أعلنت موسكووالرياض أنهما اتفقتا على تشكيل مجموعة عمل ثنائية لتنسيق المواقف في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وتعهد الطرفان العمل على ضمان استقرار اسواق النفط، وأعلنا عن اتفاق وجهات النظر بينهما في ملفي العراق والشرق الأوسط. وفي ثاني أيام الزيارة التي يقوم بها ولي العهد السعودي رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز إلى العاصمة الروسية، شهدت موسكو أمس نشاطاً مكثفاً، والتقى الأمير عبدالله في مقر اقامته في الكرملين رئيس الوزراء الروسي ميخائيل كاسيانوف، وبحث الجانبان في ملف العلاقات الثنائية. واعتبر كاسيانوف في مقدم اللقاء أن توثيق العلاقات بين البلدين يحمل "أهمية قصوى" بالنسبة إلى المنطقة كلها، التي وصفها بأنها تعيش "حال توتر" وزاد ان ثمة مجالات متعددة لتعزيز التعاون الثنائي، خصوصاً بعد توقيع اتفاق التعاون في مجال النفط والغاز أول من أمس. وشدد كاسيانوف على أن الطرفين سيعملان على ضمان استقرار أسواق النفط . وأعرب الطرفان عن قناعتهما بأن التبادل التجاري بين روسيا والسعودية لا يعكس الإمكانات الحقيقية لدى البلدين، إذ لا يتعدى نحو 120 مليون دولار حالياً. وفي أول جولة يقوم بها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في العاصمة الروسية، زار أمس محافظة موسكو، حيث التقى عمدتها يوري لوجكوف الذي أعرب عن "السعادة بلقاء ضيف كبير". واعتبر الزيارة "اشارة طيبة على بدء عهد جديد". وذكرت مصادر في محافظة موسكو ان لوجكوف طرح موضوع توقيع اتفاق تعاون بين مدينتي موسكووالرياض. وينتظر أن يلتقي ولي العهد اليوم ممثلين عن الكنيسة الارثوذكسية ومجلس الافتاء الروسي، كما يستضيف في مكان اقامته السفراء العرب المعتمدين في موسكو. إلى ذلك، التقى أمس وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل نظيره الروسي ايغور ايفانوف وتركز البحث على ملفي العراق والشرق الأوسط. وأكد الجانبان، في مؤتمر صحافي مشترك في ختام المحادثات، اتفاق وجهات نظرهما في ما يتعلق بالملفين. وشدد ايفانوف على أن موسكو ستواصل تنسيق مواقفها مع الرياض، ودعا إلى وضع خطة برعاية دولية تهدف إلى "ضمان استقلال العراق ونقل السلطة فيه إلى حكومة شرعية منتخبة". وقال إن المجتمع الدولي مستعد لتقديم المساعدات اللازمة في هذا المجال. من جانبه، ذكر الفيصل أنه أبلغ نظيره الروسي التحضيرات الجارية حالياً لعقد اجتماعات مرتقبة خلال الأسبوع المقبل لمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، مشيراً إلى أن قراراً جماعياً سيتخذ خلالها في شأن الملف العراقي. وعلى صعيد الوضع في الشرق الأوسط، أعرب الفيصل عن قناعته بضرورة ادخال قوات فصل دولية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واعتبر أن ذلك يشكل "الحل الأمثل للمشكلة المتفاقمة". وأبدى ايفانوف "استعداد روسيا لمناقشة هذا الموضوع"، واعتبر هذه الفكرة بأنها "تستحق الاهتمام … ونحن مستعدون للنظر فيها". غير أنه أشار إلى ضرورة موافقة طرفي الصراع. وكرر ايفانوف تأكيده أن خطة "خريطة الطريق" الآلية الوحيدة للخروج من الأزمة. من جانب آخر، أعلن الطرفان خلال المؤتمر الصحافي، تشكيل مجموعة عمل مشتركة لتنسيق المواقف في ما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب. وذكر ايفانوف أن موسكووالرياض "اتفقتا على تنسيق جهودهما في شكل وثيق لمحاربة الإرهاب الدولي"، وزاد ان الجانبين يواجهان تحديات وأخطاراً متماثلة على هذا الصعيد. ومن جانبه، أكد الفيصل أن عمل المجموعة المشتركة لن يقتصر على مناقشة المسائل المتعلقة بالإرهاب، لكنه سيتناول "ايجاد الوسائل والآليات الفاعلة للقضاء على هذا الشر". وأضاف ان بلاده أعلنت "حرباً لا هوادة فيها" على الإرهاب الدولي. وكان ديبلوماسيون روس ذكروا أن زيارة ولي العهد السعودي نجحت في تقريب وجهات النظر في ما يتعلق بقضايا الإرهاب، وهو الملف الذي وصف بأنه من "الملفات الصعبة" في العلاقات بين الجانبين، خصوصاً بعدما درجت وسائل إعلام روسية على توجيه اتهامات إلى الرياض بدعم الانفصاليين في الشيشان على رغم تأكيد الجانب السعودي أكثر من مرة احترام المملكة وحدة الأراضي الروسية، واعتبارها الصراع في الشيشان شأناً روسياً داخلياً. وعلى رغم أن الطرفين الروسي والسعودي لم يتطرقا في الأحاديث مع الصحافيين إلى الملف الشيشاني، لكن المصادر أكدت أن المسؤولين الروس سمعوا "كلاماً واضحاً" في هذا الشأن، ما يدفع نحو اغلاق ملف ظل يشكل عامل توتر في علاقات البلدين خلال السنوات الماضية. وكان ايفانوف شدد أمس على أن محادثات الجانبين "فتحت صفحة جديدة في العلاقات تقوم على الانفتاح والثقة المتبادلة"، فيما أشار الفيصل إلى الجو المشمس في موسكو أمس بعد أيام ماطرة، واعتبره "اشارة جيدة إلى بدء علاقات دافئة بين البلدين".