شكّك المدير التنفيذي للجنة التفتيش والتحقق من اسلحة الدمار الشامل في العراق انموفيك هانز بليكس بصدقية المبرر الرسمي الذي اعتمدته الولاياتالمتحدة وبريطانيا لشن الحرب، فيما اتهم عضو فريق "انموفيك" الالماني بيتر فرانك لندن وواشنطن بتقديم أدلة مزيّفة لوجود الأسلحة، خصوصاً تلك التي قدمها وزير الخارجية كولن باول الى مجلس الامن. وطالب المفتش السابق سكوت ريتر الادارة الاميركية والحكومة البريطانية بالاعتراف بأنهما كذبتا. في غضون ذلك أكدت الولاياتالمتحدة انها وضعت قيوداً على مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين وصلوا الى بغداد اول من امس. قال بليكس في تصريح الى "هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي امس ان "مشاعر القلق من الاسلحة البيولوجية او الكيماوية التي قد تكون في حوزة بغداد كانت حقيقية، ولكن كانت هناك مبررات اخرى ... وهذا ما يدفعنا الى التساؤل عن الاهمية الحقيقية لمسألة الاسلحة" في قرار شن الحرب. واشار وزير الخارجية السويدي السابق الى انه "حدث بالطبع تباين في تصريحات العراقيين اكثر من مرة ولكننا لم نتسرع في استنتاج وجود هذه الاسلحة، لقد بقينا حذرين حيال هذه المسألة حتى وان توصل الكثيرون الى نتائج متسرعة". وتأتي هذه التصريحات لتضاف الى الاتهامات الموجهة منذ اسابيع الى بوش وبلير والتي افادت انهما "ضخّما حجم" التهديد العراقي لشن الحرب. واعتبر المدير التنفيذي للجنة المراقبة والتفتيش والتحقق انموفيك انه "لم يكن سراً ان القوات المسلحة العراقية ضعفت كثيراً بفعل حرب الخليج الاولى وضعفت اكثر بعد ذلك بعشر سنوات". وفي محاولة لتبرير سبب قلة تعاون نظام بغداد في عمليات التفتيش ارجع بليكس ذلك الى احتمال "الاعتزاز المفرط" بالنفس لصدام حسين "الذي كان يعتبر نفسه امبراطوراً لبلاد ما بين النهرين". وقال: "الاعتزاز مبرر محتمل لعرقلة بغداد عمليات التفتيش في 1998 لأن المفتشين كانوا يتجاوزون قليلاً في مهمتهم". وربما يكون المبرر الآخر لمقاومة نظام بغداد السلبية لعمل المفتشين "خطأ في التقدير ارتكبه صدام حسين" بشأن عزم الحلفاء الفعلي على شن حرب. واضاف ان "صدام حسين ارتكب خطأ في التقدير عندما ظن انه لن يحصل هجوم بسبب نزول آلاف المتظاهرين الى شوارع لندن ونيويورك" وباقي انحاء العالم. في برلين اتهم الماني من اعضاء فريق التفتيش السلطات الاميركية بتقديم ادلة مزيفة ضد النظام العراقي. وكان المفتش بيتر فرانك احد اعضاء فريق التفتيش في "انموفيك" منذ كانون الثاني ديسمبر العام الماضي واستمر حتى وقت قصير من غزو الولاياتالمتحدةالعراق في اذار مارس. وقال للمجلة ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول لم يقدم دليلاً صادقاً الى مجلس الامن في خطابه الشهير في 5 شباط فبراير. واكد فرانك ان "ذلك كله كان خدعة كبيرة". واضاف: "من حيث المبدأ، كان ذلك عرضاً للشعب الاميركي". وزاد ان باول استخدم صور الاقمار الاصطناعية في محاولة لإظهار شاحنات ازالة التلوث التي كانت تقف امام خندق للذخيرة دليلاً على ان العراق كان يجري تجربة للاسلحة الكيماوية. الا ان زيارة قام بها المفتشون في وقت سابق اثبتت ان الشاحنات كانت عربات اطفاء الحريق. وقال ان المسؤولين الاميركيين ضخّموا عدد الجنود والمعدات العراقية. واضاف ان عملية تفتيش قام بها مفتشو الاممالمتحدة لقاعدة دفاعية جوية اظهرت ان الولاياتالمتحدة بالغت خمس مرات في عدد الطائرات. وطالب المفتش السابق سكوت ريتر في مقابلة نُشرت امس الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالاعتراف بأنهما كذبتا عندما زعمتا ان النظام العراقي السابق كان يمتلك اسلحة دمار شامل. ودعا في حديث الى صحيفة "لو تان" السويسرية الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير "الى التحلي بالشجاعة وتحمل مسؤوليتهما" في الكذب على شعبيهما للحصول على تأييدهما الحرب على العراق. وقال ريتر الذي كان في قوات مشاة البحرية المارينز وسبق ان انتقد الطريقة التي تعامل بها بوش مع النزاع، ان على الزعيمين "شرح الاسباب التي دعتهما الى شن الحرب بكل صراحة وصدق والاعتراف بكذبهما". وتابع: "اذا كانت الحرب على العراق حملة نبيلة لتخليص العالم من ديكتاتور مجنون، فيجب ان يعترف الزعيمان بذلك". إلا انه اضاف انه لم يكن بإمكان صدام حسين تدمير ترسانته من اسلحة الدمار الشامل المحتملة "من دون ان يخلف أثراً ... لم يقدم وزير الدفاع الاميركي اي دليل على احتمال تدمير تلك الاسلحة كما انه لم يقدم ابداً اي دليل يذكر على وجود تلك الاسلحة". وفي كتابه "نهاية اللعبة: حل المشكلة العراقية تماماً" هاجم ريتر سياسة بوش لتغيير النظام وقال انها أفسدت عملية التفتيش في العراق. وتساءل "بناء على اي معلومات يتهم بوش ايران بامتلاك اسلحة دمار شامل؟ وماذا عن سورية وكوريا الشمالية؟". الى ذلك اعلنت وزارة الدفاع الاميركية بنتاغون الخميس ان القوات الاميركية سترافق مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في كل الاوقات خلال زيارتهم لموقع نووي رئيسي، كما ان مهمتهم المحدودة لن تكون سابقة لكي تلعب الوكالة اي دور في المستقبل هناك.