قال وزير التجارة العراقي الدكتور محمد مهدي صالح في حديث ل"الحياة" في الدوحة التي زارها أمس انه بحث في قطر في موضوع انشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين وتفعيل العلاقات التجارية. وأضاف ان مناقشات تجري أيضاً مع البحرين في هذا الشأن، مشيراً الى اتصالات مع المنامة بهدف دعم التجارة البينية واقامة منطقة حرة للتجارة. وزاد ان مستوى التبادل التجاري ارتفع مع دول مجلس التعاون الخليجي وبلغ في اطار مذكرة التفاهم 3.5 بليون دولار، أما مع القطاع الخاص في هذه الدول الخليجية فبلغ 6.5 بليون دولار خلال الأعوام الخمسة الماضية. وبالنسبة للتجارة مع الدول العربية أوضح انها بلغت 21 بليون دولار، وهي نصف قيمة التجارة الخارجية. وكشف في هذا الاطار وجود لجان مشتركة مع عدد من الدول لدعم العلاقات. كما كشف ان شركات اميركية أجرت اتصالات مع بغداد في سبيل التعاون الاقتصادي. وطالب برفع الحصار عن بلاده، مؤكداً ان برنامج "النفط للغذاء" أثبت فشله في تخفيف معاناة العراقيين. وفي ما يأتي نص الحديث: في ضوء اجتماعك مع وزير المال والاقتصاد والتجارة القطري يوسف حسين كمال، ما هي آفاق العلاقات بين البلدين؟ - اتفقنا على أن تتخذ اجراءات تنفيذية لتفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين الشقيقين، وتمت مراجعة ما تحقق وهو ما زال قليلاً قياساً بالطموح والعلاقات الاخوية التي تربط البلدين على مستوى الشعبين والقيادتين. ثانياً، تم بحث موضوع انشاء منطقة تجارة حرة بين قطروالعراق، وهناك دراسات في سبيل اتخاذ قرار لتنفيذها منطقة التجارة الحرة ولدينا محادثات مستمرة في هذا الشأن. وماذا عن نتائج اجتماعك مع مسؤولي غرفة تجارة وصناعة قطر؟ - اتفقنا على تبادل الزيارات بين الفرق التجارية ومع وزارة التجارة العراقية، كما بحثنا في موضوع تسجيل اسماء شركات منتجة قطرية لاعطاء أهمية لها في عملية التبادل التجاري. وركزنا على تفعيل الحركة التجارية في اطار الرواية القومية للعراق التي تعطي الدول العربية الشقيقة الأولوية في تجارة العراق الخارجية استناداً الى توجيهات الرئيس القائد صدام حسين. بلغت التجارة مع الدول العربية نسبة خمسين في المئة من نسبة تجارتنا مع دول العالم خلال العام الماضي، فكانت التجارة مع الدول العربية 21 بليون دولار اجمالي التجارة الخارجية 42 بليون دولار العام الماضي. وهل ناقشت في الدوحة موضوع استخدام ميناء الدوحة لتصدير أو إعادة تصدير سلع الى العراق؟ - ناقشنا هذا الموضوع ونحن نرحب بأن يكون هناك تصدير من خلال ميناء الدوحة، والأمر متروك للاخوة في قطر والشركات العربية والأجنبية، لأن التعاقد بين العراق والدول والشركات العربية والأجنبية تم على أساس ايصال البضائع الى المحافظاتالعراقية. ومن مسؤولية الشركات تحديد الموانئ التي تتوقف فيها البضائع، وهذا يعتمد على الميزات التي تقدمها الموانئ للشركات. لكن هل لديكم نية لاستخدام ميناء الدوحة لتصدير سلع الى العراق؟ - نعم لدينا نية ونشجع الشركات الأجنبية لاستخدام ميناء الدوحة، لكن قرارها الشركات الأجنبية هو النهائي. وهل صحيح ان هناك توجهاً لاقامة منطقة تجارة حرة بين العراقوالبحرين؟ - نعم، والعراق منفتح على كل الدول العربية، وكل دول مجلس التعاون الخليجي. والبحرين بشكل خاص... ماذا عنها؟ - هناك مناقشة حول موضوع تفعيل التجارة البينية بين البلدين، اضافة الى موضوع منطقة التجارة الحرة. وبالنسبة للامارات تم التوقيع على اتفاق في هذا الشأن، ولدينا اتصالات وحوارات حول هذا الموضوع مع دول عربية عدة. والى أين وصلتم مع البحرين في شأن المنطقة الحرة؟ - هناك اتصالات وحوار حول هذا الموضوع. وماذا عن مستوى التبادل التجاري بين بغداد ودول مجلس التعاون الخليجي؟ وهل ارتفع حجم التبادل؟ - نعم، واستطيع ان أقول ان التبادل مع دول مجلس التعاون في اطار مذكرة التفاهم وحدها تجاوز 3.5 بليون دولار، اما بالنسبة للتجارة مع القطاع الخاص فبلغ 6.5 بليون دولار خلال الخمسة أعوام الماضية، وهذا ليس رقماً قليلاً. والتجارة البينية مع الدول العربية واسعة وتزيد على 21 بليون دولار، وثلثها مع دول الخليج العربي. وهل هناك نمو في التبادل التجاري مع السعودية؟ - تجاوز مع السعودية بليون دولار، في اطار مذكرة التفاهم وخارجها. وما حال الاقتصاد العراقي حالياً في ضوء الانفتاح الاقتصادي الخليجي والعربي على العراق؟ - هناك نمو مضطرد، ونسبة النمو الاقتصادي السنوي تبلغ عشرة في المئة. وهل هناك دول دخلت حديثاً في ميدان التعاون التجاري مع العراق؟ - قبل يومين عقدنا اجتماع اللجنة المشتركة على المستوى الوزاري مع تايوان، وكان هذا للمرة الأولى، وهذه دولة جديدة تضاف الى الدول على مستوى اللجان المشتركة، ولدينا لجان مشتركة مع معظم الدول العربية، ومع دول جنوب شرقي آسيا، ومع الصين وروسيا واسبانيا والسويد وعدد من الدول الأوروبية. وكل هذه اللجان تعقد على المستوى الوزاري أو مستوى وكيل وزارة. هل يعني هذا ان المقاطعة الاقتصادية المفروضة على العراق باتت لا قيمة لها؟ - بدأت المقاطعة الاقتصادية تضعف بشكل كبير من خلال الرفض المتواصل لاستمرارها، وهذا التعاون الاقتصادي الواسع والعلاقات الاقتصادية السياسية المتمثلة في عقد اللجان المشتركة على المستوى الوزاري تعبر عن رغبة في عودة العلاقة مع العراق بشكل دائم، وأن الظرف الحالي ليس عائقاً أمامها. وبالنسبة للشركات الأميركية هل هناك تحرك للتعامل مع بغداد على رغم الموقف الحكومي الأميركي؟ - هناك عدد من الشركات أجرى اتصالات حول هذا الموضوع. للتعاون في أي مجال مع العراق؟ - في مجال تجهيز السلع، وهي الشركات الأميركية تشتري نفطاً عن طريق الشركات الوسيطة الروسية والتابعة لدول أخرى تبيع النفط العراقي. وبالنسبة للتجارة المباشرة، كان لدينا تعامل قبل ثلاثة أعوام مع شركات أميركية لشراء بعض المواد وأوقفنا ذلك خلال العامين الماضيين، وحالياً توجد بعض الطلبات من شركات اميركية. وفي شأن توافر السلع في العراق، هل هناك ضائقة أو نقص في مجالات معينة بسبب الحصار؟ - هذا أكيد، فالمعاناة يرتبط معيارها بأمرين، هما ان مستوى ومعدل الوفيات لم ينخفض ونفقد ستة آلاف طفل شهرياً حسب تقارير اليونسيف، كما فقدنا أكثر من مليون ونصف المليون شخص خلال فترة الحصار بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والدواء. لكن تأثير الحصار على مدى 11 عاماً على جسم الانسان وبنية الانسان يأخذ وقتاً حتى يستعيد نفسه، كذلك يحتاج الاقتصاد الى وقت حتى يستعيد نفسه. ويسمح للعراق فقط بشراء بعض السلع وان تصل فقط الى بغداد من دون أن يُسمح باستخدام أموال العراق في الصرف على تنفيذ المشاريع داخل البلد. وهناك نقطة جوهرية، هي أن مستوى دخل المواطن العراقي لم يرتفع. وقبل برنامج النفط مقابل الغذاء، فالسلع تباع للمواطنين بأسعار مجانية أو رمزية تقريباً، وعلى سبيل المثال فإن قيمة الغذاء الشهري الذي يجهز من قبل الدولة للمواطن العراقي والعربي والأجنبي المقيم يجهز بدولار واحد لمدة شهر ولثمانية أفراد، وإذا كان عدد أفراد الأسرة أربعة أفراد فتدفع الأسرة نصف دولار شهرياً، وإذا كانت تتكون من ثمانية أفراد فتدفع لمجمل غذائها دولار واحد. وهذا استنزاف لخزينة الدولة؟ - هذا دعم للمواد الغذائية، لأن دخول الأفراد ضعيفة ولا يمكن أن تؤمن الحاجة من الغذاء في السوق التجارية. والدولة تتبنى الخدمات الأساسية وتتحمل مسؤوليتها نيابة عن المجتمع الذي يعاني من انخفاض حاد في دخله بسبب استمرار فرض الحصار. وهل تتوقعون تطورات دولية جديدة بالنسبة إلى مسألة رفع الحصار عن العراق؟ - العراق يطالب برفع الحصار عنه، وان برنامج "النفط للغذاء" هو موقت، كما اتفق عليه، وعلى رغم انهم مددوه لمدة خمس سنوات ونصف السنة. إن برنامج "النفط للغذاء" أثبت فشله في تخفيف معاناة شعب العراق، وأثبت حقيقة واقعة وواضحة للجميع، وهي انه برنامج استخدم من قبل أميركا وبريطانيا والأممالمتحدة للحصول على ايرادات لتغطية نفقات الأممالمتحدة والتعويضات، ولموازنة أسعار النفط في السوق الدولية وليس لتخفيف معاناة شعب العراق، بدليل أن المبالغ التي استقطعتها الأممالمتحدة لنفقاتها والتعويضات تزيد على 5.18 بليون دولار. كما أن السلع التي وصلت إلى العراق حتى الآن تبلغ قيمتها حتى الآن 15 بليون دولار، وهي أقل مما حصلت عليه الأممالمتحدة من أموال العراق وايراداته، وان ما حصل عليه الشعب العراقي هو ثلاثة بلايين دولار في السنة، أي بمعدل عشرة دولارات للفرد الواحد خلال خمس سنوات. أي حصة المواطن العراقي هي عشرة دولارات في الشهر من أموال النفط العراقي. السوق النفطية تشهد تذبذباً في الأسعار، فما موقف العراق من هذه القضية ومن منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك؟ - العراق مع الاجماع في منظمة "أوبك"، لكنه مستثنى من الكمية، لأنه خاضع للحصار، وبالنسبة ل"أوبك" فالعراق هو المكان الذي تأسست فيه.