تخطى وزراء الخارجية العرب أزمة سياسية في الشكل، أمس بتوصلهم الى تمثيل موقت لمجلس الحكم الانتقالي في العراق في اجتماعات مجلس الجامعة الذي شهد حضور الجميع باستثناء جيبوتي وليبيا، وقاطعت الأخيرة الاجتماعات احتجاجاً على المشاركة العراقية، فيما نفى الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى وجود ضغوط اميركية لقبول تمثيل العراق، وشرح وزير الخارجية هوشيار زيباري المبادئ العامة ل"العراق الجديد" وطلب دعماً عربياً في جميع الخطوات المقبلة. رحب وزراء الخارجية العرب بانضمام وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الى اجتماع مجلس الجامعة في دورته ال120 برئاسة مصر، وكان مشروع قرار شغل مقعد العراق في الاجتماع شهد ولادة متعسرة وأدى في النهاية الى انسحاب ليبي. ونص القرار على: "الموافقة على طلب مجلس الحكم الانتقالي في العراق على أن يشغل ممثلو الحكومة الانتقالية مقعد العراق في جامعة الدول العربية، بصفة انتقالية وموقتة على اساس التحرك لصوغ الدستور وإجراء انتخابات تفضي الى تشكيل حكومة عراقية ذات سيادة معترف بها دوليا تتولى مسؤوليات السلطة، والطلب إلى مجلس الحكم الانتقالي تقديم جدول زمني واضح الى مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في اجتماعه المقبل لتنفيذ ما سبق، وأن تعمل الامانة العامة لجامعة الدول العربية للتنسيق مع مجلس الامن ومع مجلس الحكم الانتقالي لتحقيق الأهداف السابقة، وعلى وضع جدول زمني محدد ينهي الاحتلال ويعيد للشعب العراقي السيطرة على حقوقه وارضه بما في ذلك مؤسساته الاقتصادية والسياسية والامنية. وأن ينظر المجلس في الدورة المقبلة في مدى التقدم نحو تحقيق الاهداف المشار اليها في الفقرة السابقة واتخاذ القرار المناسب في ضوء التطورات المستجدة، والطلب الى الأمين العام الاستمرار في متابعة الوضع في العراق وتقديم تقرير دوري الى مجلس الجامعة على المستوى الوزاري عن مدى التقدم في تنفيذ هذا القرار". ووافق الوزراء العرب على قرار يدين المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في العراق وما ضمته من ضحايا عراقيين وكويتيين وغيرهم، باعتبارها لا تتماشى مع الاخلاق العربية والاسلامية والقوانين والمواثيق الدولية. وكلف الوزراء الأمين العام للجامعة متابعة هذا الموضوع مع الجهات المختصة. وكان الاجتماع الوزاري 20 وزيراً باستثناء ليبيا وجيبوتي بدأ بتلاوة الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في الجامعة السفير أحمد بن حلي مشروع قرار شغل مقعد العراق. ثم ألقى وزير خارجية مصر أحمد ماهر رئيس الدورة الحالية كلمة أشار فيها إلى "الروح الجديدة التي نعمل بها والتي تبشر بأننا قادرون على تجاوز الظروف الصعبة والأوقات المصيرية التي نواجهها"، وشدد ماهر على ضرورة "التواصل مع العراق والعمل معه ومساعدته على أن يتجاوز محنة الاحتلال والمعاناة وينطلق معنا الى آفاق جديدة من العمل المشترك" و"مساعدة الشعب العراقي على تحقيق اهدافه في ان يحكم نفسه بنفسه". وأعرب ماهر عن أمله ب"طي صفحة مظلمة ومؤلمة في تاريخ الشعب العراقي والمنطقة وبدء صفحة جديدة من السلام والاستقرار والتعاون والازدهار". وألقى عمرو موسى كلمة تناول فيها التحديات التي تواجه العالم العربي وأكد أن قرار تمثيل العراق عبر عن موقف مجلس الجامعة من الوضع الحالي في العراق وضرورة التحرك لاستعادة السيادة العراقية، وإنهاء الاحتلال وتقرير الشعب العراقي مصيره بنفسه. وأكد زيباري "أن العراق سيستعيد وبأسرع وقت ممكن وبمساعدة اشقائه دوره في بيئته ومحيطه العربي وسيساهم في تفعيل العمل العربي المشترك والعمل على استقرار المنطقة"، وحدد زيباري خطوط السياسة الخارجية العراقية الجديدة "القائمة على مبادئ القانون الدولي وحسن الجوار والاحترام المتبادل وإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية وكل دول الجوار ونبذ الحروب والعدوان". وأكد أن "العراق الجديد سيكون مختلفاً عن عراق صدام حسين من حيث مشاركة الشعب في حكومته وتمثيله وفي الدفاع عن مصالح الشعب العراقي الأساسية" و"سيكون ضد ثقافة الرفض والاقصاء والإلغاء للآخرين وسيقوم على أسس من التعددية السياسية والمبادئ الديموقراطية والدستورية"، وأضاف أن "العراق الجديد سيضع في اولوياته احترام والدفاع عن حقوق الانسان العراقي والوقوف بحزم ضد الارهاب الذي بات العراق يعاني منه بشكل سافر". وأشار الى أن "العراق الجديد سيتواصل مع الجامعة وجميع الدول العربية في سبيل خدمة القضايا المشتركة"، وشدد على أن "مجلس الحكم الانتقالي العراقي يعبر عن التمثيل الحقيقي والواقعي لواقع الشعب العراقي بمختلف مكوناته"، وطمأن زيباري الاجتماع الى أن "مجلس الحكم ليس لديه أي توجه أو أي سياسة لكي ينسلخ عن بيئته واشقائه"، وأنه "سيقف دائما مع الشعب الفلسطيني والدفاع عن قضيته"، وأعرب عن تطلع المجلس والوزارة العراقية الى "دعم وزراء الخارجية العرب ومساندتهم لإعادة بناء ما خلفه النظام السابق من خراب ودمار في العراق واعادة تشكيل هيئاته ومؤسساته الدستورية والوطنية". ترحيب أميركي وعراقي وأبدت الولاياتالمتحدة ارتياحها إلى قرار الجامعة العربية، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية ميليندا سوفين "اننا نرحب بهذا التطور". وقال الناطق باسم الادارة الاميركية في بغداد نبيل خوري ان هذا تأكيد من الدول العربية لأهمية دور مجلس الحكم في الفترة الانتقالية الحالية في العراق. وأضاف ان الخطوة ستشجع كل الهيئات الأخرى على قبول الحكومة العراقية والتعامل معها بوصفها ممثلاً لشعب العراق. وأبدى مسؤولون عراقيون ترحيباً حذراً بعودة العراق "المشروطة" الى صفوف الجامعة العربية ووصفوها بأنها "خطوة مهمة لتطبيع العلاقة" بين الطرفين. ورحب وزير التخطيط مهدي الحافظ بالقرار وقال "القضية الأهم هي استعادة العراق مقعده الطبيعي في الجامعة العربية مهما كانت الظروف". واضاف "ان الشروط التي تضمنها القرار جاءت لاسباب تتعلق بمواقف بعض الجهات العربية، لكنها لا تضيرنا لأننا نعمل من اجل استعادة السيادة الوطنية واجراء الانتخابات وفق الدستور وبالتالي انهاء الاحتلال الأجنبي". واعتبر ابراهيم الجعفري عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق رئيس "حزب الدعوة" الشيعي ان اشارة الجامعة العربية الى ان قبول العراق في صفوفها هو "بشكل موقت" أمر بديهي و"أفضل من لا شيء". واضاف ان الوضع بكامله حالياً "موقت". وقال الجعفري، الذي شغل الشهر الماضي منصب رئاسة مجلس الحكم الدورية: "كنا نتمنى ان لا يرد هذا التحديد لأن الوضع كله في العراق موقت"، مشيراً إلى "ان مجلس الحكم موقت وينتهي مع انتهاء المرحلة الانتقالية بوضع الدستور واجراء الانتخابات". واضاف: "هذا افضل من لا شيء". من ناحيته، وصف انتفاض قنبر، الناطق باسم أحمد الجلبي الرئيس الدوري الحالي لمجلس الحكم رئيس "المؤتمر الوطني العراقي"، اجراء الجامعة العربية بأنه "خطوة ايجابية وان كانت موقتة"، وقال في مؤتمر صحافي: "قريباً سيكون عندنا دستور ويتم قبولنا بشكل نهائي". واضاف: "العراق والجامعة العربية في حاجة احدهما الى الآخر". وانتقد قنبر عدم موافقة الجامعة العربية على رفع علم العراق على مبناها لمناسبة مؤتمر وزراء الخارجية المنعقد حالياً في القاهرة. وقال: "هذا قرار لا معنى له وتجب مراجعته". القضية الفلسطينية ودعا الوزراء العرب الى فك الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ودعوة كل المنظمات الاقليمية والدولية والرباعية الدولية للضغط على اسرائيل لإنهاء الحصار عن عرفات بوصفه رئيساً منتخباً للشعب الفلسطيني لكي يمارس دوره في استعادة حقوق الشعب الفلسطيني. وحض القرار العرب على مواجهة الكنيست الاسرائيلي في اعتبار "الاراضي الفلسطينية ليست اراضي محتلة وانما متنازع عليها"، ومواصلة المواجهة بالاستناد الى قرارات ومواقف الشرعية الدولية والامم المتحدة. السودان واتخذ الوزراء قراراً بدعم السودان الذي توصلت اليه اللجنة الوزارية العربية المعنية بالسودان، وينص القرار على استمرار مساندة الدول العربية لإحلال السلام في السودان واستمرار الجهود للمساعدة في إعادة الإعمار من خلال الصناديق العربية واستمرار دعم منظمات المجتمع المدني العربي، ودعا القرار الى ضرورة ان يكون هناك حضور للجامعة في المراحل النهائية في محادثات السلام وأثناء تنفيذ اتفاقية السلام.