يستعد تجار العملة والصرافون وحتى المافيات ومصارف عربية عدة، كانوا احتفظوا بمبالغ كبيرة من الدينار العراقي الطبعة السويسرية لتحقيق مكاسب بملايين الدولارات "لا يمكن تقديرها" بعد قرار اعتماد الدينار العراقي القديم المعروف باسم "السويسري" عملة رسمية للعراق الجديد الذي سيحل محل الدنانير المطبوعة في بغداد وتحمل صورة صدام حسين. ويتوقع صرافون في القاهرة وعمان وبيروت تحقيق ارباح تراوح بين 10 و25 في المئة على الاقل من المبالغ التي احتفظوا بها من الدينار العراقي القديم وقد تتحقق مكاسب اكبر بعد اجتماع المانحين للعراق المقرر عقده في مدريد يومي 23 و24 تشرين الاول اكتوبر المقبل. وكانت دول عربية عدة احتفظت بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990 بكميات لا تُحصى من الدنانير العراقية القديمة. تتمحور مطالب العراق في الاجتماع على ضرورة خفض الديون الخارجية الباهظة والتعويضات وعلى المساهمة في اعادة الاعمار بما فيها اصلاح القطاع المصرفي. وشدد وزير التخطيط العراقي مهدي الحافظ في حديث ل"فرانس برس" امس على اهمية هذا الاجتماع للعراق وقال: "نرتب حالياً ملفاتنا الاساسية ونريد معالجة مشكلة التعويضات المنصوص عليها في قرار مجلس الامن 1483، الذي يفرض على العراق دفع 5 في المئة من عائداته النفطية الى صندوق تعويضات تأسس في اعقاب حرب الخليج الثانية عام 1991". واوضح ان الصندوق "اقر حتى الان دفع نحو 50 بليون دولار دفع منها فعلياً 19 بليون دولار". واعتبر ان مواصلة السداد "ترتب على الاقتصاد العراقي اعباء مالية ضخمة وغير مبررة لان الشعب العراقي غير مسؤول عن جرائم النظام السابق". وسيطلب العراق "معالجة الديون الخارجية لخفضها والغاء جزء منها عبر اتفاقات جديدة". واوضح الوزير ان ليس لدى وزارته "سجلات دقيقة" عن حجم الدين الخارجي، الذي تقدره مؤسسات مالية دولية بنحو 130 بليون دولار منها 80 بليون دولار كديون اصلية و50 بليون دولار كخدمة دين تراكمت في الاعوام العشرين الاخيرة. وذكر بان قرار مجلس الامن 1483 "احال مشكلة الديون الخارجية الى نادي باريس المتخصص بالديون الدولية من اجل اجراء مصالحة ونص على عدم دفع هذه الديون خلال 5 سنوات". واوضح ان وزارة التخطيط بصدد انجاز "مسح الخراب والدمار وتقدير كلفة اعادة تأهيله" لان اعادة الاعمار سيتم البحث فيها في مؤتمر مدريد "الذي سيوفر لنا مساهمات عدة من مؤسسات دولية". واعرب عن امله بمساهمة كبيرة من قبل الاتحاد الاوروبي واليابان والصناديق العربية. وقال: "سنناشد الدول المانحة تقديم مساهمات لمشاريع ترميم المنشآت وفي هذا الاطار تندرج معالجة الوضع النقدي والمالي بما في ذلك تحديث البنى التحتية المالية واصلاح المصارف وتمكين القطاع المصرفي من لعب دور جديد في معالجة المشاكل السياسية النقدية والمالية ومن ضمنها التصدي لمشكلة عجز الموازنة ومشكلة التضخم". واكد ان العراق سيطلب من الدول المانحة "المساهمة في تذليل الصعوبات التي تواجه اعداد موازنة سنة 2004 وضمان التوازن فيها". وتدرس وزارة التخطيط قانون للاستثمار الاجنبي في العراق لعرضه في اجتماع مدريد. وقال الحافظ "نعمل على تنظيم الاستثمار الاجنبي على اسس جديدة وعلى توفير حوافز اهمها تامين الامن والاستقرار". وشدد على ضرورة "ان يكون الاستثمار الاجنبي مولداً لفرص العمل بهدف مكافحة البطالة والفقر، والاسراع بنقل التكنولوجيا لتاهيل البنى الاقتصادية وتحديث هيكل الاقتصاد الوطني". وقال الحافظ: "نريد الاستثمار الاجنبي استثماراً منتجاً وليس استثماراً مالياً يعتمد على المضاربة والمزاحمة في الاسواق المالية" لافتا الى اهمية الاستفادة من تجارب جنوب شرقي آسيا والبرازيل والارجنتين لتجنب الوقوع في المأزق نفسه. من ناحية ثانية اكد خبير اقتصادي عراقي "ان الاتحاد الاوروبي يطالب بتأسيس صندوق آخر للتنمية غير الصندوق الذي تديره سلطات التحالف ليضع فيه مساهماته المالية لاعادة اعمار العراق". يذكر ان المفوضية الاوروبية استضافت في 3 ايلول سبتمبر الجاري اجتماعاً تمهيدياً لمؤتمر الدول المانحة، التي من المتوقع ان تناهز خمسين دولة، شدد على ضرورة ضمان حالة امنية "ملائمة" تسمح باعادة اعمار العراق الذي لا يزال مسرحاً للانفلات الامني ولعمليات يومية ضد القوات الاميركية. وشارك في الاجتماع موظفون كبار من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان والامارات العربية المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي اضافة الى ممثلين عن السلطة الموقتة للتحالف الاميركي - البريطاني ومجلس الحكم الانتقالي العراقي. الدينار من جهة ثانية قال مصدر عراقي رسمي ان الدينار العراقي القديم المعروف باسم "السويسري" المتداول في المناطق الكردية سيكون العملة الجديدة التي سيعتمدها العراق رسمياً ابتداء من منتصف تشرين الاول اكتوبر بدل عملته الحالية التي تحمل صورة صدام. وقال وزير التخطيط العراقي: "ان العملة العراقية الجديدة هي الدينار السويسري". واضاف: ا"بتداء من منتصف تشرين الاول سيحل الدينار القديم السويسري محل العملة السابقة التي تحمل صورة صدام حسين". واوضح الحافظ "ان المصارف العراقية ستقوم تلقائيا، حتى في الخارج، بتحويل الاعتمادات الموجودة لديها الى الدينار السويسري". يُشار الى ان الدينار السويسري، الذي يطبع في بريطانيا وليس في سويسرا على رغم اسمه، هو الدينار المتداول في المناطق الكردية التي كانت خارجة عن سلطة صدام منذ 1991. وكانت شركة "دو لا رو" البريطانية المتخصصة في طباعة قطع نقدية واوراق مصرفية في لندن اعلنت في تموز يوليو انها تجري مفاوضات من اجل تعهد طبع العملة العراقية الجديدة. ورفض ناطق باسم الشركة امس القول ما اذا كانت تطبع العملة العراقية الجديدة. ويطبع الدينار، الذي يحمل صورة صدام حسين، في العراق بعدما تعذر طبع الاوراق المالية في الخارج بسبب الحظر الدولي الذي فرض عام 1991. من جهة ثانية قال محافظ البنك المركزي العراقي الجديد انه سيعطي الاولوية لمكافحة التضخم ودعم الدينار المتهاوي وهما هدفان يستلزمان تدفق موارد مالية جديدة من المانحين ومن ايرادات تصدير النفط. ويمثل هدف سنان الشبيبي، الذي عينه مجلس الحكم العراقي الاربعاء، الهدف المعتاد لجميع محافظي المصارف المركزية في جميع أنحاء العالم لكنه سلم بانه لا يملك الا القليل من الادوات التقليدية المتاحة لهم. وقال لرويترز "الاولوية القصوى هي الحد من التضخم ودعم العملة... ان التضخم سيعالج في هذه المرحلة بموارد لا بأدوات... فلا يمكن ان تدعم عملة ولا يمكن ان تتدخل في الاسواق من دون ان يكون لديك بالفعل احتياطيات". وكان الدينار العراقي فقد نصف قيمته منذ سقوط صدام ويجري تداول العملة العراقية الآن بنحو 2000 دينار للدولار وتأثرت سلباً بتزايد الطلب على الدولار بسبب تنامي حركة التجارة عبر الحدود وتوقف العمل بالرسوم على الواردات حتى نهاية السنة. وسيمثل الشبيبي العراق للمرة الاولى في اجتماع لمحافظي المصارف المركزية العربية في قطر وينضم الى وزيري المال والتخطيط العراقيين للمشاركة في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في دبي الشهر الجاري.