وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثامنة لمساعدة الشعب اللبناني    منظمة التعاون الإسلامي: استمرار الجرائم الإسرائيلية وصمة عار في جبين الإنسانية    هيئة الربط تنظم منتدى دولياً لتعزيز مسيرة الحياد الكربوني    المملكة تستضيف نهائيات دوري المقاتلين المحترفين لموسم 2024 بالرياض    "كي بي إم جي" تكشف عن دراسة شاملة لتمويل الرعاية الصحية في ملتقى الصحة العالمي 2024 بالرياض    من أعلام جازان.. الشاعر حسن أحمد محمد الصلهبي الحازمي    ماس جنرال بريغهام تناقش الابتكار والريادة في مجال الرعاية الصحية والذكاء الاصطناعي خلال ملتقى الصحة العالمي 2024    بهدف جذب المزيد من السياح الصينيين.. السعودية تقيم مهرجانا للترويج السياحي في بكين    عمرها 237 عاماً.. بيع نسخة من الدستور الأمريكي ب 9 ملايين دولار    أمطار بعدد من المناطق وضباب على أجزاء من الشرقية ومرتفعات عسير    جامعة سليمان الراجحي تستضيف اللقاء 59 للجنة عمداء كليات الطب    (صناع السعادة ) تكرم أكثر من 50 طالب وطالبه لتفوقهم    55 ألف متضرر جراء فيضانات في السنغال    الاتفاق أمام مطب العروبة.. والفتح والخلود «صراع مؤخرة»    العليان يودع حياة العزوبية    6 ميداليات ذهبية وفضية حصدها طلبة وطالبات السعودية في «أنوفا للاختراعات»    مسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن في موريتانيا تنظم حفلها الختامي    ثمن السياسات الخاطئة.. وغياب التخطيط ومراعاة التوازنات المطلوبة    مشهورة «سوشال ميديا»: هكذا نجوت من السرطان!    أدلة طبية: الغذاء الصحي يقلل تحول سرطان البروستاتا    5 نصائح للتخلص من خجل الطفل    الاتحاد يتغلّب على القادسية بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    ما هكذا يكون الرد يا سالم!!    لص اقتحم منزلين.. نشر الغسيل ونظف الأرضيات    إحالة مسؤولين في إحدى القنوات التلفزيونية للتحقيق    وسط إشادة واسعة بالرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية.. مانجا للإنتاج تحتفل بالعرض الأول للأنمي السعودي    شارك في مؤتمر اللغات بإسبانيا.. مجمع الملك سلمان العالمي يعزز هوية "العربية"    تعزيز التعاون التعديني بين المملكة وإسبانيا    نتنياهو رداً على محاولة اغتياله: لا شيء قادراً على ردعنا    غُصَّة حُزن وألم    الحضور السعودي الدولي    الإعلامي البرتغالي «جواو» ل«البلاد»: دوري روشن السادس عالمياً قريباً.. وأداء الهلال ممتع    دراسة: لا يشترط المشي لفترات طويلة يومياً    ساعتان لإصدار تراخيص أنشطة النقل    التحول الرقمي يُعيد تشكيل الحدود    تأمين المركبة لحفظ المال وراحة البال    مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لفوز صعب على سيلتا فيجو    بلان: هناك مشاكل دفاعية.. وبنزيمة خارق    مدرب القادسية: قدرات الإتحاد سبب الخسارة    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة الشيخ حمود بن عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة    لماذ أحب الهلال..؟    رأيُ سياسيٍّ أمريكيٍّ في سياسة بلاده ...؟!    الوطن مجموعة من النعم    135 منشأة مخالفة لنظام المنافسة    اقتراح لتسوية مديونيات المخالفات !    اللقافة مرة أخرى    ضبط نحو 22 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    البدء بأعمال الصيانة والتأهيل لطريق الملك فهد (الدمام الخبر السريع) للمرحلة الرابعة    أمين الطائف يقف على مشروعات ظلم والمويه    القبض على (7) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (330) كجم "قات"    إمام المسجد النبوي: أحب القلوب إلى الله أرقّها وأصفاها    خطيب المسجد الحرام: التأني يقي من الانحراف    مفتي موريتانيا: مسابقة خادم الحرمين لها أهمية بالغة في خدمة الدين    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فرحان بن عبدالعزيز آل فرحان    إطلاق 15 ظبي ريم بمتنزه واحة بريدة    شارك مجمع طباعة المصحف بالمدينة المنورة في معرض "جسور"    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    السعودية إنسانية تتجلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة قلقة من "أصوات مزعجة" في البرلمان . الانتخابات الأردنية : سباق بين المعارضة والعشائر ... وليس لدى المرشحين ما "يبيعونه" لناخبيهم
نشر في الحياة يوم 15 - 06 - 2003

بين أزمتين طاحنتين، شرقية في العراق وغربية في فلسطين، وجد الأردن خياره الصعب في اجراء الانتخابات التشريعية الأولى في عهد الملك عبدالله الثاني ، وقرر أن "الظروف الاقليمية" التي حالت دون اجراء هذا الاستحقاق الدستوري منذ تشرين الثاني نوفمبر 2001 لا يمكن أن تظل تبريراً مرفوعاً في وجه القوى السياسية المحلية والدول المانحة ومساعداتها المشروطة بالاصلاح والديموقراطية، ولم يعد أمامه سوى دعوة مواطنيه للاقتراع الثلثاء المقبل، والتنازل عن مخاوفه من أن تدفع أزمات الجوار مواطنيه الى انتخاب قوى راديكالية "مزعجة" في البرلمان.
وفي حزيران يونيو 2001 حلّ الملك مجلس النواب تمهيداً لاجراء انتخابات بعد أربعة اشهر، غير أن استمرار التوتر في المنطقة أرجأ موعدها الى حزيران 2003، وعاشت البلاد خلال عامين فراغاً تشريعياً تكفلت الحكومة بملئه بأكثر من 150 قانوناً موقتاً، غير آبهة بسخط المعارضة التي رأت في ذلك "عودة عن الديموقراطية" فواجهتها السلطة التنفيذية بالاستثناء الدستوري الذي يمنحها الحق في اصدار القوانين اذا كان البرلمان منحلاً.
والأهم أن الحكومة نجحت بعد شهر من حلّ البرلمان في تمرير قانون الانتخابات بصفة موقتة، لتترك لمجلس النواب المقبل أن يرده أو يقره أو يجري عليه ما شاء من تعديلات... ولكن بعد أن تجرى الانتخابات بموجبه، لا سيما أنه يعزز نفوذ عشائر المدن والريف وقبائل البدو في البرلمان بسبب نظام "صوت واحد لمرشح واحد" الذي اقرّ في انتخابات 1993 بديلاً من نظام "اللوائح المتعددة الأصوات"، واستهدف خصوصاً الاسلاميين.
ورفع القانون الذي اعتبرته المعارضة "تشريعاً يتيح التعيين وليس الانتخاب" عدد مقاعد المجلس النيابي من 80 الى 110، وتضمن حصصاً ثابتة كوتات للبدو والمسيحيين والشركس والشيشان والنساء يصل مجموعها الى 27 مقعداً، وأعاد توزيع الدوائر الانتخابية وجعلها 45، من دون أن يراعي الكثافة السكانية. وبدا أن أنظمته ولوائحه اتجهت عمداً الى تقوية البنى الاجتماعية التقليدية على حساب الأحزاب وسائر مؤسسات المجتمع المدني.
ووفقاً للقانون الذي قبلته المعارضة "على مضض" أملاً بتغييره تحت قبة البرلمان، يفترض أن يتوجه الثلثاء نحو 2.3 مليون أردني الى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس النواب الرابع منذ عودة الحياة النيابية الى المملكة عام 1989، الا أن الفتور العام الذي يعتري الأردنيين حيال هذه المناسبة يقلل الآمال الرسمية بنسبة اقتراع مرتفعة.
ويعيد محللون أسباب ذلك الى "الاحباط الشعبي من تداعيات الأوضاع في العراق وفلسطين وتفاقم الأزمة الاقتصادية"، ومعهما اليقين ب"قلة حيلة البرلمانات في احداث التغيير المنشود في دولة تنتمي الى العالم العربي الأكثر نزوعاً الى هيمنة الحكومات على الحياة السياسية".
وتركز الأحزاب على ان "المهم ليس اجراء الانتخابات لمجرد اضفاء شكل ديموقراطي، فالمطلوب أن تبدي الحكومة الجدية الكافية في مواجهة هذا الحدث الوطني، وتقدم ضمانات كافية للقوى الحزبية والاجتماعية لمشاركة واسعة فيها، على نحو يبدد الاحباط العام في الشارع جراء الوضع السياسي المتردي في المنطقة". ويقول الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني منير حمارنة ل"الحياة" أن "هذه الانتخابات ستكون الأولى التي لا توفر للأحزاب الحماسة والدوافع القوية للمشاركة الفاعلة وليس الرمزية فيها"، ويرجح أن "تسجل نسبة اقتراع متدنية للغاية".
ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للقوى الاجتماعية التقليدية، فالانتخابات لم تعد مناسبة للتنافس العشائري الذي يعتمد عادة على برامج خدمية لاجتذاب الناخبين، اذ أن تخلي الدولة عن الكثير من مؤسسات القطاع العام والاستمرار في برامج الخصخصة ساهما في تخلي المرشحين عن وعودهم في "ايجاد وظائف للعاطلين من العمل وشق الطرق وبناء المدارس والمستشفيات". ويعبّر عن ذلك نائب سابق يتحدر من عشيرة أردنية كبيرة، بالقول ان "الوضع الاقتصادي صعب جداً، والناخبون لن يثقوا بأي برامج، كما أن أحداً لا يستطيع أن يبيعهم شعارات سياسية عن تحرير فلسطين بعد الكارثة التي حدثت في العراق".
وتقرّ الحكومة بانعكاسات الأزمة العراقية على مزاج الأردنيين، وتدعوهم في الوقت نفسه الى الالتفات الى همومهم الداخلية. وتبنت في سبيل ذلك استراتيجية وطنية لترجمة شعار "الأردن أولاً" الذي رفعه الملك عبدالله الثاني قبل شهور من اندلاع الحرب على العراق، وهي تريد من الانتخابات أن تعيد الأردنيين الى الاهتمام ب"وطنهم".
ويقول الناطق الرسمي للانتخابات النيابية فيصل الشبول أن الدولة "هيأت كل الظروف المناسبة لمشاركة واسعة تحقق تالياً نسبة اقتراع عالية، وفي مقدم ذلك تعهد ملكي بنزاهتها وشفافيتها لتكون أول انتخابات نموذجية في المنطقة"، كما ان "الحكومة وضعت اجراءات ميسرة للناخبين، فهم يستطيعون استخدام بطاقاتهم الشخصية والاقتراع في أي مركز قريب في دوائرهم".
وعلى رغم أن الحكومة تسعى الى نسبة اقتراع تفوق انتخابات 1997، حيث سجلت 54 في المئة، الا أنها قلقة في الوقت نفسه من أن تتمكن المعارضة، خصوصاً الاسلامية من تحقيق نتائج مفاجئة، والسيطرة على أكثر من ثلث مقاعد مجلس النواب، مع علمها الأكيد أنها لن تستطيع بلوغ حاجز الغالبية البرلمانية، في ظل النجاحات الكبيرة التي تصيبها العشائر تاريخياً في انتخابات المجالس النيابية والمحلية".
فجبهة "العمل الاسلامي" وهي الواجهة السياسية لجماعة "الاخوان المسلمين" في الأردن تخوض الانتخابات بقائمة من 30 مرشحاً من مجموع 789 في دوائر المملكة، وأكدت "حرصها على عدم اغلاق الدوائر الانتخابية، مكتفية برقم متواضع قياساً الى سعة قاعدة الجبهة الشعبية، لافساح المجال أمام القوى الوطنية كافة للمساهمة في الحياة السياسية".
وطرحت "الجبهة" مرشحين في 23 دائرة انتخابية في عمان وتسع محافظات ابرزهم النائبان السابقان محمد أبو فارس وبدر الرياطي، ونقيب المهندسين السابق عزام الهنيدي، واستاذ الشريعة الاسلامية علي العتوم، الى رئيس لجنة مقاومة التطبيع في النقابات المهنية علي ابو السكر، وعضو مجلس الشورى في "الاخوان المسلمين" سالم الفلاحات، وعضو "الجبهة" الدكتورة حياة المسيمي وهي ناشطة سياسية معروفة ترشحت في دائرة ذات ثقل سكاني في محافظة الزرقاء وسط ثاني أكبر مدن الأردن.
ولوحظ أن الاسلاميين دفعوا بمرشحين من القياديين الجدد في صفوفهم، واختاروا آخرين ممن ينتمون الى عشائر بارزة، لضمان فوزهم في الانتخابات، اعتماداً على قواعدهم القبلية العريضة، وسعياً لتكرار نتائجهم اللافتة في انتخابات 1989 عندما احتلوا 22 من مقاعد البرلمان ال80 ، قبل أن تتراجع حصتهم الى 16 مقعداً في انتخابات عام 1993، بسبب اقرار نظام "الصوت الواحد" الذي كان سبباً مباشراً لمقاطعتهم الانتخابات التالية عام 1997.
وحرص الاسلاميون على التأكيد أن "مشاركتهم تأتي استجابة لمتطلبات المرحلة، لكنها لا تعني الموافقة على قانون الانتخاب والرضى عن السياسات الرسمية التي صادرت الحريات العامة واجترأت على الدستور وأصدرت أكثر من 150 قانوناً موقتاً وغيّبت مجلس النواب". ومع ذلك فإن الأمين العام ل"الجبهة" حمزة منصور يعتبر أن "الانتخابات فرصة لحراك سياسي يسهم في معالجة بعض الآثار النفسية الناجمة عن صدمة احتلال العراق، وتكثيف الوجود الأميركي والبريطاني على الأرض العربية، واشتداد الهجمة الصهيونية على الشعب الفلسطيني".
إلا أن محللين يلاحظون أن مشاركة الإسلاميين لا تخلو من براغماتية سياسية مباشرة، تدفعها حاجة "الإخوان المسلمين" للعودة الى الحياة السياسية، ورغبتهم في بناء علاقة جديدة مع القصر الملكي. فظروف المقاطعة أضرت كثيراً بموقع "الجماعة" وأقصتها عن نفوذها التقليدي في مؤسسات الدولة، كما ان الإسلاميين باتوا يعرفون جيداً أن مصلحتهم تقتضي التعاطي بإيجابية مع أول انتخابات تجرى في عهد الملك عبدالله الثاني، لكي تكون مناسبة للتأكيد على منهجهم الذي يدعو"الى الإصلاح ونبذ العنف" ولتفويت الفرصة على تيار واسع في الدولة يطالب بحلّ "الجماعة" والاقتداء بالتجربة المصرية في هذا الصدد.
وتبدو حظوظ الإسلاميين أوفر من غيرهم من التيارات الأخرى، وأبرزها "الوطني الديموقراطي" الذي يضم ثمانية من أحزاب المعارضة، ويخوض الانتخابات بقائمة من 13 مرشحاً، وتجمع "الإصلاح الديموقراطي" الذي يضمّ 10 أحزاب وسطية وطرح 11 مرشحاً.
وفي خضم صراع الأحزاب والعشائر، تتنافس في هوامشهما 54 مرشحة على مقاعد "الكوتا" النسائية الستة التي خصصها لهنّ قانون الانتخاب، على أن تعتبر المرشحة الحاصلة على أعلى نسبة من أصوات المقترعين في دائرتها فائزة في الانتخابات، مقارنة مع النسب في الدوائر الأخرى.
وأهم ما يعنيه ذلك حكماً هو أن للنساء حصة مضمونة في البرلمان المقبل بفضل "الكوتا". لكن من المستبعد أن تتمكن أي منهنّ من الفوز خارجها، والإفادة من فرصة ثانية منحها لهنّ القانون، لا سيما بعد رفض لجنة الانتخابات المركزية الشهر الماضي ترشيح المعارضة السياسية البارزة توجان الفيصل بحجة أن ترشيحها يخالف قانون الانتخاب الذي يشترط على من يتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس النواب "ألا يكون محكوماً بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يشمله عفو عام".
وكانت محكمة أمن الدولة الأردنية قضت في أيار مايو العام الماضي بسجن الفيصل سنة ونصف سنة، بعدما دانتها بتهمة "نشر معلومات كاذبة من شأنها الإساءة للدولة والنيل من كرامة أفرادها" على خلفية اتهامات وجهتها ب"الفساد واستغلال المنصب العام" لرئيس الوزراء الأردني علي أبو الراغب، قبل أن يصدر الملك عبدالله الثاني في حزيران من السنة نفسها عفواً خاصاً عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.