قال "بنك الكويت الوطني" انه عندما تتضارب توقعات أسواق الأسهم مع أسواق السندات حول فرص النمو الاقتصادي تتعرض سوق الصرف إلى تقلبات حادة، لافتاً الى انه يتوقع أن يبقى الدولار الأميركي ضمن حدوده الواسعة المحققة سابقاً إلى ما بعد انتهاء فصل الصيف. وأضاف البنك في تقريره الاسبوعي ان تصريحات الن غرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي المتفائلة في شأن الاقتصاد الأميركي كانت احد الاسباب التي دفعت بالمستثمرين إلى الخروج من مراكزهم المشترية لليورو، ما أدى إلى تزايد عمليات بيع اليورو لوقف الخسائر. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: بعدما انتظرت الأسواق المالية بشغف، لم نشهده منذ فترة، ما سيقوله رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي الن غرينسبان في شأن الوضع الاقتصادي في الولاياتالمتحدة، أثرت تصريحاته بأسواق السندات الأميركية بمقدار أكبر مما حصل عندما خفض المجلس أسعار الفوائد بأقل من المتوقع وذلك بنسبة 25 نقطة أساس في حزيران يونيو الماضي. والحقيقة هي أن ما صرح به غرينسبان يتلخص باستعداد مجلس الاحتياط لإبقاء أسعار الفوائد الرسمية عند مستوياتها الحالية المتدنية إلى أن يبدأ الاقتصاد الأميركي بتحقيق النمو المطلوب، علماً أن المصرف يتوقع أن ينتعش الاقتصاد الأميركي في النهاية. وإذا كانت هذه خلاصة تصريحات غرينسبان، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا إذن هبطت أسعار السندات الحكومية ولماذا ارتفعت عوائد هذه السندات بعد شهادة غرينسبان نصف السنوية أمام الكونغرس الاسبوع الماضي؟ والإجابة عن هذا السؤال تكمن في أن الأسواق، على ما يبدو، ركزت اهتمامها على الجزء المتفائل حول الاقتصاد في كلام غرينسبان، كما يبدو أن المتعاملين فسروا هذه التصريحات بأن مجلس الاحتياط لن يقدم على مزيد من التخفيض في أسعار الفوائد من مستوياتها الحالية البالغة واحد في المئة. والأهم من ذلك هو استبعاد رئيس مجلس الاحتياط استخدام أي إجراءات نقدية غير اعتيادية، كشراء السندات الحكومية، لإبقاء أسعار الفوائد طويلة الأجل تحت السيطرة، على الأقل في الفترة الحالية. وتفاعلت أسواق السندات بشكل كبير مع هذا الكلام، اذ ارتفعت عوائد السندات بسرعة مدهشة، فعلى سبيل المثال رأينا ارتفاع عوائد السندات الحكومية لمدة عشر سنوات من 3.72 في المئة إلى 3.98 في المئة .وبعد أن تفاجأ غرينسبان بهذا الارتفاع عاد وخفف من وطأة كلامه، مذكراً أنه لم يستبعد أي إجراء نقدي غير اعتيادي لإنعاش الاقتصاد، ناسباً ارتفاع هذه العوائد إلى تفاؤل المستثمرين بفرص النمو الاقتصادي وموضحاً أيضا أن لدى مجلس الاحتياط خيارات عدة للوصول بالاقتصاد الأميركي إلى شط الأمان. في هذه الأثناء أعلن المكتب القومي للبحوث الاقتصادية أن الانكماش الاقتصادي الأميركي الذي بدأ في آذار مارس عام 2001 انتهى بعد ذلك بفترة ثمانية شهور، على الرغم من ضعف سوق العمل الاميركية وخسارة المزيد من الوظائف مذاك. وكانت أرقام مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 0.5 في المئة في حزيران، ما قد جعل البعض يشير إلى هذا الارتفاع كدليل على أن النمو الاقتصادي المنتظر قد يكون بدأ بالفعل. وبشكل عام عندما تتضارب توقعات أسواق الأسهم مع أسواق السندات حول فرص النمو الاقتصادي تتعرض سوق الصرف إلى تقلبات حادة، إلا أننا نتوقع أن يبقى الدولار الأميركي ضمن حدوده الواسعة المحققة سابقاً إلى ما بعد انتهاء فصل الصيف. أوروبا منطقة اليورو استمر انخفاض اليورو مقابل الدولار الأميركي ليصل إلى مستوى 1.11 دولار الأسبوع الماضي، متعرضاً لموجة بيع متواصلة لم نشهد مثيلها منذ انطلاقه عام 1999. وكانت تصريحات المستشار الألماني غيرهارد شرودر الأخيرة، التي طالب من خلالها البنك المركزي الاوروبي بشكل صريح وواضح بالتدخل في أسواق العملات لإضعاف العملة الأوروبية، أحد أهم أسباب انخفاض اليورو أخيراً مع أن تفاعل الأسواق مع هذه التصريحات جاء متأخراً إلى حد ما. ومن جهة أخرى كانت تصريحات غرينسبان المتفائلة حول الاقتصاد الأميركي السبب الآخر الذي دفع بالمستثمرين إلى الخروج من مراكزهم المشترية لليورو مما أدى إلى تزايد عمليات بيع اليورو لوقف الخسائر. والسؤال الأهم الآن هو ما إذا كان اليورو سيتعرض لمزيد من الضغوط التنازلية. الأرجح أننا سنرى بعض الاستقرار فوق مستوى 1.10 وربما استرجعنا معدل 1.14 قبل أن يتعرض اليورو لمزيد من الضغوط، خصوصاً إذا رأينا استمرار الدلائل حول انتعاش الاقتصاد الأميركي. في هذه الحالة فإننا لا نستبعد أن تهبط العملة الأوروبية لتستقر ضمن نطاق 1.10 - 1.05 في الشهور القليلة المقبلة، لكن هذا لن يمنع حصول عمليات جني أرباح في هذه الأثناء، ما قد يوفر للمستثمرين فرصاً لتعديل مراكزهم لتتناسب مع توقعاتهم ولتتماشى مع اختياراتهم للمخاطر. المملكة المتحدة هبط الجنيه الإسترليني إلى ما دون معدل 1.5850 مقابل الدولار بعد أن قام المستثمرون بالتخلص من "متاجرة العوائد"، التي يقوم المستثمر من خلالها بشراء العملات ذات العوائد المرتفعة وبيع العملات ذات العوائد المنخفضة. ويبدو أن متاجرة العوائد هذه قد فقدت بريقها أخيراً، إذ رأينا انخفاض معظم العملات ذات العوائد المرتفعة كالدولار الأسترالي والدولار الكندي والدولار النيوزلندي وغيرها في الأسبوعين الماضيين. وكان تخفيض بنك إنكلترا المركزي لأسعار الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس أخيراً ضغط على العملة البريطانية. وعلى رغم أن المؤشرات التقنية تشير إلى احتمال ارتداد الجنيه الإسترليني، طالما بقي فوق معدل 1.5800 دولار، فإننا لا نلمس رغبة عارمة في شراء الجنيه في هذه الفترة. أما من ناحية الأرقام الاقتصادية فقد شاهدنا ارتفاع معدلات الاقتراض الحكومي إلى 4.8 بليون جنيه في حزيران، وهو رقم يتعدى ضعف المسجل العام السابق ويزيد على توقعات الأسواق. ويبدو أن الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية بدأ يؤثر في الموازنة الحكومية، وبدأ يثير الشكوك الجدية حول مقدرة الاقتصاد البريطاني للنمو بنسبة 2.25 في المئة، كما جاء في آخر توقعات موازنة وزير الخزانة البريطاني غوردن براون، من أن تحقيق موازنة الإنفاق الموعود على الخدمات مع مداخيل الحكومة يبدو أكثر صعوبة الآن. اليابان ارتفع الدولار مقابل الين الياباني عند نهاية التعاملات الأسبوع الماضي "وللمرة الألف" يبدو أن تهديد بنك اليابان المركزي بالتدخل في أسواق الصرف قد فعل فعله، إذ ارتفع الدولار من 116.60 إلى ما فوق 119.00 قبل أن ينهي الأسبوع عند مستوى 118.5 ين. وساعد ارتفاع الدولار بشكل عام هذا الاتجاه، لكن الأهم هو أن الأسواق فهمت الدرس بشكل جيد وهو أن السلطات النقدية اليابانية لن تقبل بانخفاض الدولار إلى ما دون مستوى 115 يناً، إلا أن ارتفاع الدولار مقابل الين هذه المرة كان أيضاً بسبب ارتفاع وتيرة القلق بعد تبادل النار ما بين الكوريتين الأسبوع الماضي ما دفع المتعاملين إلى بيع مراكزهم المشترية للعملة اليابانية. في هذه الأثناء أعاد وزير الخزانة الأميركي جون سنو يوم الجمعة الماضي تأكيد سياسة الدولار القوي، والأهم أنه لم يوجه أي نقد لليابان حول تدخلها في أسواق الصرف، لكنه ذكر أن الاقتصاد الياباني ربما كان في طريقه إلى النهوض من كبوته. والحقيقة أن غياب أي معارضة واضحة من قبل الولاياتالمتحدة حول سياسة اليابان في أسواق الصرف قد يكون عاملاً مساعداً على ارتفاع الدولار مقابل الين، لكن السؤال هو إلى متى سيتم التغاضي عن ذلك، خصوصاً مع تحسن فرص النمو في اليابان، الذي قد يجرد اليابان من أهم سبب لتدخلها في أسواق الصرف ومع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية السنة المقبلة.