تفجرت ازمة حادة في روسيا بعد اعلان النيابة العامة امس، فرض الحراسة على اسهم لشركة "يوكوس" النفطية العملاقة في اطار التحقيقات بتهم منسوبة لرئىس الشركة ميخائىل خودوركوفسكي المعتقل منذ اسبوع. وتسارعت تداعيات الازمة السياسية التي اندلعت بعد اعتقال خودوركوفسكي وأسفرت عن انقسام حاد في الاوساط السياسية والمالية، ما فتح الباب على مواجهة تعد الاكبر من نوعها بين الكرملين وتيارات سياسية واقتصادية توصف بأنها تشكل "مجموعات الضغط" الاساسية في روسيا. وتأجج الصراع الدائر امس، بعد اعلان النيابة العامة الروسية فرض الحراسة على اسهم شركة "يوكوس" النفطية العملاقة. وذكرت ناتاليا فيشيناكوف الناطقة باسم النيابة العامة ان الاجهزة القضائىة فرضت الحراسة على نحو 42 في المئة من اسهم الشركة وهي اسهم عائدة لشركتين اجنبيتين تتبعان لمجموعة "ميناتيب غروب" التي يملكها ميخائىل خودوركوفسكي. وعزت النيابة العامة قرار الحراسة الى تطور في التحقيقات الجارية مع رجل الاعمال. وقالت الناطقة ان هذا الاجراء تقرر من اجل تأمين تعويضات عن الخسائر المالية التي تسبب فيها نشاط شركة "يوكوس" والتي تبلغ بحسب معطيات اجهزة التحقيق نحو بليون دولار. ويتضمن هذا المبلغ اموالاً استولى عليها خودوركوفسكي في شكل مباشر، اضافة الى قيمة ضرائب تهرب من دفعها خلال السنوات الماضية. وأثار قرار الحراسة زلزالاً في اسواق المال الروسية. وخسرت قيمة اسهم "يوكوس" نحو 14 في المئة من قيمتها فور الاعلان عنه. وحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء عقده مع كبار المستثمرين الاجانب وتزامن مع اعلان قرار الحراسة، تهدئة مخاوف المجموعات المالية الكبرى. وأكد ان روسيا لن تتراجع عن اعتماد اقتصاديات السوق. وأشار الى عدم وجود تبدلات جذرية في نهجها الاقتصادي والسياسي خلال المرحلة المقبلة. لكن تطمينات الرئىس الروسي لم تنجح في تقليص تداعيات الازمة السياسية التي بدأت تتفاقم في روسيا منذ اعتقال خودوركوفسكي. وأشار سياسيون روس امس، الى ان قرار الحراسة على اسهم "يوكوس" التي تعد اكبر المجموعات النفطية في روسيا والرابعة على مستوى العالم، يشكل سابقة خطيرة ربما تسفر عن نتائج كارثية على الاقتصاد الروسي، خصوصاً انها تعد مؤشراً الى سعي الكرملين الى فرض سيطرة مباشرة على المجموعات المالية، ما قد يؤدي الى هروب واسع للرساميل من روسيا. وأعاد هذا التطور الى الاذهان مصير امبراطورية "ميديا موست" التي كان يملكها البليونير غوسينسكي وتفككت بعد ان فرضت السلطات الروسية سيطرتها على جزء كبير من اسهمها لاسترداد اموال حكومية ذكر في حينها ان غوسينسكي استولى عليها. وكانت التداعيات السياسية لازمة "يوكوس" اسفرت عن اطاحة رئىس الديوان الرئاسي الكسندر نولوشين الذي يعد مهندس السياسة الروسية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وأقوى المدافعين عن مصالح المجموعات المالية التي سيطرت على الاقتصاد الروسي خلال العقد الاخير. وكان الرئىس فلاديمير بوتين وقع امس قرار اقالة فولوشين وعين ديمتري ميدفيديف خلفاً له. ويوصف الاخير بأنه "شخصية معتدلة" وعلى رغم كونه من اشد المقربين الى بوتين فإنه يحتفظ بصلات وثيقة مع الاوساط الليبرالية في روسيا. واعتبر محللون روس ان اقالة فولوشين شكلت المرحلة الاخيرة في عملية بناء هياكل السلطة وتعزيز سلطات بوتين في شكل مباشر. وكان الرئىس ضمن في السابق ولاء الاقاليم الفيديرالية بعدما اعاد تقسيمها ادارياً ووضع على رأس كل منها احد المقربين اليه. ورأى سياسيون روس امس، ان الترتيبات الاخيرة في الكرملين جرى تسريعها من اجل تفويت الفرصة على المعارضين لخلق جبهة سياسية - اقتصادية معارضة لبوتين على اعتاب الانتخابات الرئاسية المقبلة في آذار مارس المقبل. لكن مراقبين في موسكو حذروا من اتساع دائرة الازمة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد ظهور دعوات الى توحيد صفوف المعارضة الليبرالية مع ممثلي المجموعات المالية الكبرى لمواجهة ما اعتبر انه "اجراءات بوليسية". وأشاروا الى ان رئىس الحكومة الروسية ميخائىل كاسيانوف الذي التزم الصمت خلال الايام الماضية اعلن امس في شكل مفاجئ عن قلقه بسبب قرار النيابة العامة فرض الحراسة على "يوكوس" والتداعيات المتوقعة بعد هذا القرار.