انهت روسيا مساء امس اسبوعاً من الانتظار والغموض بشأن مصير الغواصة "كورسك" الغارقة في بحر بارنتس، إذ اعلن رئيس هيئة اركان اسطول الشمال نائب الاميرال ميخائيل موتساك، امس في مورمانسك، ان غواصة بريطانية قد تكون اصطدمت بالغواصة وتسببت بالكارثة. وقال: "لا نستبعد امكان حصول اصطدام مع غواصة اجنبية كانت تقوم بمهمة استطلاع. ثلاث غواصات كانت تقوم بمهمات مماثلة. ويمكن ان تكون غواصة بريطانية لأن مكان الحادث يقع في منطقة عادة ما تقوم فيها بريطانيا بمهمات استطلاع". فيما قال نائب رئيس الوزراء الروسي ايليا كليبانوف اليوم السبت ان "فرص العثور على ناجين في الغواصة كورسك نظرية فقط". واضاف كليبانوف المسؤول عن التحقيق في الكارثة ان "اكثرية افراد الطاقم ماتوا في الدقيقتين الاوليين"، موضحاً ان "المياه تسربت بعد الحادث الى المقصورتين الاولى والثانية من الغواصة والى مقصورات اخرى ربما، الامر الذي ادى الى وفاة القسم الاكبر من افراد الطاقم بمن فيهم اولئك الذين كانوا مسؤولين عن قيادة" الغواصة. وتوجهت حاملة طائرات وسفن حراسة الى بحر بارنتس لحماية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قرر أخيراً زيارة موقع غرق الغواصة "كورسك" بعدما تعرض لانتقادات شديدة لتباطئه في الاشراف على عمليات الاغاثة التي ينتظر ان تشارك فيها اليوم فرقتان بريطانية ونروجية، فيما تعهد وزير الدفاع الأميركي وليام كوهين تقديم أي مساعدة تطلبها موسكو ونفى "تورط" غواصة أميركية في الحادث. وكانت محاولات أخرى بذلتها فرق الانقاذ الروسية اخفقت، وقال الناطق باسم سلاح البحرية ايغور ديغالو ان الوضع صار "أكثر من حرج". وأوضح ان الكبسولات الغاطسة تمكنت أخيراً من الوصول الى الغواصة النووية الغارقة إلا أنها فشلت في تثبيت اجهزة الاتصال المباشر بسبب اعوجاج وتشوه في فوهة مخرج الطوارئ. وأشار الخبراء الى أن غياب الاتصال المحكم يعني احتمال تدفق مياه اثناء عملية الانقاذ، ما يقضي على آخر آمال من ظلوا أحياء بين أفراد طاقم الغواصة. ومن جانبه أشار قائد أسطول الشمال فياتشيسلاف بوبوف الى أن الموجودين على متن "كورسك" لم يعطوا أي اشارات منذ يوم الاثنين الماضي، لكنه ذكر أن ذلك لا يعني أن الآمال مفقودة كلياً، وشدد على أن التعليمات تلزم بحارة الغواصة بأن ينبطحوا في حالات الطوارئ وتعطل اجهزة تنقية الهواء وذلك لاستنشاق أقل ما يمكن من الاوكسيجين. ونشرت صحيفة "كوميرسانت" مقابلة مع ضابط صف من طاقم "كورسك" شاء حظه أن يكون في اجازة، وقد ذكر ان كلاً من الأقسام العشرة التي تتألف منها الغواصة مزود معدات لحفظ احتياطي الغذاء والماء إلا أن هذه المعدات... لم تملأ توفيراً للمال. وتوقع خبراء ان يكون الاوكسيجين نفد يوم الجمعة فيما ذكر آخرون ان بقاء البحارة في حال "سكون كامل" قد يجعل احتياطي هذا العنصر يكفي لبضعة أيام أخرى. وفي مقابلة تلفزيونية ا ف ب اكد نائب الاميرال ميخائيل موتساك، رئيس اركان اسطول الشمال الروسي، ان الغواصة "كورسك" غرقت وتضررت بفعل انفجارين متتاليين، معتبراً ان هذا الاحتمال يمثل الفرضية الاكثر واقعية لتفسير غرق الغواصة "بنسبة 80 الى 90 في المئة". واعتبر موتساك ان غالبية افراد الطاقم لقوا حتفهم على الارجح اما في انفجارات او بعد ذلك عندما غرقت السفينة في المياه. وقال: "من الممكن جدا ان يكون السبب الاول للكارثة حدوث صدمة عنيفة" مضيفاً ان سببها "اما الاصطدام بجسم او انفجار في داخل احدى مقصورات الغواصة ... او لغم من مخلفات الحرب العالمية الثانية". واضاف: "هذا الاصطدام ادى الى تضرر نظام الاقفال المحكم لإحدى المقصورات، الامر الذي أدى الى تسرب كمية كبيرة من المياه الى داخلها، واعتقد ان قوة الانفجار الاول لا تتجاوز ما يوازي قوة 100 كيلوغرام من المتفجرات ولكن الغواصة لم تكن تحمل اي جسم متفجر بمثل قوة التفجير الضعيفة هذه، وبعد وصول المياه بسرعة الى المقصورتين الاولى والثانية، فقدت الغواصة توازنها وغرقت سريعاً". وقال ان غرق الغواصة "من شأنه ان يؤدي الى انفجار الطوربيدات الموجودة داخل قاذفات الطوربيدات". وعاد الرئيس بوتين الى موسكو بعدما اشتدت حدة الانتقادات التي وجهت اليه، فهو التزم الصمت خمسة أيام ولم يقطع اجازته على ساحل البحر الأسود وتوجه لاحقاً الى يالطا للقاء مع عدد من رؤساء أسرة الدول المستقلة. وذكر الرئيس انه كان رغب في التوجه الى موقع الحادث حال سماعه النبأ إلا أنه امتنع عن ذلك لئلا يؤثر وجوده في أداء فرق الانقاذ. وشدد على أن تصرفه كان "صائباً" معتبراً أن "كل رجل يجب أن يعمل من موقعه"، إلا أن الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف الذي صارت تجمعه علاقة وثيقة ببوتين قال ان الأخير "ارتكب خطأً فادحاً" عاقداً مقارنة بين غرق الغواصة وحادث مفاعل تشيرنوبيل الذي كان اربك غورباتشوف في أول عهده بالسلطة. وأشار بوريس نيمتسوف رئيس كتلة "اتحاد قوى اليمين" التي تضم قادة الاصلاحيين الراديكاليين الى أن تصرف بوتين "لا أخلاقي". وقال انه كقائد أعلى للقوات المسلحة كان ينبغي أن يكون في قلب الأحداث.