منح مجلس النواب الأردني أمس الثقة لحكومة رئيس الوزراء علي أبو الراغب، بغالبية 84 صوتاً من أعضاء البرلمان ال110، وحجب 23 الثقة عنها، بينهم 17 نائباً يمثلون حزب "جبهة العمل الإسلامي"، فيما امتنع نائب عن التصويت وغاب آخر، ولم يدل رئيس المجلس سعد السرور بصوته. وقبل التصويت على الثقة، ردّ أبو الراغب بحدة على النواب الإسلاميين الذين هاجموا حكومته بشدة، وانتقدوا سياستها الداخلية والخارجية، وطالبوا ب"اسقاطها"، قائلاً إن حكومته "لم تحد عن نهج تقديم المصلحة الوطنية على كل المصالح الأخرى، وهي ستستمر على ذلك مهما علت أصوات المشككين". ودافع عن الأجهزة الأمنية ودائرة الاستخبارات التي حمل الإسلاميون على دورها، ووصفها بأنها "العين الساهرة التي كانت بالمرصاد لجهات موتورة حاولت النيل من صمود الأردن وزعزعة أمنه واستقراره". ورفض مشروعية "لجنة مقاومة التطبيع النقابية"، مشدداً على أن "الحكومة لن تسمح لفئة دون غيرها الانتقاص من حق الآخرين وحريتهم، وكأنها الوصية على الوطن دون مراعاة للدستور والقانون"، في إشارة الى الحملة التي تنفذها اللجنة لمقاطعة السلع الأميركية والإسرائيلية. وأكد اصرار حكومته على "الدور المهني للنقابات التي نعتبرها بيوت خبرة وطنية، ولها دور مهم في التنمية وعليها أن تنصرف إليه، وألا تنشغل بالشأن السياسي إلا من خلال المنابر المخصصة لذلك في الأحزاب". وقال: "إننا وبكل صراحة لن نقبل أن تسيطر فئة سياسية بعينها الإسلاميين على النقابات وأن تتحكم بها وفقاً لبرنامجها السياسي غير عابئة برأي الغالبية". ووصف أبو الراغب الواقع الحزبي في البلاد بأنه "مرير ومصاب بالتشرذم والانفصام الذي تعاني منه بعض الأحزاب … حتى غدت بعيدة عن وطنها وأولوياته ومصالحه، وتأتيها التوجيهات والأوامر عبر الحدود، بل ان البعض في فسحة من سعة الصدر والسقف المرتفع للديموقراطية الأردنية يشدّ رحاله الى عواصم أخرى للاحتفال بمناسباتها الوطنية وأعياد ميلاد رموزها، وينأى بنفسه عن المشاركة ولو مجاملة بمناسباتنا الوطنية"، ملمحاً إلى قيادات حزبية أردنية في "حزب البعث العربي الاشتراكي" الموالي للعراق، و"البعث التقدمي" الموالي لسورية. وبرر رئيس الوزراء الأردني إصدار حكومته في العامين الماضيين 211 قانوناً موقتاً في غياب البرلمان، مؤكدا أنها جاءت "استجابة لحاجة أملتها مصلحة وطنية في إطار استراتيجية الإصلاح الاقتصادي والتحول الاجتماعي، وليس انطلاقاً من رغبة خاصة، ولا لمصلحة متنفذين". وتعرضت سياسة الحكومة الخارجية إزاء القضيتين الفلسطينية والعراقية الى هجوم عنيف من النواب الإسلاميين الذين اتهموها ب"الخروج عن الإسلام" بسبب "منعها الأردنيين من التضامن مع العراق وفلسطين". وأكد أبو الراغب أن "الأردن تمكن من الخروج بأقل الخسائر من الظروف الصعبة والدقيقة التي عصفت بالمنطقة، ووضعتنا تحت ضغوط هائلة سياسياً واقتصادياً، بفضل سياستنا القائمة على الحكمة والتوازن والاعتدال"، وبعد ذلك "يأتي من يتباكى على الحرية والديموقراطية، وكأنه يطلب من الحكومة أن تتخلى عن واجباتها في تطبيق القانون، وأن تترك الوطن ساحة للفوضى والأهواء".