقلهم الى المستشفيات. وصدرت نداءات استغاثة عبر اذاعات محلية عن حاجة بعض مرضى الفشل الكلوي الى عمليات "غسيل الكلى" ما يستدعي نقلهم الى المستشفى، فضلاً عن نداءات لحاجة نساء الى وضع اطفال بعد ان دهمهن المخاض. واشتكى المواطنون من عدم وجود مياه للشرب لديهم لليوم الرابع على التوالي. واعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر عبر الاذاعات المحلية ارقام هواتف محلية بإمكان المواطنين الاتصال بها لطلب المساعدة او الانقاذ، على رغم ان وقتاً طويلاً تستغرقه عمليات التنسيق مع سلطات الاحتلال كي تسمح لمندوبيها بالدخول الى المناطق التي تحتلها قوات الاحتلال. الى ذلك، ساد اضراب شامل قطاع غزة امس تضامناً مع اهالي مخيم جباليا وشمال القطاع، وحداداً وحزناً على ارواح الشهداء الذين سقطوا في العدوان الاسرائيلي وشيعت جثامين عدد منهم امس. واغلقت المحال التجارية ابوابها وكذلك فعلت الجامعات وامتنع آلاف التلاميذ عن الذهاب الى مقاعد الدراسة. وفي الضفة الغربية خرجت مسيرات غاضبة وجرت مواجهات، خصوصاً في مدينة الخليل جنوب الضفة مع قوات الاحتلال احتجاجاً على المجازر التي ترتكبها في شمال القطاع.