ترك الاعلان عن تعديل نظام القبول الجامعي المفاضلة العامة في الجامعات والمعاهد السورية اخيراً، ارتياحاً لدى شرائح واسعة من طلاب شهادة الدراسة الثانوية العامة، بعد ان شكل النظام القديم حاجزاً أمام طموحاتهم في متابعة تحصيلهم العلمي في الاختصاصات التي يرغبون. ونص القرار الجديد الذي اصدرته وزارة التعليم العالي، على تحميل مجموع الطلاب في امتحان شهادة الدراسة الثانوية، علامة مادة اختصاصية أو أكثر حسب الكلية التي يود الانتساب اليها، اضافة الى تحميله مادة اللغة الاجنبية لكل الكليات والفروع من دون استثناء. وحدد القرار الجديد الذي يبدأ العمل فيه مطلع العام الدراسي المقبل، المقررات الخاصة بكل كلية أو فرع، والتي يجب ان يتميز فيها الطالب خلال امتحان الثانوية في حال رغبته في الانتساب الى كلية معينة. وتتطلب كليات الطب ان يكون الطالب متفوقاً في معدل العلوم الطبيعية، والكيمياء، والفيزياء، واللغة الأجنبية، لأن درجات هذه المواد ستضاف الى مجموعه اثناء المفاضلة لدخوله الى هذه الكليات، كما تتطلب كلية الزراعة ان يحصل الطالب على درجات مرتفعة في مقرر العلوم الطبيعية، والكيمياء، واللغة الاجنبية، وهذا ينطبق على بقية الكليات والفروع. ويعتقد مختصون ان القرار الجديد لن يزيد من فرص استيعاب الطلاب في الكليات لأن فرص الاستيعاب محدودة اصلاً، غير أنه سيعمل في شكل مباشر على تغيير طبيعة المقبولين فيها، وسيحدث انخفاضاً في معدلات القبول للكليات التي تتطلب معدلات مرتفعة. واعتبر معاون وزير التعليم العالي عمر كرمو ان اصدار القرار الجديد هو محاولة لبلوغ هدفين هما تحقيق رغبة الطالب في الاختصاص الذي يود دراسته، والأخذ في الاعتبار المقررات التي لها علاقة بالاختصاص وإعطاؤها وزناً معيناً في عملية القبول. وكان النظام القديم الذي مضى على تطبيقه أكثر من عشرين عاماً، يعتمد على مجموع الطالب في امتحان شهادة الدراسة الثانوية معياراً وحيداً للدخول الى الجامعة، من دون النظر الى ميوله واهتماماته. وأظهرت احصاءات رسمية ان عدد الناجحين في امتحان شهادة الثانوية العامة في البلاد بلغ العام الماضي 100 ألف طالب وطالبة، قبل منهم 40 الفاً في الجامعات و58 الفاً في المعاهد المتوسطة، في حين بقي أكثر من 2000 طالب خارج ملاك التعليم العالي بسبب تدني معدلاتهم. وقال الطالب حكمت الرفاعي إن "تحديث نظام القبول الجامعي عبر اضافة مفردات جديدة إليه اعطت لرغبات الطلاب أهمية خاصة من شأنها ان تتيح المجال واسعاً أمامهم لتحقيق طموحاتهم كما سيحد من حال الاجحاف التي تعرض لها الآلاف منهم في ظل النظام القديم". ويبدو ان ارتفاع نسبة الطلاب من فئة "ناجح ويعيد" في الثانويات الخاصة وازدياد الاقبال على أنظمة التعليم التي أقرت خلال العامين الأخيرين مثل "التعليم المفتوح" و"التعليم الموازي" يدل على عدم موضوعية نظام "المفاضلة العامة" في الجامعات الحكومية حيث بلغ عدد المنتسبين الى نظام التعليم المفتوح نحو 27 ألف طالب وطالبة ونحو 4 آلاف في التعليم الموازي. وعلى الرغم من ان القرار الجديد أثار ارتياحاً واسعاً لدى الطلاب الا ان بعضهم يرى انه استبدل القديم بحواجز أخرى. وقال الطالب أنس عرقسوسي: "صحيح ان التعديل الجديد ترك ارتياحاً كبيراً لدى شرائح واسعة من الطلاب، لكنه في المقابل خلق عقبات جديدة ما كانت في حسبان الكثيرين، وهي تتعلق باعطاء علامة اللغة الأجنبية دوراً أكبر في تحديد الاختصاصات في حين انها مادة ما زالت تشكل نقطة ضعف واضحة لدى غالبية الطلبة السوريين".