الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قدر كلفة اعادة الاعمار ب100 بليون دولار ... وطالب باعفاء العراق من ديونه . وزير التخطيط العراقي مهدي الحافظ : من الظلم الاستمرار في دفع تعويضات احتلال الكويت
نشر في الحياة يوم 15 - 09 - 2003

قال وزير التخطيط العراقي مهدي الحافظ ان من الظلم الاستمرار في تحميل العراقيين أعباء تعويضات أصحاب الدعاوى ممن تضرروا من احتلال الكويت، معتبراً ان النظام السابق وليس الشعب العراقي هو المسؤول عما حصل، مطالباً بانقاذ العراقيين من أعباء السياسات السابقة. وقدر في حديث الى "الحياة - ال.بي.سي" كلفة إعادة اعمار العراق بنحو 100 بليون دولار، داعياً الى اعفاء العراق من ديونه التي تبلغ بحسب تقديرات بعض المؤسسات الدولية نحو 130 بليون دولار.
وتحدث الحافظ عن "ظواهر مفجعة" يعانيها العراقيون، إذ تتجاوز نسبة البطالة 50 في المئة. وشدد على ضرورة تشجيع الاستثمار الأجنبي وتوفير المناخ اللازم له، مؤكداً ان المنافسة الأجنبية لن تكون على حساب رأس المال الوطني. وقال ان التخصيص سيدرس في ضوء حاجات الاقتصاد الوطني "ولا يمكن اعتماد التخصيص كشعار أيديولوجي لان هذا سيكون كارثة على البلد"، مشدداً على التوازن بين الإفادة من آليات السوق وبين المحافظة على المكاسب الاجتماعية للناس ومنع أي عواقب من شأنها ان تثير اضطرابات اجتماعية وتؤدي إلى نوع من أنواع الفاقة والبطالة والفقر.
وأكد الحافظ انه لن يكون هناك تمييز لمصلحة الاستثمارات الأجنبية "ونحرص على ان توضع كل الأمور المتعلقة بالمناقصات الدولية في جو من الشفافية والمناقشة الحرة وضمن ضوابط صارمة"، مشيراً الى انه "لا يمكننا أن نضع عوائق أمام رأس المال الوطني أو العربي". وفي ما يأتي نص الحديث:
عُيّنت وزيراً للتخطيط والتعاون الدولي في الحكومة العراقية الجديدة. كيف تفهم التخطيط؟
- البلد في حاجة إلى سياسة واضحة لتنمية القطاعات المختلفة والتخلص من تركة الماضي التي تتجسد في مظاهر التخلف على مستوى الإنتاج الوطني وفي البنى التحتية وما أصابها من تخريب جراء الحرب والسياسات السابقة والحصار الدولي. عوامل كثيرة تحتم ان تكون هناك نظرة شاملة لتنمية البلد وفق خطة واضحة، من دون التقليل من شأن القطاع الخاص والاعتماد عليه كأحد الآليات الرئيسة للتنمية الشاملة. لدينا مشكلة معدل النمو الذي هو في حالة سالبة، بعدما كان يناهز 11 في المئة نهاية السبعينات. ولكن بسبب سياسات النظام السابق والحروب التي انتهجها والحصار الدولي تدهورت معدلات نمو الإنتاج والاقتصاد الوطني عموماً وأصبحت الآن تقارب ناقص ستة -6، وهذه حال مريعة للغاية.
كما ان لدينا مشكلة تخلف بعض القطاعات الاقتصادية كالزراعة التي أصبحت عاجزة عن تلبية حاجات السكان والسوق المحلية، ومشكلة الديون الخارجية التي تبلغ بحسب تقديرات بعض المؤسسات الدولية نحو 130 بليون دولار. طبعاً هذه الديون محسوبة على أساس الدين الأساسي مضافة اليه الفوائد المتراكمة منذ سنين. وهذه المشكلة لا بد ان تعالج كإحدى الأولويات، وكان قرار مجلس الأمن الرقم 1483 أحال هذه القضية إلى "نادي باريس" لتسويتها في شكل إيجابي، أي ان يجري البحث في اتجاه إما تقليص بعض هذه الديون على سبيل الإعفاء أو إيجاد صيغة جديدة للدفع على فترات متعاقبة. لكن وجهة نظرنا هي أن المسألة يجب ان تحل في شكل جذري لأن البلد عانى كثيراً في العقدين الماضيين، وترتبت أعباء جديدة بسبب الحاجة إلى الموارد المالية للإعمار واصلاح البنى التحتية، خصوصاً قطاع النفط والصناعة النفطية.
كلفة إعادة الإعمار تقدر بنحو 100 بليون دولار بحسب بعض المؤسسات الدولية. ونعتقد أنه لا بد من ان يراعى الشعب العراقي بعد كل هذه المصائب التي حلت به وان يجري إعفاؤه من هذه الديون، ولنا ثقة في ان الجهد الذي نقوم به للتعاون مع الكثير من المؤسسات والأصدقاء في العالم من شأنه ان يؤدي إلى نتيجة إيجابية.
طبعاً لدينا مشكلة أخرى هي مشكلة التعويضات. فقرار مجلس الأمن ثبت 50 في المئة من عائدات النفط لتغطية تعويضات أصحاب الدعاوى ممن تضرروا من حرب الخليج الثانية. والواقع ان الشعب العراقي ليس مسؤولاً عما حصل وانما النظام السابق، ودفع العراق حتى الآن نحو 19 بليون دولار تعويضات، وبحسب سجلات لجنة التعويضات يناهز حجم التعويضات المطلوبة 300 بليون دولار، وهناك ما قيمته 50 بليون دولار من الطلبات تمت الموافقة عليها من قبل لجنة التعويضات ويفترض أن يقوم العراق بدفعها. هذا ظلم كبير ولا بد ان يوضع حد له. نحن لا نريد ان نظلم أحداً أو نبخس حق أحد، ولكن لا بد من ان يكون العدل متكافئاً وان ينقذ الشعب العراقي من هذه الكارثة التي تسمى أعباء السياسات السابقة.
كيف ترون الدعم الدولي الذي يمكن ان تحصلوا عليه في المحافل الدولية لإلغاء التعويضات أو خفضها. الرئيس جورج بوش تحدث عن دعوة الدول المانحة لمساعدة العراق، وهناك مؤتمر يعقد قريباً، فماذا سيكون موقفكم؟
- نعير اهتماماً كبيراً للعون الدولي وهذا يتخذ أشكالاً مختلفة، أولها السعي إلى الافادة من المؤسسات الدولية لتمويل المشاريع والبرامج الهادفة لإعادة الاعمار واصلاح البنى التحتية وتطوير الموارد البشرية لحل مشكلة البطالة والفقر التي باتت ظواهر مفجعة، إذ تتجاوز نسبة البطالة في العراق 50 في المئة وهذه حال شاذة للغاية يجب ان تعالج وتعطى أولوية، لأن مسألة الفقر مصدر ويلات اجتماعية. نحن في حاجة إلى المعونة الدولية ونسعى من خلال علاقاتنا الدولية للحصول على المعونات اللازمة لمعالجة كل هذه القضايا.
وهناك مجال مهم آخر هو تشجيع الاستثمار الأجنبي، وله أولويات لجهة مجالات الاستثمار ونسبه. ونحرص على تأمين كل الوسائل والضمانات لجذب الاستثمار الأجنبي، ولا اشك في ان أهم هذه الضمانات أو العوامل المشجعة هو توفير الأمن والاستقرار في البلد. وهذه مهمة مركزية بالنسبة إلى الحكومة، وللأسف الأمن لا يزال يتعثر بسبب نشاط قوى لا تريد ان ينهض هذا البلد ويستقر، ولهذا نحن أمام تحد كبير وهو ضرورة توفير المناخ اللازم للاستثمار الأجنبي. ولو توافر هذا المناخ، وأنا متفائل بذلك، ستكون لرأس المال الأجنبي فرص كبيرة في العراق لان مشاريع إعادة الإعمار واسعة جداً وتغطي قطاعات حيوية. ومنذ اشهر بدأت البعثات الأولية للشركات والمؤسسات الكبيرة تصل الى العراق للبحث في الكثير من المشاريع. لا بد أن تكون هناك نظرة واضحة للاستثمار الأجنبي ونحن في صدد دراستها، وأتمنى ان يصدر هذا القانون بسرعة ليتاح لهذا المورد المهم ان يكون فاعلاً في الظروف الجديدة.
في مشروع القانون الجديد فقرة جديرة بالاهتمام تقول ان الاستثمار الأجنبي لن يعامل بشروط اقل مواتاة مما يعامل رأس المال العراقي، لكن ليس فيها ان الاستثمار الأجنبي لن يعامل افضل. هل ستضعون هذا الشرط حتى لا يكون الاستثمار الأجنبي معززاً على حساب الاستثمار المحلي؟
- لم يستكمل درس هذا القانون في شكل كامل بعد. هناك مناقشات ستجرى قريباً وثمة وجهات نظر مختلفة، لكنه بالتأكيد سيراعي وضع رأس المال الوطني ويوليه اهتماماً خاصاً، وهذا رأيي الشخصي، لئلا تكون المنافسة الأجنبية على حساب تنمية القطاع الوطني أو رأس المال الوطني. كما نحرص على وجود حال من التوازن بين تنمية رأس المال الوطني وإعطائه فرصاً جيدة، وبين الافادة من رأس المال الأجنبي وتشجيعه في مجالات حيوية مهمة في الاقتصاد.
ما هي حركة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية المتوقعة إلى العراق؟ وهل هناك دراسات تظهر ان السوق يمكن ان تستوعب مشتقات مالية مختلفة تسهم في تمويل عملية إعادة الاعمار؟
- نحن الآن في صدد التحضير لمؤتمر مدريد الذي يعقد الشهر المقبل، وهذا المؤتمر سينظر في أوجه الاستثمار في العراق والمعونات التي تقدم من دول ومن مؤسسات دولية. في تقديرنا الرقم المعطى لإعادة الإعمار هو 100 بليون دولار، وهذا طبعاً كلفة تقديرية يمكن ان نعتبرها سقفاً للمشاريع والبرامج التي نسعى إلى تنفيذها، لكن هذا الأمر سيكون مرهوناً أساساً بالمشاريع التي تكون موضع جذب بالنسبة إلى رأس المال الأجنبي والكلفة المتوقعة. في تجربتي الشخصية في هذا الموضوع عندما كنت اشرف على مؤتمرات تشجيع الاستثمار في "آنيدو" كان هذا الأمر دائماً عرضة للتغيير بسبب رغبة الممولين الخارجيين ومصلحتهم، إذ أنك قد تجد ان الممول يجد في مشروع أو برنامج معين ما مصلحة في بداية التفاوض، ولكنه في آخر لحظة يمكن ان يغير رأيه، ولذلك لا بد من ان نكون مرنين في تقديم المشاريع والبرامج ونحاول ان نركز على المجالات الحيوية التي تتعلق بحياة الناس.
ثمة شكوى في العالم العربي من أن الاستثمار الأجنبي أو رأس المال الأجنبي المباشر يريد السيطرة على الموارد القومية والوطنية، ولكن أيضاً هناك رد من بعض قطاعات الاستثمار بأن السوق العربية ليست مغرية كما هي الحال مع أسواق أخرى. هل ستكون السوق العراقية مغرية، خصوصاً على المدى القصير أي ثلاث سنوات بغض النظر عن القوانين والتشريعات، مع الأخذ في الاعتبار مشكلة الأمن؟
- هناك نوعان من الاستثمار الأجنبي: المباشر والاستثمار في المجالات غير المنتجة وهو الاستثمار الذي يحصل في البورصات وشراء العملة وبيعها والمضاربات المالية. هذا النوع من الاستثمار لن ينفع العراق. نحن ندعو إلى استثمار مباشر في القطاعات المنتجة الحيوية المفيدة لحياة الناس، لأن مشاكلنا ومجالات الاستثمار تتحدد أولاً بترميم القطاع النفطي. الصناعة النفطية في حاجة إلى تأهيل وتطوير والى استكشاف حقول جديدة، وهذا يتطلب مبالغ كبرى. وهناك أيضاً البنى التحتية التي خربت وهي في حاجة إلى تأهيل وترميم، وهذا استثمار مباشر.
وهناك أيضاً الاستثمار في قطاعات عدة في الصناعة والزراعة وفي تطوير الموارد البشرية، وهذه مجالات حيوية لحياة الناس. الأمر الأهم بالنسبة إلينا أننا نتوخى من الاستثمار الأجنبي ثلاثة أهداف أساسية: الأول توليد فرص عمل جديدة لمعالجة مشكلة البطالة وإزالة الفقر، والثاني نقل التكنولوجيا لتحديث بناء الاقتصاد والهياكل الاقتصادية، والثالث إننا نعتقد انه يجب ان تؤخذ في الاعتبار محاولة إعادة التوازن الى الاقتصاد الوطني بما يضمن على المستوى الاستراتيجي إزالة حال الاختلال وتنويع موارد الدفع. هذه أهداف رئيسة نسعى إلى تحقيقها ونعتقد ان هذه الخطة إذا اعتمدت ستؤدي إلى نتائج جيدة.
هناك خطر يترافق مع تسليم رأس المال الأجنبي الخاص قطاعات الخدمات مثل إنتاج الكهرباء أو غيرها. ألن تؤدي عملية التخصيص وتسليم هذه القطاعات لشركات أجنبية إلى تحميل المواطن المنهك أساساً أعباءً اجتماعية إضافية وإلى حدوث مشكلة تجعل كلفة المعيشة أعلى؟
- طبعاً هناك مشكلة تجب مواجهتها بسياسة واضحة. اعتقد ان التخصيص يجب ان يدرس في ضوء حاجات الاقتصاد الوطني ولا يمكنني ان أتقبل التخصيص كشعار أيديولوجي لان هذا سيكون كارثة على البلد، إذ عليه أن يستند إلى متطلبات تطور الاقتصاد وحاجات الناس، فإذا وجد مشروع زراعي وكانت هناك أسباب تبرر تخصيصه فلا بد ان يعتمد المقياس الاقتصادي ومعيار الكلفة والعائد، وإلا يصبح التخصيص تصرفاً أو إجراء أيديولوجياً يراد منه ان يقال اننا ندعو إلى اقتصاد السوق بدل الاعتماد على دور الدولة، وهذه مسألة تؤدي إلى نتائج سيئة، منها العواقب الاجتماعية الضارة وانعكاسها على حياة الناس وتضخم البطالة. حصل ذلك في عدد من البلدان بسبب عدم اتخاذ الخطوات المانعة لحصول عواقب اجتماعية من هذا القبيل. هناك مثلاً مسألة إلغاء الدعم عن بعض الأسعار. هذه أيضاً مشكلة اجتماعية اذ اننا في بلد كانت الدولة تلعب فيه دوراً أساسياً. خذ مثلاً برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي كان بالنسبة إلى حياة ملايين الناس عنصراً أساسياً، وهو في الحقيقة نوع من أنواع الدعم. هذا البرنامج سيتوقف في تشرين الثاني نوفمبر المقبل وستنشأ مشكلة ما لم يجر الاحتياط لها من الآن. فالمسألة ينبغي ان تعالج في ضوء ظروف الاقتصاد الوطني وحاجات التنمية وليس بدافع الدعوة إلى الأخذ بآليات السوق. ولا بد أن يكون هناك توازن بين الإفادة من آليات السوق وبين المحافظة على المكاسب الاجتماعية للناس وتطويرها ومنع أي عواقب من شأنها ان تثير اضطرابات اجتماعية وتؤدي إلى نوع من أنواع الفاقة والبطالة والفقر.
الأميركيون يقولون علناً ان الطريق إلى السوق العراقية تمر في واشنطن، أي ان هناك احتكار للشركات الأميركية أو البريطانية وحدها لأن هناك تحديداً لقدرة رأس المال الأجنبي والشركات الأخرى ومنها العربية على الدخول في المناقصات وفي عملية التنمية، كما هي الحال مثلاً في مناقصات الهاتف الجوال التي وضعت بطريقة ليس في وسع أي شركة عربية ان تشارك فيها. هذا الموقف يمكن ان يؤذي عملية التنمية لأنه مسيس أو مؤدلج. هل ستصطدمون بالأميركيين والبريطانيين في لحظة من اللحظات؟
- أولاً للأميركيين والبريطانيين رأيهم وتوجهاتهم وهم في الواقع يمثلون مصالحهم الخاصة. لكن نحن الذين تولينا المسؤولية أخيراً ننظر إلى هذا الأمر من منظار مصلحة الشعب العراقي والاقتصاد الوطني، ونحرص على ان توضع كل الأمور المتعلقة بالمناقصات الدولية في جو من الشفافية والمناقشة الحرة وضمن ضوابط صارمة. لا يمكننا أن نضع عوائق أمام رأس المال الوطني أو العربي، وهذه هي القضية المركزية للتعامل مع رأس المال الخارجي. وما لم تعتمد هذه الضوابط سيكون هناك من دون شك نوع من المحاباة والتمييز.
وفي ما يتعلق بالجانب العراقي ووزارة التخطيط، عندما ستعرض علينا أمور من هذا القبيل سيما وأننا قادمون على مشاريع مناقصات دولية، سنحرص على ان تتم في جو من الشفافية والمنافسة الحرة ولن نسمح بأي محاباة لمصلحة أي طرف أجنبي.
أنتم تريدون مساعدات دولية، والمال يأتي دائماً مشروطاً ليس بالنيات الحسنة بل بشروط سياسية، وبما انكم في وضع المتلقي فأنتم لستم في موقع التفاوض بقوة. مشروع الهاتف الجوال، مثلاً، نفذ كما يريد الأميركيون وبشروطهم، وأصبح أمراً واقعاً. والأمر قد يتكرر مع مشاريع أخرى؟
- قانون الهاتف الجوال ما زال معروضاً على مجلس الحكم وهناك دراسة له ستتم قريباً ولم يؤخذ قرار بعد في شأنه. بالتأكيد هناك وجهات نظر كثيرة مثل وجهة النظر التي تفضلت بها، لكن هناك حرصاً جدياً على أن يتم هذا الأمر من قبل ضمن ضوابط تسمح بإعطاء فرصة جدية لرأس المال الوطني ورأس المال العربي. ولهذا من السابق لأوانه إعطاء حكم على هذه المسألة، لكن لا اخفي عليك ان ساحة العراق مفتوحة الآن والمؤثرات فيها كثيرة سواء من جهات غربية أو عربية. هناك بعثات وفرق مرسلة من شركات عالمية عملاقة والصراع دائر على أشده ونحن في ظرف دقيق ونحاول قدر الإمكان ان نضع قاعدة لإجراء كل هذه المنافسات بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني.
هناك شعور وطني في المؤسسة العراقية التي تحاول استعادة قدر اكبر من سيادتها، لكن هناك أيضاً ضغوطاً من رأس المال الأجنبي، ربما بمشاركة بعض المسؤولين في الإدارة المدنية الأميركية والبريطانية. كيف تستطيعون ان تفرضوا رأيكم؟ نسمع عن حالات كثيرة يجري فيها الحديث عن رشوات يتلقاها بعض المسؤولين الأميركيين في بعض الوحدات العسكرية، وبعض حالات المحاباة. هل يمكن ان يصدر قانون ضد الرشوة، مثلاً، يكون جزءاً من مساعي فرض الشفافية في العراق؟ هل ستقومون بمبادرة لحماية الاستثمار؟
- نحن في بداية العمل. البلد ما زال محتلاً وهناك سلطة تمثل دول الاحتلال. وفي المقابل هذه السلطة الآن نشأت: سلطة وطنية ليست كاملة الصلاحيات لكن لها فرصاً كبيرة في ان تتقدم لانتزاع الكثير من الصلاحيات في المستقبل، وهذا هو التحدي الكبير أمامنا، وخيارنا كان أن نسير في هذا الطريق متسلحين بدعم القوى السياسية وجماهير الشعب والرأي العام العربي.
الأمور التي ذكرتها يمكن ان تحصل وحصلت. هذا أمر لا أستطيع ان أؤكده أو أنفيه ولكن لا أستبعده، والمطلوب منا في المرحلة المقبلة أن نحاول تحصين السلطة العراقية من أي محاولات للتأثيرات الأجنبية سواء جاءت من طريق الإفساد المالي أو الضغوط السياسية أو حتى الضغوط العسكرية، لأن الاستقلال الحقيقي لا يتم ما لم تكن هناك حصانة للاقتصاد الوطني. ونحن نحرص كامل الحرص على ان نوفر الضوابط المؤدية الى ذلك. لسنا مبالغين ولسنا متشائمين، لكننا نعتقد ان مواجهة هذا التحدي يكون عبر استعادة الاستقلال الوطني واستعادة القرار السياسي بالكامل، وأنا اعتقد ان تجربة الأشهر الأخيرة أثبتت بأن الجانب العراقي استطاع ان يحقق الشيء الكثير وهو يتقدم في اتجاه هدفه بثبات.
قانون لمكافحة الرشوة والفساد المالي يمكن ان يكون جزءاً من خطط التنمية؟
- لا شك في أن هذا أمر في غاية الأهمية، ونحن لن نتسامح في هذه المسألة. من اكبر الأمراض التي تصيب الاقتصادات الوطنية تفشي الرشوة والفساد المالي، وهذه ظاهرة منتشرة في بلدان كثيرة نامية وحتى في البلدان المتقدمة اقتصادياً. لذلك نعتقد ان من الضمانات الأساسية لحماية الاقتصاد الوطني إصدار قانون لمحاربة الرشوة وكل أشكال الإفساد المالي. هذه مسألة جوهرية نحرص على تنفيذها.
يعني انتم تبنيتم هذه الفكرة؟
- تبنيناها ونحرص على تنفيذها، ولكن حتى لا يتصور أحد بأننا مقبلون على صنع المعجزات، أذكّر بأننا أمام تحديات وموانع كثيرة ونأمل بأن نحقق المكاسب على مراحل لأن ظروفنا صعبة وميزان القوى مختل والبلد ما زال في ظل احتلال، إلا أننا واثقون في أن الخط الوطني يتقدم إلى الأمام.
عملية التخطيط تحتاج موارد بشرية كفية. هل لديكم هذه الموارد؟
- الموارد البشرية من أهم الثروات التي يمتلكها العراق.
في الوزارة والتخطيط؟
- أعتقد أن الخطة الصحيحة أن يجري الإفادة من كل الطاقات والقدرات الموجودة سواء داخل أجهزة التخطيط أو خارجها. ومن الأمور التي اهتم بها شخصياً أن يجرى مسح لهذه الكفايات وان يجري توظيفها في أشكال مختلفة ليس بالضرورة ضمن التوظيف الرسمي للوزارة وإنما على سبيل استشارات أو الاستفادة من الخبرات ضمن دورات التدريب والندوات واعداد الدراسات وهي أمور جوهرية. هذا البلد يمكن ان يستفيد من أبنائه من دون تمييز لاعتبارات دينية أو قومية أو تعصب مذهبي. ووزارة التخطيط ستكون في خدمة كل العراقيين وأنا في اليوم الأول لدخولي الوزارة أعلنت ذلك أمام كل الموظفين، وقلت: هذه الوزارة للعراقيين جميعاً ولا بد من ان تكون ميداناً للتنافس في ما بينهم للاستفادة من كل القدرات والطاقات في صورة بناءة.
وإذا تحدثنا عن تخطيط النمو. هناك نمو ديموقراطي ونمو اقتصادي وبالتالي لا بد من إحصاء الكم البشري لمجموع السكان. هل من إحصاء تنوون القيام به؟
- هذه إحدى المهمات الرئيسة التي سنقوم بها خلال الأشهر المقبلة. نحن مقبلون على إجراء انتخابات برلمانية ونعتبر ان إجراء هذه الانتخابات بعد إعداد دستور سيكون المهمة الأساس الثانية في المسيرة السياسية في البلد والتي ستفضي إلى تشكيل حكومة منتخبة من شأنها أن تؤدي إلى استعادة السيادة الوطنية كاملة. الإحصاء أو التعداد السكاني سيأتي في الفترة المقبلة وبدأنا التفكير بهذا الأمر ليس فقط لأن تطوير البلد وتنميته انماء اقتصادياً يتطلبان ذلك، ولكن لا بد من إعداد سجلات للناخبين وهي مسألة في غاية الأهمية من الناحية السياسية، كما ان متطلبات التنمية المستدامة الشاملة تتطلب ان تكون أمامنا صورة ناجحة عن كل ما يتعلق بحالة السكان: الصورة الديموقراطية للبلد والتي من شأنها ان تشكل الأساس لأي خيارات اقتصادية نتبناها في مجال التنمية.
قلتم ان برنامج النفط مقابل الغذاء يتوقف بعد شهرين، هل يعني ذلك توقف البطاقة التموينية والدعم الحكومي؟
- البطاقة التموينية المرتبطة بالبرنامج ستتوقف. لكن هناك دراسة لإيجاد بديل لذلك، ومن شأن هذه الدراسة ان تفي بالغرض وهو عدم تعريض الناس إلى مصاعب معيشية ولا بد من ان تنجز في وقت قصير.
ما هي الفترة المتوقعة لدراسة من هذا القبيل؟
- لا بد أن يكون ذلك قبل انتهاء صلاحية البرنامج وهي تنتهي في تشرين الثاني نوفمبر كما ذكرت. وفي الحقيقة هناك بعض الأموال التي ستعاد إلى العراق وهي تناهز، بحسب ما ذكر من قبل مدير البرنامج سيفان في آخر لقاء له، بحدود بليوني دولار. لكننا في الوقت نفسه لا بد أن نضع خطة لذلك وتشرع هذه الخطة بحيث لا يتعرض المواطنون إلى مصاعب معيشية جديدة.
هل تسرعون التعداد السكاني خدمة للخطة البديلة عن برنامج النفط مقابل الغذاء؟
- التعداد السكاني الهدف منه، أولاً، من الناحية السياسية التحضير للانتخابات البرلمانية لإعداد سجلات الناخبين. هذه قضية سياسية ملحة للغاية. والهدف الثاني هو إعادة درس ملامح حاجات الاقتصاد الوطني المحلية على مستوى المحافظات، أو على مستوى البلد ككل، ولذلك فإن أي تصور لتنمية البلد لا يمكن القيام بتحقيقه وإنجازه ما لم تكن لدينا صورة متكاملة للوضع الديموغرافي في البلد.
أين السياحة من كل ذلك؟ السياحة لا تحتاج إلى رساميل عالية لتوظيفها في توليد وظائف؟
- السياحة مرتبطة بالأمن والاستقرار، وحتى لا تكون لدينا أوهام فالبلد ما لم يستقر ويحصن ضد أخطار الإرهاب والعنف من الصعب ان نضع تصورات متفائلة عن السياحة.
بالتأكيد هناك السياحة الدينية وهي مصدر مهم من مصادر الدخل، لكن هذه المسألة أيضاً بحاجة إلى ضوابط. ونشعر بأن هذا الأمر لا بد ان يعالج في المستقبل القريب، وأن نسعى في صورة جادة وشاملة إلى حفظ الأمن واستعادة الاستقرار، وهما شرطان أساسيان للاستثمار الأجنبي في السياحة لتنمية الاقتصاد وتمكين الناس من التمتع بحياة طبيعية في ظل المناخ العام الذي يتطلع اليه العراقيون.
الحاكم المدني بول بريمر أبلغ "الحياة - أل بي سي" بأنه حتى لو قبض على صدام حسين فان ذلك لن يوقف العنف، بل ربما يخفف نسبته. إذا لم تنخفض النسبة فان ذلك يعني مناخاً غير مناسب للاستثمار الأجنبي. وربما أمامكم عام أو عامان أو ثلاثة قبل ان تبدأ الرساميل الأجنبية تشعر بالرغبة في القدوم إلى العراق. في هذه الحال كيف سيكون موقفكم؟
- هذا تحد كبير من دون شك. أنا لا اعتقد ان الأمر يبلغ هذا المدى الزمني بل أتصور ان مسألة الأمن والاستقرار ستتحقق عندما تتوافر للعراقيين القدرة على إعادة السلطة الوطنية. هذه مسألة ليست وهمية لأن مؤشرات كثيرة بدأت تظهر، مثلاً الآن يوجد مشروع قرار في مجلس الأمن ينص على إعطاء جدول زمني لإنهاء سلطة الائتلاف وتسليم السلطة للعراقيين، والخلاف يدور حول ما إذا كان لمجلس الحكم أن يطلب البرنامج الزمني. كذلك فأن يكون موقف الولايات المتحدة متقبلاً لخيار من هذا القبيل هو في حد ذاته خطوة كبيرة إلى الأمام، لأن الضغط يأتي من دول أخرى: من فرنسا وألمانيا والصين وروسيا وكذلك من الجانب العراقي. القوى السياسية العراقية تجمع على ضرورة استعادة السلطة كاملة في أقرب فرصة، لهذا اعتقد بأن الباب سيفتح قريباً لامكان استعادة السلطة في أسرع وقت وتسليم الصلاحيات للعراقيين، هذا أولاً. وثانياً سيكون للأمم المتحدة دور كبير في العملية السياسية الجارية في العراق من خلال مجيء قوات دولية متعددة الجنسية تحت إشراف الأمم المتحدة، أو ربما تجري مساومة تتيح إبقاء إشراف أميركي. هذا أمر لم يتحدد بعد ويجري تفاوض حوله في مجلس الأمن، ومن المتوقع ان يصدر هذا القرار خلال أسبوع أو عشرة أيام، لذلك اعتقد بأن مفتاح حل مشكلة الأمن والاستقرار في البلاد يكمن في استعادة السلطة الوطنية العراقية وتمكين العراقيين من معالجة قضية الأمن من طريق دور فاعل للشرطة الوطنية لأجهزة الدفاع المدني. وهذه مسألة نوقشت في الآونة الأخيرة وعليها اتفاق، وكلي أمل وثقة كبيرة بأنه سيمكننا التقدم على هذا الطريق.
هل تعتقدون عملياً بوجود فرصة لتحقيق آمالكم؟ لا أريد أن أقول ان هنالك تشاؤماً مطلوباً ولكن هل في الإمكان في ظل كل هذه الظروف وحقول الألغام التي تمرون بها إتمام عملكم؟ تخططون وتطلبون بعد ذلك ولا يأتيكم الدعم مسبقاً، وأنتم لا تستطيعون التخطيط بناء على موارد ثابتة موجودة مسبقاً، وهذا مرهق أحياناً لا سيما في ظل ظروف متغيرة. هل هذا يعني أن في إمكانكم تحقيق شيء عملي؟
- هذا توصيف صحيح ودقيق. نحن نسير في طريق ألغام لكن سيرنا يمثل خياراً وطنياً حقيقياً مبنياً على دراستنا لأوضاع البلد على خصائص الوضع الإقليمي والوضع الدولي. ونشعر أن هذا الخيار هو الوضع الأسلم لأننا نمثل رأي غالبية الناس الطامحة إلى اعادة الاستقرار والأمن لاستعادة الاستقلال الوطني وإنهاء الاحتلال ولتمكين البلد من النهوض من جديد. هذا هو الخيار الأسلم بالقياس إلى الخيارات الأخرى.
نحن لا نستطيع ان نمارس أساليب كما يحاول البعض، لا السيارات المفخخة ولا تخريب انابيب النفط ولا ضرب الأمم المتحدة ولا الاغتيالات السياسية تؤدي إلى نتيجة. هذه تسير في اتجاه مضر بمصلحة البلد. وخيارنا مبني على أساس قناعة، والقوى السياسية مجمعة عليه، وليس هناك من يتنكر لهذا الخيار إلا قلائل ونعتقد ان المستقبل يؤمن كثيراً من الضمانات، وكما ذكرت لك الوضع الدولي يتغير لمصلحتنا، وكذلك الوضع العربي، والوضع الداخلي يتقدم في اتجاه إعطاء مزيد من الصلاحيات للعراقيين. ونحن متفائلون بأن هذا الطريق سيصل إلى نتيجة، لذلك فان مسألة الموارد ورأس المال الأجنبي مرهونة بنجاح العملية السياسية، وبمقدار ما تنجح هذه العملية السياسية بمقدار ما يمكننا القول ان مناخ الاستثمار في العراق سيكون مناخاً مناسباً.
ماذا عن الاتفاقات الدولية مع بقية الدول أو مع العالم الخارجي ومع منظمة التجارة الدولية وغيرها، وماذا سيكون مصير القطاع المصرفي؟ هل هناك من خطة لتطويره؟
- طبعاً العراق ليس عضواً في منظمة التجارة العربية، لكن هناك اتفاقات مع دول أخرى وهي موضع دراسة لمراعاتها ضمن المعايير والمصالح المتبادلة، ولدى وضع خطة للمستقبل ما من شك في أن هذه الأمور ستدرس وسنصل إلى خطة واضحة وتتحول إلى سياسة رسمية.
إصلاح القطاع المصرفي أيضاً سيكون على جدول عملنا في المستقبل القريب وهناك اتجاه لتشجيع القطاع المصرفي ومعاودة درس المشاكل التي يعاني منها. هناك أيضاً مشكلة الأمن. بالنسبة للمصارف هناك أيضاً مشكلة العملة الجديدة وكيفية التعامل معها. هناك مشكلة الضمانات للمودعين لأنه لا يزال مودعون كثيرون لا يولون ثقتهم للمصارف القائمة. وفي الوقت نفسه فان اعادة هيكلة المصارف مسألة في غاية الأهمية لأن ما كان قائماً في العراق لم يكن في الواقع قطاعاً مصرفياً يتمتع بوضع سليم. وكمثال على ما كان يجري: أحد معاوني المصرف المركزي سابقاً يذكر ان إصدار العملة أو إعادة طبع العملة الذي كان سائداً آنذاك كان يتم ليس وفق حاجات التداول النقدي، إنما بمقدار الطاقة الفنية وقدرة الآلة على الطبع. وهذه مسألة كارثية. يعني هذا الأمر كان يجري وفق اتجاهات واهواء ذاتية لهذا الحاكم أو ذاك. وتعلم كيف كانت تجري الأمور على صعيد السلطة السياسية إذ كان يتم طبع العملة في ضوء طاقة الآلة وليس في ضوء حاجة التداول النقدي.
كم لديكم من أموال أعيدت للعراق أو مجمدة ستعاد؟
- هنالك تقديرات أولية. مجموع ما يتوقع ان يكون في حوزة العراق بحدود 18 بليون دولار وهذه تتوزع بين الأموال المجمدة في الخارج سواء في الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية أو بعض الأموال المودعة في بعض المصارف المرتبطة ببعض عمليات واتفاقات تجارية كلبنان والأردن، وفي الوقت نفسه نحو بليوني دولار في برنامج "النفط مقابل الغذاء". وهناك مبالغ معينة في بعض دول الخليج المرتبطة باتفاقات اقتصادية أو تجارية غير منفذة. كل هذا يوصل تقديراتنا الأولية الى نحو 18 بليون دولار.
هنالك فرقة لمكتب التحقيقات الفيديرالي أف بي آي تحقق في أموال النظام السابق، كما أن بعض المعتقلين في المطار من أركان النظام اعترف بمكان وجود بعض أمواله. هل 18 بليون دولار تشمل هذه الأموال التي ستتم استعادتها؟ وكم حجم هذه المبالغ التي سيسهم الأميركيون في استعادتها؟
- ليست لدي معلومات عن أي تحقيقات. سمعت ذلك من الأخبار والصحف، ولكن ال 18 بليون دولار لا علاقة لها بهذه المصادر. ربما هناك مبالغ أخرى يجري التوصل اليها من خلال كشف حسابات بعض أعوان أو حسابات سرية للسلطة السابقة. وأنا لا استبعد أن يجري التوصل إلى أمور قد تبدو وكأنها من باب الخيال لأن الطريقة التي تم التلاعب فيها بأموال الناس وأموال الدولة في العهد السابق ليس لها مثيل في أي دولة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.