فشل مؤيدون للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في تنظيم تجمع لمناهضي القيادة الحالية لجبهة التحرير الوطني التي يقودها السيد علي بن فليس بعدما اقتحم عشرات من أنصار الأخير قاعة التجمع في وسط العاصمة وطلبوا من الحضور مغادرتها قائلين أنهم يرفضون المس بالحزب الذي يملك الغالبية في البرلمان. وعلى رغم أن التجمع كان يُنتظر ان يُنظم في قاعة "ابن خلدون" الواقعة تحت مبنى رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية حيث شُددت الحراسة الأمنية، إلا أن قوات الأمن التي انتشرت داخل القاعة وخارجها فشلت في منع أنصار بن فليس من الدخول، ما دفع مؤيدي بوتفليقة إلى مغادرتها تحت صيحات غاضبة ومناوئة. وشهدت القاعة منذ الصباح مشادات كلامية تحولت في بعض الأحيان إلى اعتداءات متبادلة دفعت العديد من الحضور إلى مغادرة القاعة. ولم تتدخل قوات الأمن إلا بعدما بدا ان الكفة تميل لمصلحة أنصار بن فليس الذين تلوا بياناً استنكروا فيه "تدخل" وزارة الداخلية في شؤون الحزب. "الوصاية على الحزب" وأوضح عيسى خلاف، عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير، في تصريح تلاه أمام الصحافة خارج القاعة: "إننا ندين هذه التلاعبات الضيقة التي همها الوحيد إبقاء الوصاية على الحزب". وتابع: "إنه من العار أن تمنح الداخلية رخصة لهذا التجمع المناوئ باسم جمعية الأطباء الجزائريين للمساس باستقرار حزب الغالبية البرلمانية". أما خصوم قيادة بن فليس فقد تلوا بياناً أعلنوا فيه تأييدهم للرئيس بوتفليقة واستنكروا طردهم من القاعة. ولوحظ ان أنصار الطرفين رفعوا شعاراتهم في شارع مقابل لقاعة ابن خلدون. فمؤيدو بوتفليقة صاحوا مرات "الجيش الشعب معك يا بوتفليقة"، في حين رفع أنصار بن فليس شعار "الجيش الشعب معك يا بن فليس" و"روحوا بالسلامة وسلمونا على عتيقة". وأعادت هذه الشعارات المواجهات مجدداً بين أنصار الطرفين، مما دفع بقوات الأمن إلى تفريقهم بعدما سدوا الطرقات المؤدية إلى الشوارع الكبرى في العاصمة. وهي المرة الأولى التي يتدخل فيها أنصار بن فليس لإفشال تجمع مناوئ لقيادة الحزب. وجاء التدخل بعد أن عقد خصومه سلسلة من التجمعات في كل من عنابة ومستغانم. ويعتقد مراقبون أن لجوء أنصار بن فليس إلى الدفاع عن قيادتهم في الشارع يعكس رغبة حزب الغالبية في حسم الوضع بإمكاناتها بعدما اعتبرت ان وزارة الداخلية صارت طرفاً في الصراع على قيادة الحزب. واشتكى وزير الموارد المائية عبدالمجيد عطار في تصريح الى "الحياة" من "تواطؤ الإدارة"، وقال: "إننا ندافع عن شرف حزبنا الذي يؤيد مسؤوله الأول علي بن فليس والذين يحاولون ضرب استقراره يعتقدون أن الحزب هو الذي يعين الرئيس وليس الشعب". ومنحت وزارة الداخلية الى غاية أمس، أكثر من عشرين رخصة لجمعيات محلية لعقد تجمعات سياسية حضرها خصوم بن فليس وأعلنوا خلالها مساندة ترشح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية ثانية. وتتهم قيادة جبهة التحرير بعض أطراف السلطة بالتورط في "مؤامرة تستهدف المساس باستقرار الحزب لدعم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية ثانية". وفي حين تضم لائحة المناوئين للقيادة الحالية لجبهة التحرير نواباً سابقين لم يرشحهم الحزب خلال الاستحقاقات الأخيرة أو مسؤولين لم تُجدد فيهم الثقة خلال المؤتمر الثامن للحزب، يُلاحظ ان مؤيدي بن فليس هم في الغالب من الشبان الذين انتموا الى الحزب مع تولي بن فليس قيادته في ايلول سبتمبر 2001. ويُتوقع ان تُنظّم الانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر في مطلع العام المقبل.