سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تصريحات وزير الخزانة الأميركي الأخيرة تؤكد ان "سياسة الدولار القوي" قد تغيرت . أي ارتفاع مؤقت للدولار سيوفر فرصة لبيعه والأنظار تتجه الى مستوى 1.1900 ازاء اليورو
قال "بنك الكويت الوطني" في تقريره الأسبوعي عن الأسواق، والذي نُشر أمس، ان سعر الدولار الأميركي هبط الى مستويات متدنية جديدة مقابل معظم العملات الرئيسية الأسبوع الماضي في جوّ من "التشاؤم" حول مصير العملة الأميركية في أسواق الصرف العالمية، مشيراً الى ان تصريحات رسمية أميركية أخيرة، تؤكد ان "سياسة الدولار القوي" قد تغيّرت. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: كان التصريح الذي أدلى به وزير الخزانة الأميركي، جون سنو، أخيراً وأشار فيه الى ان هبوط الدولار الآن يعتبر "هبوطاً معقولاً"، أقنع معظم المتداولين بأن الادارة الأميركية ترغب في انخفاض الدولار لانعاش الاقتصاد الأميركي قبل الانتخابات الرئاسية السنة المقبلة. وعلى رغم انه لم يصدر أي تعليق عن اجتماع الدول الصناعية السبع الأسبوع الماضي في شأن أسواق الصرف، إلا ان تصريح وزير الخزانة في شأن الدولار أكد للأسواق ما كنا نراه منذ فترة، وهو ان "سياسة الدولار القوية" المتبعة منذ عام 1995 قد تغيّرت في شكل جذري. من جهة اخرى، وعلى رغم ان شهادة رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الأميركي، ألن غرينسبان، أمام مجلس الشيوخ الأخيرة كانت "متوازنة نوعاً ما" حول الاقتصاد الأميركي، إلا ان الأسواق باتت مقتنعة بأن مجلس الاحتياط سيقوم بكل ما هو ضروري لمحاربة الانكماش. وفي هذا الجو من انخفاض التضخم وشدّة ميل منحنى عائد الدولار الأميركي، فإن انخفاض العملة الأميركية سيساعد على عودة النمو الاقتصادي الأميركي. ومع انخفاض أسعار الفائدة الأميركية وعدم قدرة الأصول الأميركية على جذب الأموال الرأسمالية إليها، بالاضافة الى احتمال استمرار العجز الكبير في الميزان الجاري الأميركي العام الجاري، يعتقد عدد كبير من المحللين ان أي ارتفاع مؤقت للدولار سيوفر فرصة لبيعه، فيما تتجه الأنظار الى مستوى 1.1900 مقابل اليورو وهو أعلى مستوى وصلت إليه العملة الأوروبية منذ بدايتها، قبل ان نرى تصحيحاً مهماً في مسار الدولار التنازلي. وفي هذا الشأن، كلما استمرت عوائد السندات الحكومية الأميركية في الانخفاض، كلما زاد الاعتقاد بأن السلطات النقدية الأميركية لن تمانع في رؤية المزيد من هبوط الدولار. والحقيقة هي ان الأسواق لا تستطيع تفسير هبوط الدولار في الوقت الذي تدخل الولاياتالمتحدة فترة انكماش التضخم، حيث من المعروف ان انكماش التضخم عادة ما يؤدي الى ارتفاع العملة وليس الى انخفاضها. لذلك يبقى السؤال المطروح، وهو إذا لم يكن انكماش التضخم السبب في هبوط الدولار، فما هو السبب إذن؟ يعتقد بعض المحللين ان الاجابة على هذا السؤال تكمن في علاقة اليورو مقابل الدولار مع أسعار الفائدة الأميركية، حيث يلاحِظ هؤلاء ان انخفاض أسعار الفائدة الأميركية عادة ما يتبعه انخفاض الدولار مقابل اليورو. وكلما أصبحت أسعار الأصول الأميركية أقل مقّومة بالدولار بالنسبة للمستثمر الأجنبي، كلما قام هذا المستثمر بشراء هذه الأصول، ما يدفع أسعارها الى الارتفاع وعوائدها الى الانخفاض. ويبدو ان السلطات النقدية الأميركية لا تمانع في حصول ذلك. فهي تُحقق من هبوط سعر الدولار هدفين في آن واحد، الأول هو محاربة انكماش التضخم، والثاني زيادة الصادرات الأميركية، وبالتالي إنعاش النمو الاقتصادي. وفي هذا الاطار، فإن تمتع الادارة الأميركية بأفضل مزيج من السياسة الاقتصادية، وهو انخفاض الدولار وانخفاض أسعار الفائدة وسياسة مالية توسعية يجعلنا نعتقد ان رغبة هذه الادارة في التدخل في أسعار صرف الدولار تعتبر قليلة جداً في هذه الفترة. لكن الحذر من المبالغة في ذلك يبقى ضرورياً خصوصاً بعد ارتفاع اليورو مقابل الدولار بأكثر من 8 في المئة في الربع الثاني من السنة الجارية فقط، ما يجعلنا نعتقد ان معظم الأخبار الاقتصادية الأميركية السيئة قد تم أخذها في الحسبان من قِبل أسواق الصرف. أوروبا منطقة اليورو خرقت العملة الأوروبية مقابل الدولار بعد ارتفاعها يوم الجمعة المستوى الذي كانت تأسست عنده، في موجة من الارتفاع لاقت ترحيباً لدى صناع القرار السياسي في أوروبا، لكنها لم تلق نفس الترحيب في بعض الأوساط الأوروبية الاقتصادية. فبعد عدة أشهر من انخفاض الدولار، تسلّق اليورو فوق مستوى 1.1747 وهو السعر الذي ولدت عنده العملة الأوروبية في 4 كانون الثاني يناير 1999عندما دمجت إحدى عشرة دولة أوروبية عملاتها. وعلى رغم انه لم يكن هناك سبب اقتصادي مباشر لحدوث ذلك، إلا ان ارتفاع اليورو بهذا المقدار يشير الى قوة هذا المسار خصوصاً مع تزامن هذا الارتفاع مع ضعف اجمالي الناتج المحلي الأوروبي الأخير، ما يذكرنا ان مسار اليورو مقابل الدولار يعتمد على معدل النمو الاقتصادي الأميركي وليس على الفارق بين النمو الأميركي والنمو الأوروبي. فبعد ان هبط اليورو الى أدنى مستوى له عند 0.8225 مقابل الدولار في تشرين الأول أكتوبر 2002، بدأ ارتفاع اليورو تدريجاً بعدما رصّّت البنوك المركزية الأوروبية المحلية والبنك المركزي الأوروبي صفوفها للدفاع عن العملة الأوروبية. وقد بدأ صعود اليورو الفعلي في بداية عام 2002 بعدما تم إدخال النقود للتداول. ومنذ ذلك الحين، بدأ اليورو في تعويض خسائره السابقة تدريجاً فيما انتهى مسار الدولار التصاعدي المستمر منذ سبعة أعوام. ويبدو ان ارتفاع العملة الأوروبية الأخير قد فتح شهية المسؤولين في الدول الأوروبية ال12 في منطقة اليورو لكيل المديح لهذه التجربة "التاريخية"، ما يؤسس لأخذ اليورو مكانته المرجوّة كبديل جدّي للدولار الأميركي. وفي هذا الشأن، أعاد الناطق باسم المفوضية الاوروبية تذكير الأسواق بأن قوة العملة الأوروبية واستقرارها يصبان في مصلحة اوروبا والعالم. إلا ان هذا الترحيب لم يقابله حماس لدى الصناعيين والمصدّرين الأوروبيين أو لدى المستثمرين في شكل عام، لخوفهم من تأثير ذلك على الاقتصاد الاوروبي. ومن المرجح في هذا الشأن ان تعلو الاصوات المعارضة لهذا الارتفاع في المستقبل. من جهة اخرى، فإن تصريحات صنّاع السياسة النقدية في كل من اسبانيا وهولندا الجمعة الماضي بأن ارتفاع اليورو سيساعد على خفض التضخم، يجعلنا نعتقد ان عدد أعضاء المجلس الحاكم 18 عضواً للبنك المركزي الأوروبي الذين باتوا يؤيدون خفض أسعار الفوائد في أوروبا، لدى اجتماعهم في 5 حزيران يونيو المقبل، قد زاد في شكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. ان ارتفاع اليورو ازاء الدولار منذ آخر خفض لأسعار الفائدة في أوروبا يعادل رفع سعر الفائدة بنسبة تراوح بين 75 و100 نقطة أساس. لذلك نرى اليوم ان منحنى عائد اليورو الآجل يشير الى نسب احتمال مقدارها 60 في المئة لخفض أسعار الفوائد في شهر حزيران يونيو بنسبة 50 نقطة أساس بالمقارنة مع نسبة 25 نقطة الأسبوع الماضي. وإذا استمر ارتفاع اليورو، فإن البنك المركزي سيضطر الى التعاطي مع هذا الواقع الجديد ليعيد خفض تقييمه للنمو الاقتصادي وتوقعاته لمسار التخضم، ما يجبره في النهاية على القيام بخفض آخر في أسعار الفوائد في شهر أيلول سبتمبر المقبل. المملكة المتحدة أظهرت تفاصيل اجتماع لجنة السياسة النقدية ل"بنك انكلترا" المركزي ان اللجنة صوتت بنسبة خمسة الى أربعة في شهر أيار مايو لبقاء أسعار الفائدة على ما هي عليه، وهي نسبة أكثر تقارباً مما كانت تتوقعه الأسواق. وكان من نتائج ذلك ان الأسواق باتت أكثر اقتناعاً الآن بأن تخفيض أسعار الفائدة في بريطانيا هو مسألة وقت ليس إلاّ. وتشير أسعار العقود الآجلة الى ان الأسواق تتوقع الآن تخفيضاً بنسبة 50 نقطة أساس في كانون الأول ديسمبر. والحقيقة ان لجنة السياسة النقدية كانت دائماً متفائلة من تأثير هبوط الجنيه منذ خفضها أسعار الفائدة في شباط فبراير على النمو الاقتصادي أكثر من اهتمامها بتأثير ذلك على مخاطر التضخم. غير ان ذلك تغيّر في الاجتماع الأخير، حيث ان الغالبية التي صوّتت لبقاء أسعار الفائدة من دون تغيير علّلت سبب قرارها هذا لضعف الجنيه. ولذلك يعتقد بعض المحللين ان ذلك يعني ان قرار خفض أسعار الفائدة بات مرتبطاً أكثر من ذي قبل باستقرار سعر صرف اليورو مقابل الجنيه، أو على الأقل بات مربوطاً بارتفاع الجنيه مقابل الدولار، ما يخفف العبء من انخفاض الجنيه الأخير ازاء اليورو. وفي هذا الإطار، وبما ان الأسواق مصممة على رأيها بان خفض أسعار الفوائد قادم لا محالة، فإن ارتفاع الجنيه مقابل اليورو يبدو الآن أكثر صعوبة من ارتفاع الجنيه ازاء الدولار، خصوصاً إذا إستمر ضعف العملة الأميركية الأخير. ويعني هذا الأمر ان ضعف الجنيه قد يمنع "بنك انكلترا" من خفض أسعار الفوائد في الفترة القريبة المقبلة. وما زالت الأسواق تتوقع ان لا يتم أي خفض عند اجتماع اللجنة في 5 حزيران يونيو. أما في المدى الأبعد، فلا تزال الأسواق تتوقع ان يخفض "بنك انكلترا" أسعار الفائدة، ولا تزال تتوقع ان تهبط أسعار االفائدة الرسمية من 3.75 في المئة الآن الى 3 في المئة مطلع السنة المقبلة. أما على الصعيد الاقتصادي، فلا تزال الأرقام الاقتصادية تبدو متقلبّة، حيث لا تؤشر الى احتمال خفض أسعار الفائدة، لكنها في الوقت نفسه لا تتعارض مع انخفاض النمو العام وضعف الإنفاق الفردي. من جهة اخرى، فيما تستعد الحكومة البريطانية للإعلان عن الشروط الاقتصادية الخمسة للإنضمام الى اليورو في 9 حزيران يونيو، فإن هناك احتمال حدوث تغيير طفيف في السياسة النقدية كخفض نسبة التضخم المستهدفة حالياً من 2.5 في المئة الى مستوى 2 في المئة، لتماشي النسبة المستهدفة في أوروبا. والأهم من ذلك احتمال استهداف مستوى التضخم الأوروبي الموّحد بدل الاستهداف الحالي لمؤشر أسعار التجزئة من دون الفوائد وكلفة الديون العقارية. اليابان تشير حركة أسعار الصرف الى قيام بنك اليابان المركزي بالتدخل مشترياً للدولار مقابل الين، بعد هبوط الدولار الحاد ازاء العملات الرئيسية الأسبوع الماضي. وتتوقع الأسواق ان يستمر هذا التدخل في الفترة المقبلة، ما سيحدّ من ضعف الدولار مقابل الين. وهذا ما يجعل معظم المتداولين يعتقد ان الين سيبقى ضعيفاً مقابل اليورو الى ان تصبح السلطات النقدية اليابانية أكثر استعداداً لارتفاع الين ازاء الدولار. ولا نعتقد ان هذا الأمر سيحصل إلاّ إذا ضغطت الدول الكبرى الأخرى على اليابان للتوقف عن هذا التدخل، أو إذا بدأ الاقتصاد العالمي بالنمو مجدداً. وتشير التقديرات الى ان "بنك اليابان" المركزي قام بشراء ما مقداره 30 بليون دولار أميركي مقابل الين في شهر أيار مايو فقط، وهو مبلغ يعادل المبلغ المشترى بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001. ومنذ ذلك التاريخ، يقدّر حجم التدخل ب 105 بلايين دولار، ما يعادل تقريباً نصف حجم الفائض في الميزان الجاري الياباني خلال الفترة نفسها. من ناحية أخرى، تشير تقديرات وزارة المال اليابانية الى ان حجم التدفقات الرأسمالية الى اليابان كان 95 بليون ين الأسبوع الماضي. وهذه المرة الاولى التي نشاهد هذا التدفق في اتجاه اليابان منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وإذا استمر هذا التدفق وزادت قوته في الأسابيع القليلة المقبلة، فإننا نتوقع ان تزيد رغبة "بنك اليابان" المركزي في حماية الدولار من الضعف مقابل الين. وهناك سبب آخر لارتفاع الين، وهو أرقام الميزان التجاري في نيسان أبريل، حيث بيّنت الأرقام ان الفائض في هذا الميزان ارتفع الى 840 بليون ين. ويبدو ان الصادرات لم تتأثر بأزمة تفشي مرض "سارز"، حيث ارتفعت قيمة الصادرات بنسبة 4.7 في المئة مستفيدةً من قوة اليورو. وفي هذا الصدد، يجدر التذكير انه على رغم ان الين الياباني ما زال معرضاًُ لضغوط تصاعدية مقابل الدولار، إلا ان أساس تنافسية الين التجارية هي معدلاته مقابل سلة من العملات الرئيسية، وليس مقابل الدولار الأميركي فقط. وعلى هذا الأساس، فإن تنافسية الين اليوم تبدو أفضل بالمقارنة مع بداية العام. وفي الوقت الراهن، تبدو أولوية وزارة المال اليابانية مركزة على الدولار ازاء الين، فيما أشار كبير المسؤولين في وزارة المال، زيمباي ميزوغوتشي، الى ان ضعف الين الأخير بعد تدخل "بنك اليابان" المركزي أعاد العملة اليابانية الى مستوياتها الاعتيادية. غير ان حصول أي تغيير في السياسة النقدية كالتوجه نحو استهداف مستوى الين مقابل سلة من العملات بدلاً من الدولار الأميركي قد يشجّع الأسواق على بيع الدولار مقابل الين. إلا اننا لا نتوقع حدوث ذلك في الأمد القريب، حيث ما زلنا نعتقد ان الدولار الأميركي سيستمر في المراوحة حول مستوى 118 يناً خلال الأسابيع القليلة المقبلة.