سلطت الأضواء في روسيا مجدداً على نشاط كبار رجال المال، بعد اعتقال رئيس احدى أضخم المجموعات المالية بتهم تتعلق بالاستيلاء على أموال الدولة. واعتبر سياسيون روس ان حملة مكافحة الفساد بدأت تطاول حيتان المال في روسيا، فيما اتهم آخرون الكرملين بممارسة "ابتزاز سياسي" على أبواب الحملة الانتخابية البرلمانية. وأحدث اعتقال بلاتون ليبيدين رئيس مجموعة "ميناتيب" المالية العملاقة هزّة عنيفة في الأوساط السياسية والمالية في روسيا. وتعد "ميناتيب" المركز المالي لشركة "يوكوس" كبرى شركات النفط الروسية. وأدى الاعلان عن الاعتقال الى تدنٍ حاد في سوق الأوراق المالية. وتراجعت قيمة سهم شركة "يوكوس" بنسبة 3،4 في المئة. وقال ناطق باسمها ان الشركة خسرت في تعاملاتها امس، زهاء بليون ونصف بليون دولار. وكانت النيابة العامة اصدرت مذكرة توقيف ضد ليبيدين اعتماداً على وثائق قدمها نائب رئيس لجنة السياسة الاقتصادية في البرلمان الروسي فلاديمير يودين، وتضمنت معطيات عن قيام ليبيدين بالاستيلاء على أسهم احدى كبرى الشركات الحكومية، مستغلاً حال الفوضى التي رافقت عمليات تخصيص المؤسسات الحكومية عام 1994 وتصل قيمة الأسهم الى نحو 300 مليون دولار. ويعد ليبيدين حالياً من أبرز رجال المال في روسيا وصنفته مجلة "فوربس" في عددها الاخير ضمن أغنى أغنياء العالم ويصل حجم ثروته الى أكثر من بليون دولار. وجاءت عملية الاعتقال بعد مرور ايام على كشف نشاط شبكات داخل الأجهزة الأمنية الروسية جمعت ثروات طائلة من خلال استغلال نفوذها لابتزاز التجار ورجال الاعمال. ولم يستبعد البعض ان تشمل الحملة تعقب نشاط عدد من الشركات الكبرى، لكن آخرين شككوا في الهدف المعلن لاعتقال ليبيدين وفي توقيت فتح الملف، واعتبروا انه يدخل ضمن حملة منظمة تستهدف توجيه "رسائل سياسية" الى رجال المال الروس على أبواب الحملة الانتخابية البرلمانية، وخصوصاً الى البليونير اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي رئيس شركة "يوكوس" النفطية الذي يعد ليبيدين من أشد المقربين اليه. ولم يستبعد ناطق باسم حزب "يابلوكو" اليميني ان يكون الكرملين لجأ الى ممارسة ضغوط على خودوركوفسكي بسبب مواقفه السياسية. وقال الناطق ان رسالة الكرملين تتضمن تحذيراً الى رجال المال في روسيا بأن ثمة حزباً واحداً يتوجب دعمه هو حزب "روسيا الواحدة" الموالي للرئيس فلاديمير بوتين. وكان خودوركوفسكي وصف اعتقال ليبيدين بأنه "محاولة ابتزاز مكشوفة" واللافت ان عملية الاعتقال تزامنت مع فتح ملفات اخرى حول نشاط شركة "يوكوس". وكانت النيابة العامة وجهت اتهامات الى مسؤولين في الشركة في الضلوع في حادث اغتيال استهدف احد منافسي الشركة عام 1998. وأعقب ذلك الاعلان عن ملاحقة أحد مديري الشركة النفطية بتهم فساد مالي. وتوقع برلمانيون روس ان تسفر التطورات الاخيرة عن مواجهة بين خودوركوفسكي والكرملين في شكل يعيد الى الأذهان الحملة التي استهدفت تقليص نفوذ فلاديمير غوسينسكي وبوريس بيريزوفسكي اللذين كان لهما تأثير واسع في عهد بوريس يلتسن. وكان الرئيس فلاديمير بوتين أعلن اخيراً انه "لن يسمح بسيطرة رجال المال على شؤون الدولة". ويرى كثيرون ان طموحات خودوركوفسكي السياسية ربما تكون السبب وراء المواجهة الجديدة. لم يخف الثري اليهودي تطلعه الى "ضمان غالبية مسيطرة على التشكيلة البرلمانية المقبلة"، اضافة الى ذلك، أعلن انه ينوي دخول ميدان السياسة مع حلول عام 2007، ورأى فيه المراقبون تلميحاً الى عزمه ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية في روسيا عام 2008.