قرّر المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ انتاج ثلاثة أفلام عن تان تان بطل مجموعة قصصية حملت اسمه. وتان تان هو شخصية ابتكرها البلجيكي أرفي ورأت الضوء في 19 كانون الثاني يناير 1929، ومنذ ذلك الوقت عرف هذا المراسل الصحافي العالم الذي جعله أرفي يجوب العالم بصحبة كلبه ميلو من أكثر الشخصيات الخيالية شعبية بين الأطفال، وبيعت القصص المصورة عن مغامرات هذا الشاب النحيف بمئات ملايين النسخ. وتمت ترجمتها الى أكثر من لغة، وأُقيم متحف خاص به في بلد مخترعه. سبيلبرغ يحتفظ بالسر سبيلبرغ لم يعط أي تفاصيل عن مضامين الأفلام التي ينوي انتاجها، فهل سيختار ثلاثاً من مغامرات تان تان لتحويلها الى أفلام أم أنه سيوظّف هذه الشخصية في أعمال تستند الى روايات جيدة. ولم يوضح من سيتولى تقديم هذه الشخصية. ولن تكون أفلام سبيلبرغ الأعمال الأولى التي يطل من خلالها المراسل المغامر عبر الشاشة، فقد تحولت بعض مغامراته الى أفلام أو مسلسلات كرتون وساهمت في زيادة انتشاره، لكن أحداً لا ينكر ان شركات الانتاج افادت من شعبية تان تان ذاته. حتى بداية العشرينات من القرن الماضي كانت القصص المصورة تحتل مكانة هامشية في أوروبا، وكان معظم الرسامين يكتفي بنقل أعمال أميركية حيث كانت قراءة القصص المصورة الكوميدية عن أبطال خارقين موضة شديدة الانتشار. البداية الحقيقية لمجلات القصص المصورة كانت عام 1930، أي بعد ولادة تان تان بعام واحد، وكان من الطبيعي أن يفيد أرفي من انتشار هذه القصص، وبدأ يقدم مغامرات بطله في مجلة "لو بوتي فانتيام" البلجيكية. وأصدر أول مغامرة في كتاب تحت عنوان "تان تان في بلاد السوفيات"، وبعد سنوات قليلة أصدر مجموعة من القصص منها "تان تان في الكونغو" و"تان تان في الولاياتالمتحدة". هل تعامل مع النازيين؟ ولم يتوقف أرفي عن تقديم قصص جديدة عن بطله مع احتلال النازيين لبلاده، وكان حينها انتقل الى صحيفة "لوسوار". حوكم أرفي بعد التحرير بتهمة التعامل مع النازيين، وتبين قراءة متمعنة لمغامرات تان تان تبين أن الرسام البلجيكي استخدم هذه الشخصية ليقدم من خلالها آراءه السياسية، وقد حامت حوله شبهات كثيرة، وقال بعض المورخين انه كان يساند عصابات الهاغانا الصهيونية التي ارتكبت المجازر ضد الشعب الفلسطيني. ويحسب آخرون لأرفي أنه قدم في مغامرات تان تان قيماً انسانية مهمة من خلال تركيزه على الصداقة والإخلاص والشجاعة والجرأة، وأنه كان يوثق أحداثاً شهدها عصره. وعلى رغم أن أرفي قدم قصصاً مصورة لأبطال مختلفين ككيك وفلوبكيه، وجو وزيتي وجوكو. الاّ أنها جميعها فشلت في تحقيق النجاح الذي عرفه تان تان، والشعبية الكبيرة التي لا يزال يتمتع بها، وان كان معظم أبطال أرفي قد طواهم النسيان، فان نجاح تان تان، اضافة الى عوامل سياسية، جعلت ارفي يؤسس بعد الحرب العالمية الثانية مجلة للأولاد اسمها تان تان، روى من خلالها قصص المغامر الشاب، وقد انضم الى هيئة تحريرها عدد من المؤلفين والرسامين المعروفين في أوروبا في ذلك العصر.