تحولت جلسات المجلس الوطني للتجمع الوطني الديموقراطي، حزب الغالبية البرلمانية سابقاً، إلى مواجهات عنيفة بين مؤيدي الأمين العام السيد أحمد أويحيى ومعارضيه من أعضاء المجلس وقدامى مؤسسي الحزب الذين استطاعوا الدخول الى قاعة الجلسات في فندق "الأروية الذهبية" في العاصمة الجزائرية، على رغم التعزيزات الأمنية التي وضعت حول المكان. وأصيب أحد أفراد الأمن الرئاسي الذين استدعوا للتدخل، للمرة الأولى، في هذه القضية الحزبية الداخلية، وصحافية من الإذاعة الوطنية خلال مناوشات على هامش الجلسة بعد رفض معارضين لاويحيى تسليم أسلحتهم الشخصية الى الأمن الرئاسي. وتحولت، إثر ذلك، قاعة الجلسات ما يشبه "الحلبة" وتبادل مؤيديو الأمين العام ومعارضوه التراشق بالكراسي، وسط حال من الهلع في أوساط الصحافيين الذين غادر بعضهم القاعة لتجنب الأسوأ. ولوحظت تعزيزات أمنية استثنائية لمختلف أجهزة الأمن وحفظ النظام، لمنع امتداد المواجهات الى خارج القاعة، خصوصاً أن الجلسة الصباحية للمجلس الوطني سبقها مساء الأربعاء مواجهات عنيفة بين المؤيدين والخصوم انتهت إلى إصابة خمسة منهم بحروح. وأعلن أويحيى، وهو أيضاً وزير دولة ممثل شخصي لرئيس الجمهورية، اقتراحاً لتهدئة الوضع. وقال أنه يقترح التصويت على بقائه في الحزب أو استقالته، وطالب الحضور بالتعبير عن موقفهم منه برفع الأيدي. لكن خصومه الذين اندفعوا نحوه طالبوه بإلغاء كلمته وهو ما فعله، قبل أن يطلب من الصحافة الانصراف من القاعة ويلغى كلمة الافتتاح التي كانت مقررة في بداية الدورة. وركّزت تدخلات المعارضين أمس على إبراز حصيلته السلبية، ودعت اقتراحات الى اللجوء إلى صناديق الاقتراع للفصل في مصيره. ورد المؤيدون باقتراح التصويت بالأيادي. وأجمع الطرفان، في المقابل، على التغيير لكن دون تحديد من هو المقصود به. ويطالب خصوم أويحيى برحيله من منصب الأمين العام واستقالة أعضاء المكتب الوطني بسبب دورهم السلبي في إدارة مقاليد الحزب خلال السنوات الأخيرة، مما ساهم في تراجع تمثيله في البرلمان من 156 إلى 48 مقعداً فقط، وهو ما اعتبر نكسة. كذلك يعيبون على أويحيى عدم استقلاليته في قرار الحزب وتأثره الكبير بجهات في الحكم. أما أنصاره فيرون أن "الفوضى" التي هزت المجلس الوطني من تدبير مسؤولين سابقين تعرضوا للإقصاء من الحزب خلال عملية الترشيحات للاستحقاقات التشريعية، وقد نجح بعضهم في استقطاب عدد من مؤسسي الحزب الذين وجدوا أنفسهم ضحية القيادة الجديدة لحزب الحكم سابقاً. وبين المعارضين والمؤيدين يقف غالبية أعضاء المجلس وعددهم 250 عضواً في موقف المتفرج لتحديد القرار النهائي حول مصير هذا الحزب الذي يسير نحو "الاضمحلال"، بحسب تعبير وزير الشباب والرياضة السابق السيد مولدي عيساوي. وطالب الأخير بالتغيير من أجل تحديد مصير هذا الحزب الذي تخلى عنه الحكم مع تولي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة رئاسة الجمهورية وحصول حزبه جبهة التحرير الوطني على غالبية مقاعد البرلمان. وفي المقابل، يعتقد العديد من معارضي أويحيى أن وزير البيئة السيد الشريف رحماني، وزير محافظة الجزائر الكبرى سابقاً، هو الأكثر تأهيلاً لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة بسبب علاقاته مع تنظيمات المجتمع المدني ونجاحه في المحافظة على صورته وشعبيته، على خلاف أويحيى الذي يوصف بالعبارة التي كان أطلقها على نفسه ذات يوم من أنه "رجل المهمات القذرة"، وهو ما أثّر في شكل سلبي على شعبيته.