تفاقمت أمس الأزمة السياسية بين الحكومة الأردنية والنقابات المهنية، على خلفية اصرار السلطات على الاستمرار في اعتقال ثلاثة نقابيين ناشطين في مقاومة التطبيع مع اسرائيل، اذ حملت الحكومة على ممارسات النقابات، واتهمتها بالإضرار "بالمصالح الوطنية" وطالبتها ب"حل لجنة مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني" ما رفضه بشدة قادة النقابات ال14 التي ينتسب لها أكثر من 120 ألف مهني. واعتبر وزير الاعلام الأردني محمد العدوان ان "لجان مقاومة التطبيع المنبثقة عن المجالس النقابية غير قانونية، وتشكل ممارساتها تحدياً صارخاً للقوانين الأردنية". وقال للصحافيين ان "هذه اللجان تدعو لمقاطعة شركات أردنية تتهمها بعلاقات مع شركات اسرائيلية واميركية، بما يعتبر تشهيراً ترفضه الحكومة المعنية بالمحافظة على مصالح الأردن"، مشيراً الى ان "النقابات أرسلت قوائم الى بعض الدول العربية، تتضمن اسماء لشركات أردنية تتهمها بالتطبيع مع اسرائيل، ما ألحق أذى كبيراً بمنتجاتها". ولفت الى ان "حملة التشهير النقابية طاولت المناطق الصناعية المؤهلة" للتصدير الى الولاياتالمتحدة التي انشأها الأردن واسرائيل في شمال المملكة ووسطها عام 1997، على رغم ان "هذه المناطق ستصدر الى الأسواق الأميركية هذا العام بضائع تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار، وتشغل مصانعها اكثر من 18 ألف أردني". وقالت مصادر نقابية ل"الحياة" ان رئيس الوزراء الأردني علي أبو الراغب الذي التقى الأحد الماضي قادة النقباء المهنية عرض عليهم "حل لجنة مقاومة التطبيع" في مقابل اطلاق الأمين العام لنقابة المهندسين الأردنيين علي أبو السكر ورئيس لجنة مقاومة التطبيع في النقابة بادي الرفايعة ورئيس لجنة الحريات فيها ميسرة ملص الموقوفين منذ 8 الشهر الحالي بتهمة "الانتساب الى جمعية غير مشروعة" بعدما اتهمتهم السلطات بتوزيع منشورات "تحرض على مقاطعة الشركات الأردنية التي تتعامل مع اسرائيل، وتحض الأردنيين على مواصلة مقاومة التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي مع اسرائيل". ومن جانبه، اكد نائب رئيس مجلس النقباء نقيب المحامين الأردنيين صالح العرموطي ان "حل لجنة مقاومة التطبيع أمر غير وارد على الاطلاق، لأنها تألفت بموجب قوانين وقرارات مجالس النقابات"، معتبراً انها "تخدم الوطن، وتقف في مواجهة الأخطار التي يتعرض لها"، داعياً الحكومة الى "اطلاق الموقوفين الثلاثة، لأن اعتقالهم مخالف للقوانين". لكن وزير الداخلية الأردني قفطان المجالي شدد على ان السلطات "لا تتعامل مع أي لجان غير قانونية"، وحذر النقابات من أي اجراءات تصعيدية "لأن ذلك سيواجه برد حاسم، من أجل المحافظة على النظام والقانون". وكان أبوالراغب حذر الشهر الماضي من "تسييس العمل النقابي"، وشدد على "ضرورة ان تلتزم النقابات واجباتها المهنية وتبتعد كلياً عن العمل السياسي". وقال انها "تحولت الى ساحات للعمل الحزبي بما يخالف القانون الأردني". ومنذ ابرام الأردن معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1994 طردت النقابات المهنية العديد من اعضائها الذين زاروا الدولة العبرية أو اقاموا علاقات مع مؤسسات اقتصادية وثقافية فيها.