منذ 28 عاماً، كان الفنان البلجيكي جورج ريمي يظن أنه عثر على المخرج الذي يمكنه كسر لعنة الأفلام المخيبة للآمال التي تدور حول شخصية المراسل الصحفي الرحالة "تن تن"، والتي ابتكرها رسام الكاريكاتير البلجيكي وصارت تسطع في سماء الشهرة بأوروبا. فقد كتب ريمي - الذي يشتهر أيضا باسم "هيرجيه" - في مذكرة عام 1983، عثر عليها مايكل فار كاتب السيرة الذاتية للفنان البلجيكي: "إذا كان هناك شخص يمكنه نقل "تن تن" إلى الشاشة بنجاح، فهو ذلك المخرج الأمريكي الشاب". كان "فار" على قناعة بأن الرسام والكاتب البلجيكي يقصد بكلماته تلك المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرج، الذي عرض على ريمي في عام 1982 شراء حقوق إنتاج فيلم يستند إلى كتبه الهزلية التي تدور حول شخصية "تن تن"، وعددها 23 كتاباً. ربما أن نبوءة ريمي بصدد التحول إلى حقيقة، حيث تلقى سبيلبرج بالفعل تعليقات إيجابية بفضل هذا فيلمه "ذا أدفنتشرز أوف تان تان" (مغامرات تن تن)، قبل عرضه العالمي الأول في بروكسل المقرر في 22 أكتوبر الجاري. جورج ريمي مبتكر شخصية تن تن يقول فار، وهو خبير في شخصية "تن تن" يقيم في لندن وكان قد التقى مع ريمي أثناء عمله مراسلاً أجنبياً في بروكسل في سبعينات القرن العشرين: "رأيت أنه يكفي القول في ثقة تامة بأن الفيلم أفضل مليون مرة من أي شيء تم إنجازه من قبل". ويعد فيلم "مغامرات تن تن" هو أحدث فيلم ثلاثي الأبعاد يستخدم تقنية التقاط الحركة ينتجه المخرج النيوزيلندي بيتر جاكسون، الذي فاز بثلاث جوائز أوسكار عن ثلاثيته "لورد أوف ذا رينجز" (سيد الخواتم). وأوضح فار قائلاً: "أعتقد أنه لو كان هيرجيه حياً، لسعد بذلك أكثر مما سعد به معظم الناس". وأضاف: "لقد كان (ريمي) مجنوناً بالسينما. وكان يتحلى دائماً بعقلية متفتحة... وأحب المعدات الحديثة". وتوقع فار بأن أعظم إنجازات الفيلم قد تتمثل في النهاية في ضم الأمريكيين إلى صفوف جماهير "تن تن" العريضة التي يقدر عددها بالملايين فى أنحاء العالم. و"تان تان" من الشخصيات المعاصرة لشخصية "ميكي ماوس"، وسرعان ما حققت نجاحاً في المناطق الأوروبية التي يتحدث سكانها الفرنسية، بعد ظهورها كشخصية هزلية في ملحق للأطفال بصحيفة "لا فينجتيام سيكل" البلجيكية اليومية في عام 1929. أصدر هيرجيه 23 كتاباً حول تن تن في الفترة بين عامي 1930 و1976، استعرض فيها مغامرات الفتى الشجاع الذي يشتهر بخصلات شعره الأمامية التي تتدلى على جبينه، امتدت من الاتحاد السوفيتي إلى أمريكا الوسطى، مروراً بالصحراء والتبت، بل قادته مغامراته أيضاً إلى سطح القمر. ولعل ما جذب اهتمام سبيلبرج تجاه "تن تن" لأول مرة هو زميل له قارن بين هذه الشخصية وانديانا جونز، حسبما قال فار. سبيلبرج أثناء تصوير الفيلم ويذكر أنه تم بيع ما يربو على 200 مليون نسخة من كتب "تن تن"، التي ترجمت إلى 80 لغة مختلفة. ورغم ذلك، كانت قصص الأبطال الخارقين المصورة التي تصدرها شركة "مارفل كومكس" أكثر شعبية في الولاياتالمتحدة. يقول فار: "كان هناك أمريكيون عرفوا "تن تن" وأحبوه، غير أن هذه الشخصية لم تكن منتشرة هناك.. وبفضل سبيلبرج، ستكون أمريكا هي آخر القارات التي تعرف تن تن". وخروجاً عن التقاليد السابقة، سيتم عرض الفيلم في أوروبا أولاً، حيث تنظم عروضه الأولى في بروكسل وباريس ولندن، على أن يعرض بالولاياتالمتحدة في 21 ديسمبر المقبل. صحيح أن شخصية "تن تن" قد تكون محبوبة، إلا أنها لم تنج من دوامة الجدل. فمن المقرر أن يصدر قاضى بلجيكي في فبراير المقبل قراره بشأن حظر الكتاب الثاني من سلسلة كتب الفتى الرحالة، وهو "تن تن في الكونغو"، بسبب الطريقة التي يصور بها الأفارقة.