لا تزال مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" تراوح في مكانها منذ بدء جولتها السابعة قبل 12 يوماً في بلدة نانيوكي الكينية. ويبدو أن كلا من الجانبين المتفاوضين، على رغم تباعد مواقفهما، لا يرغب في إعلان فشل الجولة، كي لا يتحمل وزر الوصول إلى طريق مسدود. في حين يحاول وسطاء "الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف" في شرق افريقيا ايغاد بذل الجهود وممارسة الضغوط من أجل الاستمرار في المفاوضات وايجاد تسويات للمواقف المتباعدة. وثمة اتجاه إلى الاستمرار في هذه الجولة، وهي السابعة، إلى 20 أيلول سبتمبر المقبل، على أن تعقد قبل هذا التاريخ قمة ل"ايغاد" يحضرها الرئيس عمر البشير وزعيم "الحركة الشعبية" جون قرنق. حصلت القيادة الكينية على موافقة الخرطوم لعقد قمة "الهيئة الحكومية للتنمية" في شرق افريقيا ايغاد، في حضور زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق. وتعتقد "ايغاد" أن مثل هذه الخطوة قد تساهم في تقريب مواقف الخرطوم و"الحركة" في المسائل الخلافية التي تتناولها الجولة السابعة من المفاوضات بينهما في نانيوكي كينيا. وبحسب مصادر مطلعة على سير هذه المفاوضات، فإن كبير المفاوضين الجنرال الكيني لازراس سيمبويو يتمسك باستمرار المفاوضات حتى الشهر المقبل. وتحدثت المصادر عن "مرونة طفيفة بين بعض أعضاء الوفد الحكومي ازاء وثيقة ناكورو التي فجر رفض الخرطوم لها الأزمة وهددت جولة التفاوض بالفشل. ولكن المصادر أضافت ان المفاوضات "تقف في مفترق الطرق، ويتوقع أن يكون غداً السبت يوماً فاصلاً يتخذ فيه الوسطاء خطوة جديدة". ولاحظت أن الغموض هو سيد الموقف، وان ما يتم هو لقاءات تشاورية يجريها الوسطاء مع كل طرف بشكل منفصل. والتقى الوسطاء الخميس ممثلين من وفد حركة قرنق، فيما يلتقون اليوم ممثلين عن الوفد الحكومي. وقالت المصادر إن "مفاوضي الطرفين في حيرة، إذ لا يعلمون بالخطوة المقبلة"، لكنها نفت الأنباء عن تعليق المفاوضات إلى أجل غير مسمى، على رغم "أن التفاوض المباشر توقف منذ أكثر من يومين". وفي السياق ذاته، كشفت المصادر عن "بروز أصوات داخل الوفد الحكومي لا ترفض تضمين وثيقة ناكورو كمرجعية للتفاوض وتحديد جدول أعمال يتضمن القضايا الرئيسية من الوثيقة من دون قبول تفاصيلها". وفي الخرطوم، علم أن وزير الخارجية الكيني كالونزو مسيوكا الذي أمضى ساعات في الخرطوم أول من أمس، نقل إلى الرئيس عمر البشير اقتراحاً من الرئيس الكيني مواي كيباكي بعقد قمة لزعماء "ايغاد" التي يرأس دورتها الحالية السودان، في حضور قرنق لتسريع عملية السلام. وأفادت معلومات أن مسيوكا تشاور مع المسؤولين المصريين في هذا الاقتراح قبل تقديمه إلى البشير، على أن ينقله لاحقاً إلى قرنق. وذكرت تقارير أمس أن البشير بعث برسالة إلى الرئيس الأميركي جورج بوش عبر سفارته في واشنطن يطلب فيها تدخله وممارسة ضغوط على "الحركة الشعبية" ويحملها مسؤولية تعثر جولة المحادثات. وتحدثت معلومات في الخرطوم عن أن سيمبويو قدم للطرفين اقتراحات أجندة، وأنه دعا "الحركة" إلى تقديم ردها على "وثيقة ناكورو" وتحديد موقفها من تبنيها كأجندة إذا رغبت في ذلك. وطالب الحكومة في المقابل بتحديد موقفها من مناقشة الوثيقة في حال تبنتها "الحركة". ويعتقد مراقبون بأن الاقتراح قد يكون مخرجاً للطرفين من أجل الاتفاق على أجندة يمكن التفاوض حولها. وكشفت مصادر قريبة إلى المحادثات أن الوسطاء كلفوا خبراء أميركيين بصوغ اقتراحات في شأن اقتسام السلطة والثروة. كما كلفوا خبيراً بريطانياً بصوغ اقتراحات في مسألة الترتيبات الأمنية. وكانت واشنطن عينت جنرالاً خبيراً ومستشاراً لمساعدة الطرفين في معالجة الترتيبات الأمنية المتعلقة بتنفيذ اتفاق السلام. ويأمل الوسطاء ورعاة المحادثات في التوصل إلى مشروع اتفاق مقبول ومرضٍ للطرفين يطرح عليها للتوقيع عليه بحلول 20 أيلول سبتمبر المقبل. وأفادت معلومات من واشنطن ان اعضاء في الكونغرس شرعوا في اجراء تعديل "قانون سلام السودان" الذي أقره المجلس ووقع عليه بوش. ويلزم القانون الإدارة الأميركية بفرض عقوبات على الطرف الذي يتحمل مسؤولية افشال عملية السلام. وفي نيروبي، تظاهر أكثر من مئة مواطن من جنوب السودان أمام مقر مكتب الأممالمتحدة والسفارات الأجنبية المعنية بملف السلام، مطالبين بتدخل مجلس الأمن لاستصدار قرار لإنقاذ عملية السلام.