طغى الانشغال الاسرائيلي الرسمي والاعلامي الشعبي بالأنباء عن تدهور صحة الرئيس ياسر عرفات على الحرب المستعرة بين رئيس الوزراء ارييل شارون ووزير المال بنيامين نتانياهو، على خلفية اشتراط الاخير بقاءه في الحكومة بقبول شارون باجراء استفتاء عام على خطة الفصل الاحادي عن قطاع غزة، وسط تأكيدات بأن كلا من الرجلين يتمترس خلف موقفه على نحو يؤشر الى ان انهيار الائتلاف الحكومي وحصول شرخ فعلي في حزب "ليكود" الحاكم باتا مسألة وقت. ورأى المعلق في الشؤون الحزبية في الاذاعة العبرية حنان كريستال ان الوضع الصحي للرئيس الفلسطيني قد يشكل سلماً كبيراً لنتانياهو لينزل عن الشجرة التي تسلقها بتوجيهه الانذار الى رئيس حكومته بالاستقالة اذا أصر على موقفه الرافض اجراء الاستفتاء. وقال ان غياب عرفات عن الساحة سيعزز الموقف الذي يتبناه نتانياهو ووزير الخارجية سلفان شالوم والزعيم الروحي لحركة "شاس" عوفاديا يوسيف المتحفظ عن احادية الخطة وان هؤلاء قد يمارسون ضغوطاً على شارون لارجاء الاجراءات المتعلقة بالفصل الى حين ظهور قيادة فلسطينية جديدة. وبدأ شالوم امس محاولاته لرأب الصدع في "ليكود"، وقال انه ينبغي اطفاء ألسنة النيران والحفاظ على الائتلاف الحكومي الحالي حتى الموعد المقرر للانتخابات البرلمانية المقبلة أواخر العام 2006 لأن البديل سيكون تبكيرها ليخوضها حزب "ليكود" متفككا. وتوقعت اوساط اعلامية ان يدخل الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف على خط الوساطة بين قطبي الحكومة و"ليكود"، شارون ونتانياهو. لكن يبدو ان نتانياهو حسم أمره واتخذ قرارا استراتيجيا بمواجهة صدامية مع شارون، واعلن انه سيخوض الانتخابات الداخلية لزعامة "ليكود" امام شارون و"سأنتصر عليه لأنني أمثل ليكود الحقيقي". وقال في مقابلة مع صحيفة "يديعوت احرونوت" تنشرها كاملة اليوم انه قرر اقامة معسكر داخل الحزب استعداداً للانتخابات الداخلية وانه واثق من تحقيقه الفوز على شارون "الذي لم يتحمل ذات مرة مسؤولية قراراته". وأكد عزمه على الاستقالة اذا لم يستجب شارون لمطلبه اجراء الاستفتاء "وهو الشيء الوحيد الذي سينقذ ليكود ويضمن وحدته وبقاء الحكومة الحالية". وردت أوساط قريبة من شارون بأن وصفت وزير المال ب"الدساس الذي لا يكل" وتوقعت ان ينجح رئيس الحكومة في استمالة عدد من "المتمردين" المتحالفين مع نتايناهو. وقال أحد القريبين من رئيس الحكومة انه بصدد عقد صفقة مع حزب "العمل" تقضي بتقديم اعضائه في الكنيست "شبكة أمان" لتمرير خطة الفصل ومشروع موازنة الدولة في مقابل موافقته على تحديد موعد لانتخابات مبكرة فور تطبيق الانسحاب من غزة أواخر العام المقبل. وأضاف ان شارون توصل الى قناعة بأنه لن يكون قادراً على ضم "العمل" لحكومته حيال معارضة حزبه وانه لذلك باشر لعقد الصفقة المذكورة. الى ذلك، استغرب معلقون تعنت شارون ورفضه اجراء استفتاء وهو الذي يدرك ان هذه الفكرة لا تحظى بغالبية برلمانية وان 84 نائبا يعارضونها فيما يؤيدها 36 فقط. ونصح بعضهم رئيس الوزراء بقبول مطلب نتانياهو الذي سيصطدم بمعارضة الكنيست لكنه سيحل ازمة ائتلافية تهدد كرسيه شارون فتبقي نتانياهو وزيراً وتخفف حدة التمرد في "ليكود". نتانياهو و"الانتحار السياسي" وأفاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة "معاريف" ان 56 في المئة من الاسرائيليين يرون في الانذار الذي وجهه نتانياهو الى شارون "خطأ"، فيما دعم موقفه 27 في المئة فقط. وقال 54 في المئة ان شارون هو الشخص المناسب لتزعم "ليكود" في مقابل 15 في المئة منحوا أصواتهم لنتانياهو. وارتفعت نسبة داعمي شارون في أوساط اعضاء "ليكود" الى 64 في المئة في مقابل 19 لوزير المال. واعتبر المعلق نداف ايال النتائج بأنها تأكيد على أن نتانياهو "نفذ انتحارا سياسيا".