هيمنت إعادة إعمار العراق ومستقبله السياسي على مناقشات "منتدى دافوس" الاقتصادي الذي غاب عنه الحاكم الأميركي بول بريمر، من دون معرفة الأسباب. فيما أعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أن "التحالف" لن يملي على العراقيين مستقبل بلادهم، لكنه يرغب في حكم فيديرالي يمثل الأعراق والطوائف، في إشارة واضحة إلى تفهم لندن مواقف الشيعة المطالبين بالانتخابات. واتخذت هذه القضية أبعاداً جديدة أمس بعدما أعلنت "هيئة علماء السنّة" والأكراد معارضتهما لاجراء الانتخابات في "الوقت الحاضر"، فيما استمرت التظاهرات الشيعية المؤيدة للمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الذي رحب بنتائج اجتماعات الأممالمتحدة. وأعلن الناطق باسم "حزب الدعوة" إبراهيم الجعفري أن الانتخابات الجزئية قد تكون الحل إذا قررت المنظمة الدولية استحالة اجراء الانتخابات. وأعلن الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان أمس في بادن بادن جنوب غربي المانيا انه سيتخذ قراراً "في تقديم الاممالمتحدة مساعدة للعراق بأفضل طريقة" رداً على طلب اميركي بارسال بعثة لدرس قضية الانتخابات. وقال خلال مؤتمر صحافي إنه "يدرس كل الوثائق" و"يجري اتصالات" مع المسؤولين في العراق، من دون ان يعطي موعداً لاعلان القرار "عند الانتهاء من التفكير". ورداً على سؤال عن امكان تنظيم انتخابات حرة في العراق قال: "انها المسألة التي تعتبر في صلب النقاش. في هذا الاطار نود ارسال بعثة الى العراق" لتقويم ما اذا كان ممكناً تنظيم انتخابات بحلول نهاية حزيران يونيو. واضاف انان: "ان لم يكن الأمر ممكناً" سيدرس "أي خيار" قائم و"أي اقتراحات" قد تقدم "لتحريك العملية". وأكد نورالدين الواعظ المدير الاعلامي لمكتب السيستاني، أنه "مرتاح جداً" إلى نتائج اجتماعات نيويورك بين مجلس الحكم الانتقالي والاممالمتحدة. وقال: "نحن مرتاحون جداً لنتائج اجتماعات نيويورك. والشعب العراقي أيضاً مرتاح، لأن ما تحقق سيساعد على تحقيق الانتخابات الحرة والنزيهة والديموقراطية وباشراف الاممالمتحدة". واضاف ان "اجراء هذه الانتخابات سيجلب الاستقرار والامن للبلاد وسيشكل حكومة عراقية وطنية وستعود السلطة الى العراقيين شيئاً فشيئاً وسترحل قوات الاحتلال بسلام". واضاف ان "رأي سماحته بالانتخابات واضح جداً، وهو ضرورة اجرائها باشراف الاممالمتحدة اعتماداً على البطاقة التموينية وبقية القضايا الاخرى، وبمشاركة جميع العراقيين في الداخل والخارج الموجودين في دول اوروبا واميركا واللاجئين". من جهتها، أكدت "هيئة علماء السنّة" المسلمين في العراق معارضتها اجراء انتخابات في الوقت الحاضر، معتبرة ان "أي انتخابات في ظروف البلاد الحالية تحت الاحتلال لن تكون نزيهة". وقالت الهيئة في بيان إنها "لا تعول كثيراً لا على الانتخابات ولا على غيرها من المشاريع المطروحة لنقل السلطة ما دام الاحتلال موجوداً وما دام الشعب مسلوب الارادة". واضاف البيان ان "الهيمنة الكاملة على البلد لسلطات الاحتلال وما لديها من امكانات واساليب يمكنها من تسيير الانتخابات لمصالحها الخاصة". وأعلن العضو الكردي في مجلس الحكم الانتقالي في العراق محمود عثمان ان الاعضاء الاكراد الخمسة في مجلس الحكم يعارضون اجراء الانتخابات في الوقت الحالي. وقال: "ان المجموعة الكردية في مجلس الحكم تعارض اجراء انتخابات في الوقت الراهن نظراً لوجود عراقيل وصعوبات عدة أمامها كغياب السيادة الوطنية وتدهور الاوضاع الامنية في الكثير من ارجاء العراق وعدم وجود احصاء سكاني دقيق من قبل جهة معترف بها حالياً". واوضح ان "النظام البائد سلب الجنسية من اكثر من مليون عراقي كما ان ثلاثة ملايين عراقي ما زالوا يعيشون خارج الوطن". في سويسرا، تصدر مستقبل العراق مناقشات "منتدى دافوس" الاقتصادي الذي بدأ أمس أعماله غداة دفاع الرئيس الأميركي جورج بوش القوي عن سياسته تجاه العراق في خطابه عن حال الاتحاد. وألغى بريمر في اللحظة الأخيرة مشاركته في المنتدى. وفي كلمته في اليوم الأول من أعمال المنتدى، أكد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أن التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة يرغب في قيام حكومة فيديرالية ذات صفة تمثيلية واسعة في العراق، لكنه لن "يملي مستقبل" هذا البلد. وأعرب عن الأمل بأن تؤدي العملية الانتخابية إلى تشكيل "حكومة فيديرالية أكثر استقراراً ومعترفاً بها دولياً ... حكومة تحترم تنوع الشعب العراقي". وقال: "إن مهمتنا لا تقضي باملاء مستقبل العراق، بل بدعم التوافق داخل الرأي العام العراقي". وأكد أن التحالف يتعامل "باحترام كبير" مع الزعيم الشيعي آية الله علي السيستاني.