أكد الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان ان فريق المنظمة الدولية المكلف البحث في امكان اجراء انتخابات في العراق، سيتوجه الى بغداد "خلال أيام" بعدما حصل على ضمانات من قوات "التحالف" بحماية الموظفين الدوليين. في غضون ذلك، أعلن أحد وكلاء المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني ان موقف المرجعية من الانتخابات "لم يتغير"، مؤكداً انفتاحها على الحوار مع الاممالمتحدة. وأوضح انان للصحافيين، على هامش تدشين مركز معلومات اقليمي جديد للأمم المتحدة في بلجيكا: "تعهد التحالف أقصى ما يمكن لحماية الفريق، لهذا اعتقد أنه سيتمكن من السفر وبدء عمله خلال أيام". وكان الأمين العام أرسل فريقاً من خبراء الأمن التابعين للمنظمة الدولية إلى العراق الأسبوع الماضي، لتقويم الحال الأمنية هناك ومعرفة هل يسمح الوضع لموظفي الأممالمتحدة بالعودة إلى بغداد. وأعلن انان الثلثاء في باريس ان الأممالمتحدة تستعد لارسال فريق الى العراق للبحث في امكان اجراء انتخابات لاختيار اعضاء جمعية وطنية انتقالية، يطالب باجرائها السيستاني قبل ان يستعيد العراق سيادته في 30 حزيران يونيو المقبل. لكنه شدد آنذاك على ان ارسال البعثة رهن بالضمانات الأمنية التي ستوفرها سلطات "التحالف" برئاسة بول بريمر. ورداً على سؤال هل توافرت هذه الشروط الأمنية، قال انان: "اظن اننا نحرز تقدماً. وعدني التحالف بأن يبذل قصارى جهده لحماية الفريق" على الأرض. ومع بدء عطلة عيد الاضحى ليس متوقعاً وصول الفريق قبل السابع من الشهر المقبل على الاقل. وكان انان سحب موظفي الأممالمتحدة من بغداد بعدما تعرض مقر المنظمة في آب اغسطس الماضي إلى تفجير، تسبب في مقتل العديد منهم وبينهم رئيس بعثة المنظمة إلى العراق سيرجيو دي ميلو. إلى ذلك، قال الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، وكيل السيستاني، إن موقف المرجعية من الانتخابات "لم يتغير"، لكنه أكد انفتاحها على الحوار مع الأممالمتحدة بهذا الشأن. واضاف في مقام الإمام الحسين في كربلاء 110 كلم جنوب غربي بغداد: "نرحب بمبادرة أنان، لكننا نصر على رفض التعيين". وقال رداً على سؤال عما إذا كانت الاممالمتحدة ترى العكس: "نصر على عدم التعيين، والتوصل الى صيغة تكون اقرب الى الانتخابات". وكان الكربلائي قال خلال خطبة صلاة الجمعة: "سنؤكد لفريق الأممالمتحدة ان المرجعية طرف أساسي ومهم في القضية العراقية ولا بد من الاستماع الى وجهة نظرها. كما لا بد من التشاور معنا في مسائل، خصوصاً الدستور الدائم ونقل السلطة الى العراقيين". وأضاف: "الاممالمتحدة ستجدنا منفتحين على الحوار في هذه المسألة. كما ان احتمالات النجاح كبيرة". ودعا الاممالمتحدة الى "ان تكون دراستها مبنية على التقويم الموضوعي وألا تتأثر بالجهات التي تعارض المرجعية العليا". وكان المندوب الخاص للأمم المتحدة في العراق روس ماونتن أعلن الخميس في عمان ان فريقاً من المنظمة في العراق سيقرر قريباً هل الظروف الأمنية ملائمة لارسال خبراء في القانون الانتخابي. واعتبر الكربلائي ان الانتخابات "ستحقق الامان لجميع ابناء الشعب العراقي والاستقرار السياسي والحقوق للشيعة والسنة والمسيحيين والاكراد والعرب والتركمان". واكد ان تظاهرات التأييد للانتخابات كانت بمثابة "رسالة واضحة الى الاممالمتحدة والجميع بأن المرجعية لا تختار لنا الا ما يناسبنا". وكان عشرات الآلاف من الشيعة تظاهروا الاسبوع الماضي مطالبين بالانتخابات، كما هدد الكربلائي قبل اسبوعين بالاضراب العام والعصيان المدني. وختم الكربلائي مؤكدا ان "المعادلة السياسية قد تغيرت". واعتبر صدر الدين القبنجي، ممثل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، في خطبة الجمعة في النجف ان الانتخابات "هي الطريق الامثل للتعبير عما يريده العراقيون الآن". ودعا الاممالمتحدة الى "تبني هذا الخيار". واضاف "نطالبها بالتعاون معنا لازالة المشاكل والمعوقات التي تحول دون اجراء الانتخابات". وعين الأمين العام في كانون الاول ديسمبر 2003 روس ماونتن مندوباً في العراق، خلفاً لسيرجيو دي ميلو. وزيارة ماونتن للأردن، حيث يقيم حوالى 200 من موظفي الأممالمتحدة غادروا العراق بعد الاعتداء الذي تعرض له مقر المنظمة في آب، هي الأولى له منذ تسلم مهماته في 19 الشهر الجاري. وذكر انه سيتوجه الى العراق في موعد يتحدد بموجب تقرير الفريق الأمني. وينص الاتفاق المبرم في الخامس عشر من تشرين الثاني نوفمبر بين مجلس الحكم الانتقالي و"التحالف" على اجراء انتخابات غير مباشرة لجمعية انتقالية، واجراء انتخابات عامة في 2005، لكن المرجعية الشيعية تطالب بانتخابات مباشرة خلال 6 شهور. وتجادل واشنطن بأن اجراء انتخابات مبكرة في العراق غير عملي قبل عملية تسليم السلطة إلى حكومة عراقية في الثلاثين من حزيران . وطلبت الادارة الاميركية من الأممالمتحدة المساعدة، ودعت الاخضر الابراهيمي، مستشار الأمين العام، الى البيت الأبيض مرتين. وقال الابراهيمي في واشنطن الثلثاء إن اجراء انتخابات في غير أوانها سيكون ضاراً أكثر من نفعه. وزاد: "في حال وضعت الأولويات في شكل خاطئ، ستؤدي الانتخابات إلى الانقسام والتفرقة" في العراق. لكن ارسال فريق من الأممالمتحدة الى هذا البلد لا يعني بالضرورة ان المنظمة الدولية ستفصل في هذا المأزق. وقال ديفيد مالوني، رئيس الأكاديمية الدولية للسلام: "يبدو أن أنان يلزم نفسه فقط بتأكيد الحقائق على الارض، ولم يلزم نفسه بعد بوساطة على مستوى عال بين الطوائف العراقية الثلاث الرئيسية ومجلس الحكم". وعلى رغم ذلك، يرى مالوني وآخرون في موافقة أنان مؤشراً إلى استعداد الأممالمتحدة لاستعادة دورها في العراق، شرط أن تسمح واشنطن بوساطة مستقلة على مستوى عال.