فاجأ البليونير ميخائيل خودوركوفسكي الأوساط المالية والسياسية في روسيا بإعلانه من سجنه التنحي عن رئاسة مجموعة "يوكوس" النفطية العملاقة، في خطوة اعتبرها مراقبون مقدمة ل"صفقة" مع السلطات الروسية، لاسقاط قضايا الفساد المالي التي يواجهها. وعلى الاثر شكل المساهمون في المجموعة النفطية مجلس ادارة جديداً لها، برئاسة الاميركي الروسي الاصل سايمون كوكوس الذي اكد المضي في الاندماج مع شركة سيبنفت الروسية، مبدياً ثقته بخروج "يوكوس" من الازمة "اقوى مما كانت عليه سابقاً". وبحسب تشكيلة مجلس الادارة الجديد للمجموعة، بدا ان قيادتها آلت الى مساهمين أجانب غالبيتهم من الولاياتالمتحدة، الامر الذي رأى فيه مراقبون محاولة للحد من محاولة النيابة العامة الروسية تعقب نشاط المجموعة. وبرر خودوركوفسكي في بيان اصدره قرار التنحي بانه يسعى الى إنقاذ المجموعة من الضربات الموجعة ضده وضد شركائه. وقدم سرداً للانجازات التي حققتها "يوكوس" تحت قيادته، بتحولها من شركة مفلسة أواسط التسعينات الى أكبر امبراطورية نفطية في روسيا والرابعة على مستوى العالم. ورأى مراقبون ان رجل الاعمال الذي يعد اغنى اغنياء روسيا تعمد عرض انجازاته، على خلفية طموحاته السياسية، في ظل تقارير تحدثت عن سعيه الى منافسة الرئيس فلادمير بوتين على الرئاسة، خصوصاً انه أكد في بيانه ان نشاطه سيتركز مستقبلاً على قيادة حزب روسيا، وهو منظمة اجتماعية انشأها ومولها ويتوجه نشاطها المعلن نحو دعم مؤسسات المجتمع المدني ورعاية الشباب. واشار خودوركوفسكي الى انه كان يسعى الى تحويل "يوكوس" الى "مجموعة نفطية عملاقة تقدر خلال اعوام قليلة مقبلة واحداً من أعمدة الاقتصاد العالمي". وأضاف ان النجاحات التي حققها حتى الآن لا يوجد مثيل لها في روسيا أو في العالم. وتضاربت ردود الفعل حول القرار المفاجئ لرجل الاعمال. واستقبلت أسواق المال في روسيا الاستقالة بتفاؤل وارتفعت اسهم مجموعة "يوكوس" في تعاملات امس في شكل ملحوظ، لكن الاوساط السياسية تعاملت بحذر مع التطور الاخير. وفي وقت رجح محللون روس ان يكون قرار التنحي مقدمة لصفقة يسعى خودوركوفسكي من خلالها الى تسوية مع السلطات الروسية، استبعد آخرون ان يوثر القرار في سير التحقيقات في التهم الموجهة الى خودوركوفسكي. وذكر خبراء روس ان البليونير الروسي سيظل أكبر المساهمين في "يوكوس" كما ان تنحيه عن رئاسة الشركة لن يوثر في نشاطه السياسي الذي يعتبر البعض في موسكو انه السبب الأساسي وراء اعتقاله. ومعروف ان تلميحات كانت صدرت في السابق حول نية خودوركوفسكي ترشيح نفسه لرئاسة روسيا عام 2008، كما أثارت اتصالات رئيس "يوكوس" مع عدد من الاحزاب والكتل البرلمانية قلق الكرملين، خصوصاً بعدما لمح في احد الأحاديث الصحافية الى مساعيه لضمان "كتلة برلمانية مسيطرة" في مجلس الدوما الجديد بعد الانتخابات المقررة في الشهر المقبل. ويعتبر محللون ان خودوركوفسكي يسعى حالياً الى الفصل بين نشاطه الشخصي ونشاط مجموعة "يوكوس" من أجل تعزيز موقف الاحزاب اليمينية التي ركزت على ان ثمة اسباباً سياسية وراء اعتقال البليونير الروسي.