"تسلل" الرئيس جورج بوش في زيارة خاطفة إلى بغداد استمرت ساعتين، وموه البيت الأبيض هذا "التسلل" بإعلان قائمة الطعام التي سيتناولها بوش مع عائلته في عيد الشكر، لكنه أبلغ عدداً من الصحافيين الحقيقة والتزموا الصمت. وفيما كان الرئيس الأميركي في طريقه إلى العراق، اذيعت رسالة جديدة من الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، دعا فيها العراقيين إلى مقاومة الجيوش الأجنبية. وصرح رئيس مجلس الحكم الانتقالي جلال طالباني بعد اجتماع عقده مع المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الذي رفض استقبال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، أول من أمس، بأن الاتفاق بين المجلس والإدارة الأميركية للعراق على جدول زمني لنقل السلطة والسيادة إلى العراقيين، سيعدل بناء على طلب السيستاني بإضافة ملاحق إليه، لكنه "ما زال قائماً". وأعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول تخلي واشنطن عن مطالبة مجلس الأمن بإصدار قرار جديد يصادق على الاتفاق الذي يعترض عليه السيستاني الذي يصر على اجراء انتخابات عامة بناء على بطاقة التموين التي وزعها النظام السابق على العراقيين. في غضون ذلك، استمرت المقاومة العراقية في شن هجماتها، فاستهدفت قافلة عسكرية أميركية وأطلقت قذائف على المباني التي تستخدمها قوات الاحتلال. وتوفي ضابط عراقي سابق في ما كان يخضع للتحقيق. واعترف مسؤولون في الإدارة الأميركية بأن معارضة آية الله السيستاني،مشروع إجراء انتخابات غير مباشرة وفقا لخطة تم الاتفاق عليها بين الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر ومجلس الحكم الانتقالي، أدخلت الإدارة في حيرة ودفعتها إلى التفكير في إجراء تعديل على الخطة. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن المسؤولين قولهم إن الخطة التي بموجبها سيجري تسليم السلطة للعراقيين في 30 حزيران يونيو المقبل ينبغي أن تستجيب جزئياً لمطالب السيستاني. وأوضحت الصحيفة أن عدداً من أعضاء مجلس الحكم، خصوصاً ممثلي الطائفة السنية والأكراد يتمسكون بالخطة المتفق عليها مع بريمر خوفاً من أن تؤدي الانتخابات التي يطرحها السيستاني إلى سيطرة الشيعة على المجلس، نظراً إلى كونهم يشكلون غالبية السكان في العراق، على رغم أن كوباد طالباني، أحد مساعدي الرئيس الحالي لمجلس الحكم جلال طالباني، أبلغ الصحيفة أنه لا يرى ما يهدد تنفيذ الخطة. اصرار على الانتخابات وكانت الإدارة الأميركية تراجعت في وقت سابق تحت ضغط معارضة السيستاني عن خطة لصوغ دستور جديد قبل إجراء انتخابات عامة، إذ أعلن في حزيران الماضي أن الدستور الجديد يجب أن يصوغه مجلس شعب منتخب مباشرة. وقال طالباني في ختام لقاء مع السيستاني إن "آية الله أعرب عن تحفظ واحد عن الاتفاق على نقل السلطات الموقع في 15 تشرين الثاني- نوفمبر، ويريد أخذ رأي الشعب العراقي، لذلك يعتبر من الضروري اجراء الانتخابات للمجلسين التشريعي والبلدي". وبموجب بنود الاتفاق الموقع بين مجلس الحكم والتحالف، فإن "المجلس الوطني الانتقالي" الذي يفترض انشاؤه قبل 31 أيار مايو 2004، سيتألف من شخصيات يختارها اعضاء لجنة مؤلفة من 15 شخصاً يعين مجلس الحكم خمسة منهم، أما الآخرون فتعينهم المجالس المحلية. وفي غياب احصاء سكاني حديث في العراق، أوضح طالباني ان السيستاني طالب بأن يتم الاقتراع "وفق البطاقة التموينية التي وزعت على جميع العراقيين ابان النظام السابق". وشدد طالباني على أن السيستاني يعتبر أن "المجالس البلدية الحالية غير منتخبة، وطالب قوات الاحتلال بالوفاء بوعودها". انان ودول الجوار إلى ذلك، يعقد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان مشاورات مع ممثلي الدول المجاورة للعراق وعدد "مختار" من الدول الأعضاء في مجلس الأمن وأطراف أخرى الاثنين المقبل في مقر المنظمة الدولية في نيويورك. وأعلن الناطق باسم أنان أن الاجتماع سيضم تركيا وإيران والكويت والمملكة العربية السعودية والأردن وسورية ومصر والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الولاياتالمتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا، وباكستان وتشيلي وانغولا والمانيا. وهذا أول اجتماع من نوعه يضم سفراء الدول الخمس في مجلس الأمن والدول المجاورة للعراق ومصر. وأشاد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية هيرفي لادسوس أمس بإعلان أنان، واعتبر ذلك خطوة تعزز التشاور بين الشركاء. وقال إن مشاركة الدول المجاورة للعراق تبدو ضرورية نظراً إلى الدور الذي عليها أن تلعبه من أجل استقرار المنطقة ودمج العراق "السيد الذي تربطه علاقات سلام مع جيرانه في إطار المجتمع الدولي".