عمان-علاء الفزاع أرفض منح النواب جوازات سفر دبلوماسية لأن الشارع «مُستفَز» على القوى الحداثية التوحد ليس ضد الإخوان وإنما لأجل التعددية تجتمع في النائبة في البرلمان الأردني عبلة أبوعلبة عدة نقاط مثيرة للاهتمام، فهي من ناحية عضو في البرلمان ضمن الكوتة النسائية، ومن ناحية أخرى ناشطة في مجال حقوق المرأة منذ فترة طويلة، كما أنها تمثل حالة نادرة بصفتها أميناً عاماً لأحد أحزاب المعارضة، وهو حزب الشعب الديمقراطي.إضافةٍ لذلك استطاعت أبوعلبة أن تتجنب الوقوع في العديد من المآزق التي وقع فيها عدد من زملائها في البرلمان، سواءً من حيث منح الثقة لحكومات غير مرغوبة شعبياً، أو من حيث التصويت على تبرئة مسؤولين مثيرين للجدل في قضايا تولاها مجلس النواب، «الشرق» التقت النائب أبو علبة في مكتبها في مجلس النواب الأردني، وكان الحوار التالي: * يواجه مجلس النواب سلسلة من الانتقادات الشعبية لأدائه، كيف ترين سياق تلك الانتقادات؟ مجلس النواب السادس عشر جاء في مرحلة انتقالية بالنسبة للأردن، وهذا جعل متطلبات الشعب الأردني من البرلمان بموازاة متطلبات الإصلاح، لذلك حدة النقد عالية جداً لأية أخطاء يمكن أن يرتكبها البرلمان، وهناك مطالب سقفها مرتفع جداً لدى القطاعات الشعبية والأحزاب، وذلك يأتي في سياق الإصلاحات، المفارقة أن هذه المطالب وهذه التوقعات جاءت في ظرف انتُخِب فيه البرلمان على أساس قانون الصوت الواحد، وتركيبة البرلمان الإجمالية ليست تركيبة سياسية، وهو ليس ذنب أعضاء البرلمان، فقانون الصوت الواحد هو الذي أنتج هذا البرلمان. أحترم زملائي في البرلمان وأقدر طاقاتهم وليس ذنبهم أنهم جاؤوا عبر قانون الصوت الواحد، لكن هذا القانون لا ينتج برلماناً ذا تركيبة سياسية، وقرارات البرلمان التي لا تستجيب لمطالب الشعب طبيعي أن تتعرض للنقد، وللناس أن تُميِّز من صوَّت لصالح هذا القرار أو ذاك، أو ضده، وأن تميز كذلك قدرة السياسيين القلائل جداً داخل البرلمان على شق اتجاه معين للديمقراطية، وهذا صعب جداً، وعلينا كنواب أن نتحمل ونستقبل برحابة صدر كل الانتقادات التي تأتي على قرارات البرلمان من الناس ومن وسائل الإعلام، وعلى البرلمان أن يراعي متطلبات الإصلاح ومصالح متوسطي ومحدودي الدخل، وأعود إلى أخطاء البرلمان، إذ لم يكن هناك داعٍ لإقرار البرلمان امتيازاً معنوياً لأعضائه بالجواز الدبلوماسي، حيث أن الناس مستفَزَّة جدا وأوضاعها صعبة وتعاني مشكلات عديدة، ولم يكن قرار البرلمان يتناسب مع واقع استفزاز المواطنين، ونأمل أن ننجح في تصحيح الوضع وإلغاء الامتياز. * شهد البرلمان الحالي عدة صدامات مع الإعلام ومع المواطنين، واستخدم بعض النواب ألفاظاً حادة ضد الإعلام والصحافة، كيف ترين ذلك؟ أصدرنا في التجمع الديمقراطي النيابي بياناً بهذا الخصوص ورفضنا فيه الإساءة التي صدرت، وأنا أعتقد أنه لا ينبغي أن يكون البرلمان على خصومة مع الصحافة أبداً، وفي نفس الوقت أدعو وسائل الإعلام للتركيز على كل شيء، الأخطاء والإيجابيات، فهناك قوانين كثيرة إصلاحية لصالح الشعب ولصالح قوى التقدم أقرها البرلمان، ولهذا لست مع أي ألفاظ ترد على لسان أي من الزملاء تسيء للإعلام، والأولى أن تكون علاقتنا كنواب مع الإعلاميين موضوعية. * ترشحت لمجلس النواب ضمن برنامج ورؤى وتصورات، إلى أي مدى ترين أن وجودك في البرلمان ساعد في تطبيق تلك الرؤى والبرامج؟ أنا لم أعد بتطبيقها داخل المجلس، ولكن بحملها وتبنيها، وما زلت أتبناها وأفتخر بخطي السياسي الوطني التقدمي الديمقراطي، واستناداً إلى خطي السياسي أقدم رأيي في البرلمان ضمن جدول الأعمال، هناك قضايا أتبناها تشق طريقها وبعضها لا يشق طريقه، فالمسألة هي صراع سلمي، ولا يمكن أن أتوقع أن كل ما أتبناه سيتحقق، وفي ظل موازين القوى في المجلس لا أتوقع تطبيق كامل برنامجي، ولكنني أعمل ما في وسعي لتقديم وجهة النظر وتصويب بعض القضايا والقوانين، وأنا دائماً منحازة لمصالح فئات المضطهدين والفقراء والمهمشين في المجتمع الأردني، وأناضل ضمن رؤية واقعية من أجل أردن وطني ديمقراطي وبالوسائل السلمية، وهذا البرنامج الإصلاحي أصبح الآن متبنى من قبل كل الجهات الشعبية والرسمية الأردنية. * هناك نية لحل مجلس النواب كما أعلن الملك عبدالله الثاني وإجراء انتخابات مبكرة، في أي سياق ترين ذلك؟ يأتي هذا في سياق توجه رسمي لاستيعاب كل القوى السياسية في إطار البرلمان، ونقل المعارضة السياسية من الشارع إلى الهيئة التشريعية، ومن أجل توسيع حجم التمثيل، لأن قانون الصوت الواحد يقصر التمثيل على فئات محدودة، أما بالنسبة للقانون المنتظر والذي لم يعلن عنه حتى الآن فإنه سيكون أفضل من الذي سبقه، وسيكون هناك تمثيل أوسع وأفضل وستكون هناك قوى سياسية داخل البرلمان، وذلك يرتبط بحكومة برلمانية. * كان للمرأة حضور في مجلس النواب عن طريق الكوتة، كيف ترين الأداء السياسي للمرأة في النواب؟ من حيث المبدأ علينا أن نقر بأن وجود المرأة في البرلمان نوعاً وكماً هو علامة تقدم للمجتمع الأردني، والمرأة الأردنية منذ بدايات الدولة الأردنية كانت تنخرط في الحياة العامة، وقد ناضلت كثيراً ولها حضورلافت في الحياة العامة، بالنسبة للبرلمان، أكبر حصة حزننا عليها كانت في هذا البرلمان، 12 عن طريق الكوتة وواحدة عن طريق التنافس، وهناك تباين في الخبرات السياسية وفي مدى الصلة بالحياة العامة، وهذا يجعلنا نكمل بعضنا، وأحترم كافة زميلاتي، وأحترم قدراتهن على تقديم آراء إيجابية ورفع الصوت لصالح قضايا الوطن، وفي نفس الوقت أطمح إلى ما هو أفضل في البرلمانات المقبلة. * يرى الشارع الأردني عموماً أن النساء في البرلمان كن أكثر جرأة وتقدماً من نظرائهن الرجال، هل ترين ذلك أيضاً؟ صحيح، مع أنني لا أحب أن أنحاز للمرأة، ولا أحب أن أجد هذا الفاصل بين النساء والرجال، أو أن هناك صراعاً بين النساء والرجال، ولكنني أحب أن أنحاز لمن يحمل هم الوطن والمواطن سواء أكان رجلاً أم امرأة، ومع ذلك فالملاحظة التي تفضلت بها سليمة، حيث أن هناك عدد أوسع من النساء ينحاز للقضايا الديمقراطية، ولعل ذلك يرجع إلى الحساسية الشديدة للمرأة إزاء قضايا العدالة والمساواة. * يلاحظ أن المرأة الأردنية نالت حظاً لا بأس به في أوساط النخبة، ولكن في العموم هل ينطبق نفس الشيء في الحياة العامة؟ على سبيل المثال لوحظ أن مشاركة المرأة في المسيرات الشعبية منخفضة، لماذا برأيك؟ في السنوات الأخيرة كانت هناك قضايا في مسيرة الحركة النسوية الأردنية محط نقد، فهي حركة غير موحدة إلى حد كبير، كما أنها انشغلت بقضايا نخبوية، وبقضايا ليست ذات صلة بالقاعدة العريضة من النساء، وما أصاب الشعب الأردني مؤخراً من فقر وبطالة وغيرها أصاب المرأة بالضرورة، الحركة النسائية لم تستطع التواصل مع هذه القضايا ومخاطبتها، ومشاركة المرأة في الحراك الشعبي محدودة، باستثناء حراك المعلمين، حيث شاركت المعلمات بقوة، وقد يكون ذلك لأننا نعيش بداية حركة إصلاحية، نحن لا نعيش ثورة شعبية، هناك ضعف في تواصل الحركة النسائية مع قواعدها المفترضة، حيث ينبغي أن تتوجه لها دائماً، بالتوازي مع تطوير قواعدها الفكرية. * في ضوء أوضاع أحزاب المعارضة -باستثناء الحركة الإسلامية- كما هي عليه الآن، هل تعتقدين أنها سيكون لها حضور في البرلمان المقبل؟ أتوقع ذلك، وعلينا أن نسعى بكل جهودنا من أجل ذلك، لأن الشعارات التي ترفعها والتي تناضل من أجلها هذه الأحزاب هي نفسها التي يتبناها الحراك الشعبي، وهي الدفاع عن المطالب المعيشية والديمقراطية للناس، وهي العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية، ولذلك أتوقع أن تمثل هذه الأحزاب في البرلمان، وعلينا أن نسعى لأكبر تعددية ممكنة داخل البرلمان. * هل هناك خلافات أو انقسام داخل أحزاب المعارضة؟ هناك تباين في المواقف حيال عدد من القضايا، معظمها خارج الحدود، وخصوصاً ما يجري في سوريا، هناك أيضاً تباين إزاء بعض ما يجري في الأردن، وقد أصدرنا نحن الأحزاب الستة القومية واليسارية وثيقة، وقد تناولتها جبهة العمل الإسلامي بكثير من العصبية، وخصوصاً من قياداتها ارحيل الغرايبة وحمزة منصور ونمر العساف، ولكننا مازلنا كقوى حداثية حريصين على بقاء حدود مشتركة بيننا، وعلى برنامج مشترك للإصلاح، ونسعى إلى قوائم حزبية مشتركة في الانتخابات النيابية والبلدية، ولنتذكر نحن في قيادات هذه الأحزاب أن الخلافات بين قيادات الأحزاب ستنسحب ليس فقط على أعضاء الأحزاب، ولكن أيضاً على الأطر الشعبية المتربطة بها وهذا محزن، ولننظر إلى مصر وتونس، حيث اختلفت القوى الحداثية ففاز الإخوان المسلمون، ينبغي أن تتوحد القوى الحداثية، ليس في وجه الإخوان، ولكن من أجل التعددية، لا نريد أن نخرج من هيمنة إلى هيمنة أخرى. * تقودني كلماتك إلى سؤال مهم، هل تخشين من هيمنة الإسلاميين في الأردن كما حصل في مصر وتونس؟ لا شك أن الحركة الإسلامية لديها حزب كبير ويحظى بشعبية، ولكن بذات الوقت أرى تعددية كبيرة في الأردن، ليس حزبية فقط ولكن سياسية، الحركة الإسلامية في مصر وتونس كانت دائماً مضطهدة ولهذا كان هناك تعاطف شعبي معها، في الأردن العكس صحيح، حيث كانت الحركة الإسلامية متحالفة دائماً مع النظام بينما كانت القوى الديمقراطية مضطهدة، من ناحية أخرى التركيبة السياسية في الأردن مختلفة، وأعتقد أننا سنشهد تعددية، ولن يهيمن أحد على أحد، وأصلاً الهيمنة هي الكارثة في العالم العربي، نحن نريد تعددية وفق التمثيل النسبي، وليسع كل إلى نصيبه وتمثيله، ومن حق الجميع التمثيل.