أصبحت سلطة التحالف في العراق تميل الى الخضوع للضغوط التي مارسها الشيعة في البلاد من اجل اجراء انتخابات مباشرة قبل تسليم السلطة الى العراقيين في 30 حزيران يونيو المقبل. وذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية امس ان مسؤولين بريطانيين قالوا ان حكومة توني بلير اقتنعت بمطالبة الشيعة في هذا الشأن، وكذلك غيّرت الادارة الاميركية موقفها. ونسبت الصحيفة في موضوعها الرئيسي في صدر صفحتها الاولى الى هؤلاء المسؤولين اعتقادهم بأن الحاكم المدني الاميركي للعراق بول بريمر اقتنع بالحاجة الى اجراء انتخابات مباشرة شرط التأكد من إمكان تنفيذها عملياً. وقال مسؤول بريطاني رفيع للصحيفة: "من الممكن ان يتمتع العراق بنظام ديموقراطي على نحو معقول وعملي، والا فان هذا البلد سيقسم في نهاية المطاف". واوضح هذا المسؤول الذي لم تكشف الصحيفة اسمه ان "الديموقراطية تؤدي الى ان تمضي الامور على نحو يتسم بالسلاسة". وقال: "ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أبلغ نظيره الاميركي كولن باول بأن العملية تشبه ركوب دراجة، فعليك ان تواصل التحرك حتى ولو كانت الدراجة تهتزّ بالكامل". وتعرضت سلطة التحالف الى ضغوط متواصلة خلال الايام الاخيرة من العالم الشيعي آية الله علي السيستاني اكثر الزعماء الشيعة في العراق احتراماً. ويصر المسؤولون البريطانيون على ان هذا المنطق لقي قبولاً من بول بريمر ومن مسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية عموماً. وبحثت وزارة الخارجية البريطانية الخيارات المتاحة لاجراء انتخابات مباشرة مثل استخدام بطاقات التموين كوسيلة لتحديد هوية الناخب او اللجوء الى ختم ايدي الناخبين. وترى الصحيفة ان احد العوامل الرئيسية التي وضعت في الاعتبار بالنسبة الى توقيت الانتخابات في العراق، هو تصميم ادارة بوش على نقل السلطة الى العراقيين قبل اجراء الانتخابات الرئاسية في اميركا. وفي الوقت نفسه تقول الصحيفة ان المسؤولين البريطانيين يترددون في اعلان تغيير الموقف البريطاني ازاء الانتخابات المباشرة الكاملة لأنهم يخشون ان يؤدي ذلك الى استباق النتائج التي سيتوصل اليها فريق الاممالمتحدة الذي سيزور العراق قريباً. لكن الدوائر الحكومية البريطانية تقبل الجدل على أن الانتخابات قد تؤدي الى اثارة مخاطر قيام نظام في العراق يشبه النظام الديني في ايران. ومع ذلك فإن المسؤولين البريطانيين يعتقدون بأن ايران ستتجه نحو نظام اكثر تعددية بسبب المعارك الداخلية التي تواجهها حالياً. وأكد سترو في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا أمس ا ف ب، ان التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة يرغب بقيام حكومة فيديرالية ذات صفة تمثيلية واسعة في العراق، لكنه "لن يملي مستقبل" هذا البلد. وترك المجال مفتوحاً امام اجراء انتخابات مبكرة، معرباً عن الامل بأن تؤدي العملية الانتخابية الجارية الى تشكيل "حكومة فيديرالية اكثر استقراراً ومعترف بها دولياً ... حكومة تحترم تنوع الشعب العراقي". وقال: "ان مهمتنا لا تقضي باملاء مستقبل العراق بل بدعم التوافق داخل الرأي العام العراقي". وقال سترو ان برنامج انتقال السلطة الى العراقيين الذي تم التوصل اليه بين التحالف ومجلس الحكم في 15 تشرين الثاني نوفمبر الماضي سينتهي باجراء انتخابات مباشرة في العام المقبل، لكنه اشار الى امكان البحث في اجراء تعديلات. ولم يرد سترو بوضوح على سؤال هل يخشى التحالف تشكيل حكومة يسيطر عليها الشيعة الذين يمثلون 60 في المئة من سكان العراق، مكتفيا بالقول: "احياناً ينتصر اشخاص لا تريدونهم ان ينتصروا، هذه هي الديموقراطية". وتابع ان على التحالف ان يتعامل "باحترام كبير" مع آية الله السيستاني الذي يعارض تشكيل مجلس وطني انتقالي معين كما نص عليه . وقال: "النقاش الذي اثاره السيستاني هو ما اذا كان من الممكن اضافة عنصر انتخابي في المرحلة المبكرة من العملية". وأضاف: "جزء كبير من هذا الامر يتعلق بمسائل فنية"، متعللاً بالافتقار للامن في مناطق من العراق وعدم وجود سجلات انتخابية. وتابع ان "هذا يحتاج الى مناقشة شاملة". وشدد على "اننا نريد اجراء انتخابات بمجرد ان تسمح الظروف بإجرائها".