تواجه الجولة السابعة من المحادثات بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة الدكتور جون قرنق، والتي كان من المقرر أن تبدأ عصر أمس في كينيا، مصاعب جمة، وتعقد في أجواء سيئة لم تشهدها الجولات السابقة، خصوصاً بعد تبادل الاتهامات بين طرفي النزاع وتشكيك الخرطوم في حياد كبير مفاوضي "السلطة الحكومية للتنمية" في شرق افريقيا ايغاد الجنرال الكيني لازراس سيمبويو الى حد التلويح بالمطالبة بإبعاده. في حين عبرت حركة قرنق عن تشاؤمها من نتائج المفاوضات. وحذرت الخرطوم من "تحمل العواقب"، ودعتها إلى "ضم كل القوى السياسية الأخرى إلى المفاوضات". وكثف الوسطاء في "إيغاد" ورعاة المحادثات الولاياتالمتحدة وبريطانيا وايطاليا والنرويج من اتصالاتهم وتزايد اهتمامهم بالجولة الجديدة باعتبار ان نتائجها ستحدد مستقبل عملية السلام. ومن المنتظر ان يكون وصل نيروبي أمس مساعد وزير الخارجية الاميركي للشؤون الافريقية وولتر كوستاينر ومسؤول ملف السودان في وزارة الخارجية الاميركية ران بيرفر والمبعوث الاميركي الدائم للسلام السفير جيف ميلنغتون، لإنقاذ المفاوضات وتسريعها، كما سيلتحق بالجولة المبعوث البريطاني الى السلام في السودان آلن غولتي. ووصف عضو في الوفد الحكومي المفاوض الجولة الجديدة من المحادثات بأنها صعبة، خصوصاً في الأيام الثلاثة الاولى منها التي سيتحدد خلالها مسار التفاوض وحسم مسألة الوثائق بعد اعلان الحكومة رفضها وثيقة الوسطاء الاخيرة في مفاوضات ناكورو مرجعاً اساسياً للمحادثات وتمسك الوسيط الكيني و"الحركة الشعبية" بها. وقال ل"الحياة" قبل ساعات من بداية الجولة ان المفاوضات ستناقش القضايا العالقة المرتبطة باقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية لافتاً إلى انها لن تكون النهائية. وكشف ان اتفاقاً تم بين الاطراف المعنية لعقد جلسات منفصلة نهاية الشهر تكرس لدراسة الترتيبات الامنية والعسكرية بمشاركة جنرال اميركي عينته واشنطن وابلغت طرفي النزاع عن مهمته. ولم يستبعد عقد الجلسات في الولاياتالمتحدة، مشيرا الى ان الجولة السابعة ستستمر اسبوعين ويمكن تمديدها. وانتقد المسؤول الحكومي البيان الذي اصدره سيمبويو عشية بدء الجولة الجديدة والذي أعلن فيه تبنيه الوثيقة الاخيرة وحصوله على دعم رؤساء دول وحكومات منظمة "ايغاد"، ومطالبته دول المنظمة الضغط على الخرطوم للقبول بمشاركة اريتريا في لجنة مراقبة اتفاق وقف الاعمال العدائية، واعتبر موقف الوسيط انحيازاً. وجدد رفض حكومته اشراك اسمرا في لجنة المراقبة "بسبب مواقفها العدائية" تجاه بلاده. وكان الجنرال سيمبويو أكد ل"الحياة" خلال زيارته اسمرا الاسبوع الماضي، "أن المفاوضات الحالية هي امتداد للجولة السادسة"، رافضاً اعتبارها "جولة قائمة بذاتها". وعما إذا كان متفائلاً بنجاحها، قال: "لست متفائلاً لكن لدي أمل". ورأى سيمبويو "ضرورة وضع أجندة للمفاوضات من مضمون وثيقة ناكورو ومن دون تدخل الوسطاء". وكان أحد الوسطاء قال ل"الحياة": "إن 14 شهراً كافية لنا ولهم طرفي النزاع لمعرفة ما يريد كل طرف. لذلك سنجعل الورقة أساساً للتفاوض وموضوعاً للأخذ والرد وليس للانسحاب". وتوقع الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان نتائج "غير مبشرة بعدما استمعنا إلى ما قاله البشير ومستشاره للسلام غازي صلاح الدين في الخرطوم". وقال ل"الحياة" إن "الحركة تدخل المفاوضات بذهن منفتح على أساس الوثيقة التي اقترحها الوسطاء في مفاوضات ناكورو ورفضتها الخرطوم"، مشيراً إلى "أن موقف الحركة ينسجم مع موقف دول ايغاد الذي عبر عنه الرئيس الكيني موي كيباكي عقب لقائه وفداً من أمانة ايغاد". وشدد عرمان على "أن الحركة مستعدة للتفاوض على أساس وثيقة ناكورو وغير مستعدة لشراء الوقت، وإذا اختارت الخرطوم غير ذلك ستتحمل كل العواقب". وأوضح عرمان ان وفد "الحركة" يضم 23 عضواً برئاسة القائد نيال دينق نيال ويشرف عليه القائد سيلفا كير. وفي السياق ذاته، اعتبرت "مجموعة الأزمات الدولية" التي تضم سياسيين أميركيين ومسؤولين دوليين سابقين ومرموقين "أن السلام في السودان يتأرجح في معادلة صعبة". وطالبت ب"اتخاذ قرارات صعبة في الأسابيع المقبلة من جانب الفرقاء السودانيين والوسطاء والدول المعنية بعملية السلام". وقالت إن "المفاوضات الحالية هي أفضل فرصة للسودان منذ اندلاع الحرب قبل عشرين عاماً". وحذرت من "أن الفشل يعني استمرار حشد السلاح. وان الجولة المقبلة من الحرب ستكون أشد اقتتالاً وأكثر تدميراً". من جهة اخرى، طالبت "الحركة الشعبية" الخرطوم ب"دعوة القوى السياسية إلى مفاوضات ايغاد بدلاً من تقديم دعوة للحركة لحضور ملتقى الحوار في الخرطوم إن كانت الحكومة جادة في السلام". ودعت الحركة "القوى السياسية في التجمع الوطني الديموقراطي والمؤتمر الشعبي وحزب الأمة بالتوحد لانتزاع الحريات والحقوق". على صعيد اخر، وصفت أحزاب المعارضة السودانية، التي استجابت دعوة الرئيس عمر البشير للمرة الأولى منذ 14 عاماً، نتائج لقائها معه بأنها "مخيبة للآمال ودون الطموح ولا ترقى إلى مستوى تحقيق الاجماع الوطني"، ورهنت نجاح الحوار بتنفيذ اجراءات لتهيئة المناخ المناسب لذلك.