استبق رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون التحرك الديبلوماسي الاميركي المرتقب في المنطقة لابقاء خطة "خريطة الطريق" المترنحة على قيد الحياة، بالاعلان عن عدم استعداده للقاء نظيره الفلسطيني احمد قريع أبو علاء والتهديد مجددا بتنفيذ "خطوات احادية الجانب" في المستقبل المنظور معتمدا في ما يبدو على انشغال الادارة الاميركية التي سبق وان اشارت الى معارضتها خطة شارون بالانتخابات الرئاسية. جاء ذلك في الوقت الذي حذرت فيه مصادر فلسطينية رسمية من لجوء شارون الى تنفيذ مغامرات عسكرية جديدة ضد الفلسطينيين للتغطية على الفضائح التي تلاحقه في الآونة الأخيرة. ورحبت اسرائيل بموقف الولاياتالمتحدة الذي أعلنه وزير الخارجية الاميركي كولن باول المعارض لعرض قضية الجدار الاسرائيلي الذي تقيمه سلطات الاحتلال داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 على محكمة العدل الدولية في لاهاي، واعتبرت ذلك الموقف "ثمرة" الاتصالات المكثفة والمساعي الحثيثة التي بذلها بشكل خاص مدير مكتب شارون المحامي دوف فايسغلاس لحشد التأييد الاميركي للموقف الاسرائيلي الذي يطعن بشرعية النظر في هذه القضية من جانب المحكمة الدولية. وذكرت مصادر اسرائيلية ان باول أكد معارضة بلاده لعرض قضية الجدار أمام محكمة العدل الدولية الدولية في مكالمة هاتفية مع نظيره الاسرائيلي سلفان شالوم. وذكرت المصادر ذاتها ان شالوم ثمن موقف الوزير الاميركي واطلعه على الاستعدادات الاسرائيلية لمواجهة المحكمة. واوضحت المصادر ان شالوم طلب من باول ان تمارس واشنطن ضغوطاً على روسيا لحشد تأييدها لاسرائيل في هذا المجال. وجاء اعلان باول هذا، بحسب ما أوردته الاذاعة الاسرائيلية، قبيل اجتماع فايسغلاس مع مستشارة الامن القومي الاميركي كوندوليزا رايس في واشنطن مساء الخميس. واشارت مصادر صحافية اسرائيلية ان فايسغلاس سيطلع رايس على الموقف الاسرائيلي الذي يطعن في شرعية عمل محكمة العدل الدولية في هذه القضية سعياً منه وراء دعم اميركي كامل للموقف الاسرائيلي قبل اقل من شهر من موعد بدء المداولات والمرافعات الشفوية. وكانت واشنطن اعلنت عن زيارة سيقوم بها كل من نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد والمبعوث الاميركي الخاص للمنطقة جون وولف "قريباً" الى الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لبحث التطورات الاخيرة ومطالبة اسرائيل ب"الالتزام بتعهداتها بشأن الاستيطان والعمل على تحسين الاوضاع الانسانية للفلسطينيين"، فيما سيطالبان الجانب الفلسطيني ب"العمل على مواجهة الارهاب والعنف والتقدم على صعيد الاصلاح الداخلي". ويأتي هذا التحرك الديبلوماسي الاميركي في ما يبدو للتغطية على تغييب الرئيس الاميركي جورج بوش في خطابه الاخير قضية الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، بينما يشدد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون على عدم اهتمامه بأي تقدم على صعيد الاتصالات الفلسطينية - الاسرائيلية. وأكد شارون في تصريحات مع محرري وسائل الاعلام انه "غير مستعد للقاء أبو علاء لأن الأخير "ليس لديه ما يقدمه"، مشيراً في الوقت ذاته الى اصرار تل ابيب على "تنسيق" المواقف مع واشنطن في شأن قضية الجدار الاسرائيلي المقرر ان تنظر محكمة العدل العليا الدولية في قانونيته الشهر المقبل. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن شارون قوله بهذا الصدد انه قد يتوجه في الاسابيع القليلة المقبلة الى الولاياتالمتحدة. ويرى مراقبون ان توقيت زيارة شارون الى واشنطن يندرج في اطار خط طالما انتهجته اسرائيل واللوبي الاسرائيلي في الولاياتالمتحدة لتأكيد تأثيرهما على الحزبين الرئيسين الجمهوري والديموقراطي الاميركيين. وفي المقابل، قال شارون انه يعتزم ازالة 28 بؤرة استيطانية من اصل 126 بؤرة اقيمت منذ توليه مهمات منصبه. وأشار شارون، في رده على سؤال الى ان حكومته "لم تتخذ قراراً" في شأن مصير الزعيم الروحي ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس الشيخ أحمد ياسين، رافضاً التعليق على تهديدات اطلقها نائب وزير الدفاع الاسرائيلي زئيفي بويم قال فيها ان ياسين يقف على رأس قائمة المستهدفين اسرائيلياً.