توجهت أنظار الروس أمس مجدداً نحو بحر بارنتس بعد اعلان غرق غواصة نووية من طراز "كي 159" في حادث أعاد الى الأذهان مأساة غرق الغواصة "كورسك" في المنطقة نفسها قبل ثلاثة أعوام. وأعلن في موسكو ان الغواصة غرقت أثناء قيامها بآخر رحلة لها في بحر بارنتس المحاذي للقطب الشمالي. وقال ناطق باسم اسطول الشمال الروسي ان الغواصة غرقت على عمق 170 متراً تحت سطح الماء وعلى متنها طاقم مؤلف من 11 شخصاً عثرت وحدات الانقاذ على أحدهم حياً، كما عثرت على جثتين يعتقد أنهما تعودان لاثنين من البحارة يبدو انهما تمكنا من مغادرتها لحظة ارتطامها بالأرض. واعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف لاحقا، في تصريح اوردته وكالة "انترفاكس" ان تسعة بحارة لقوا حتفهم. وقال ايفانوف في المقر العام لاسطول الشمال: "اننا مضطرون للأسف للاقرار بما قاله لنا البحارة انه سيكون من المستحيل العثور على اي من الرجال السبعة المفقودين احياء". وخرجت "كي 159"، التي تعود الى الجيل الأول من الغواصات النووية السوفياتية ويبلغ عمرها أربعين عاماً، من الخدمة في الأسطول منذ العام 1989. وكانت أول من أمس في طريقها الى محطة خاصة لتفكيك الغواصات بعدما ربطت الى جسر عائم. ورجحت مصادر الأسطول الروسي ان يكون اعصار حطم الجسر، مما أدى الى غرق الغواصة، فيما عرقلت الأحوال الجوية السيئة أمس استكمال أعمال الانقاذ. وأوضح ناطق في وزارة الطوارئ أن درجة برودة المياه المنخفضة لا تسمح ببقاء رجال الانقاذ فترات كافية تحت سطح الماء. واستبعد الخبراء الروس أن يسفر غرق الغواصة النووية عن كوارث بيئية في المنطقة. وقال نائب قائد سلاح البحر ايغور ديغالو ان المحرك الذري للغواصة لم يشغل منذ خروجها من الخدمة قبل 14 عاماً كما انها أفرغت من حمولتها من الطوربيدات البحرية. وأعاد الحادث الى الأذهان غرق الغواصة النووية "كورسك" في آب اغسطس عام 2000 والذي أسفر عن مصرع جميع بحارتها ال118. وأثار الحادث في حينه استياء بالغاً بسبب ضعف اجراءات السلامة وبطء عمليات الانقاذ، ما دفع الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يزور حالياً ايطاليا الى فتح تحقيق شامل في حادث الأمس وإعادة النظر في ظروف عمل اسطول الشمال. وتحدثت مصادر روسية أمس عما وصف بأنه "مخالفات واضحة" في اجراءات الأمان التي اتخذت خلال عملية نقل الغواصة، مشيرة الى "إهمال قاتل" خصوصاً لجهة التأكد من ربط الغواصة التي يبلغ وزنها نحو أربعة أطنان الى الجسر المتحرك لسحبها. وكان مسؤول في وزارة الطوارئ حذر قبل يومين من احتمال وقوع حوادث مشابهة وأشار الى تدهور الاجراءات الأمنية في ما يتعلق بالمنشآت والمعدات النووية. ويضم اسطول الغواصات الروسي 249 غواصة نووية بينها 183 أخرجت من الخدمة بعدما عجزت موسكو عن تأمين واردات لإعادة صيانتها وأدرجت ضمن اتفاق خفض الأسلحة الاستراتيجية الموقع مع الولاياتالمتحدة.