تعاود محكمة الاستئناف في الدار البيضاء اليوم النظر في ملفات اكثر من 50 متهماً في تنظيم "السلفية الجهادية" متورطين في هجمات الدار البيضاء التي حصلت في 16 ايار مايو الماضي، على رغم توزيع الملفات الى اربع مجموعات، الا ان ثمة روابط بينها تكمن في الاعداد للهجمات او تنفيذ بعض منها او التخطيط لعمليات اخرى. وتبين من خلال افادات المتهمين ان المعتقل محمد العماري ليس وحده الانتحاري الرابع عشر الذي لم يفجّر نفسه كما كان مقرراً في "فندق فرح" في الدار البيضاء، بل كان ايضاً المتهم حسن الطاوسي الذي انسحب في آخر لحظة عندما وصل المهاجمون الى الفندق، في حين ان المتهم رشيد جليل الذي كان مكلفاً بتفجير مقبرة يهودية في الدار البيضاء تراجع بدوره عن مهمته ووضع الحقيبة، التي كانت تحوي متفجرات، ارضاً ثم عاد الى حي سيدي البرنوصي عند المدخل الشمالي لمدينة الدار البيضاء وقضى الليل مختبئاً في ضواحي المدينة برفقة المتهم عبدالرزاق الرتيوي. وارجأت المحكمة البت في ملفات هذه المجموعة الى الخميس المقبل. لكن افادات المتهمين الثلاثة في المجموعة الاولى، محمد العماري ورشيد جليل وياسين الحنش كشفت معطيات تنفيذ هجمات الدار البيضاء، اذ فيما اكد المتهم محمد العماري انه لم يكن قائداً للانتحاريين ال14، قال المتهم المختار باعود انه ورفاقه بايعوا العماري "أميراً عليهم" وانه اخبرهم في وقت سابق ان التفجيرات ستنفّذ في الدار البيضاء عبر استهداف اماكن يتردد عليها اليهود، ما يحمل على الاعتقاد بأن العمري تراجع عن تفجير نفسه في "فندق فرح" لانه لم يجد اثراً لهؤلاء اليهود. وقال أمام القاضي رئيس الجلسة قبل الجمعة الماضي "عندما رأيت المسلمين داخل الفندق، وكنت سقطت أرضاً، هربت". وكشف ان الانتحاريين قضوا ليل ما قبل الهجمات داخل منزله في حي سيدي مومن الشعبي بعدما دعاهم الزعيم المحتمل للجماعة عبدالفتاح بوليقضان، الذي تردد اسمه كصانع متفجرات بالطرق التقليدية، وأدوا صلاة الفجر هناك جماعياً بعدما جلب إليهم العماري الطعام الذي كان عبارة عن تمر وحليب. وصاموا يوم 16 أيار مايو الماضي قبل التوجه إلى تنفيذ الهجمات. وقال العماري إن أحد الانتحاريين، اسمه محمد مهني، سلمهم 14 حقيبة كانت محشوة متفجرات، وانهم حلقوا لحاهم وغيروا ملابسهم قبل مغادرة منزله في اتجاه المواقع التي حددها شخص اسمه سعيد عبيد عبر مكالمة هاتفية تمت قبل لحظات. وودعوا بعضهم على أمل اللقاء في اليوم الآخر مرددين "موعدنا في الجنة". لكن افادات المتهم رشيد جليل عرضت إلى موعد محتمل للهجمات حدد في التاسع من أيار الماضي، إذ اجتمع الانتحاريون في مكان خالٍ في حي سيدي موسى الشعبي في ضواحي الدار البيضاء، وكانوا خمسة أفراد فقط. ما يحمل على الاعتقاد بأن تأجيل تنفيذ الهجمات ارتبط بمشاركة أكبر عدد ممكن من الانتحاريين. وتوقعت المصادر أن تكشف هذه المجموعات في المحاكمات المقبلة معطيات أخرى عن ارتباط أفراد الشبكة. وعلى رغم ان الافادات المسجلة لم تؤكد حتى الآن ضلوع جهات خارجية، لكن الانتحاريين الناجين أكدوا تأثرهم بشرائط فيديو تدعو إلى الجهاد وتحض على الانتقام من اعداء الإسلام. وكان آخر شريط شاهده المهاجمون قبل تنفيذ عملياتهم لداعية معروف عن "عذاب النار ونعيم الجنة".