بعد اعلان وزارة التعليم العالي في سورية نتائج "المفاضلة العامة" النهائية للقبول في الجامعات والمعاهد المتوسطة، لم تكن المفاجأة بالنسبة الى غالبية الطلبة المتقدمين للمفاضلة، والذين بلغ عددهم 120 ألف طالب وطالبة في ارتفاع معدلات القبول، بقدر ما كانت في رفض 33700 بطاقة ترشيح. ويبرر مسؤولو وزارة التعليم أسباب هذا الرفض بأخطاء يتحمل قسم منها الطلاب أنفسهم، واخرى يعترفون بها. وتتنوع أسباب رفض رغبات هؤلاء الطلاب، إذ يقع على عاتق اللجنة الفنية للقبول الجامعي مسؤولية عدم ادراج أسماء أعداد كبيرة منهم في قوائم المقبولين على رغم أن درجاتهم تقع ضمن الحدود الدنيا للدرجات المعلنة بنتيجة المفاضلة. وتقول م.ع. 19 عاماً أنها حصلت على 183 درجة في امتحان شهادة الدراسة الثانوية - الفرع الأدبي وأن مجموعها العام ودرجتها في مادة اللغة العربية التي بلغت 50 يؤهلانها لدخول قسم اللغة العربية. وعلى رغم ادراجها لهذا الاختصاص في بطاقتها كرغبة أولى إلا أنها لم تعثر على اسمها في قوائم المقبولين فيه. وأدى عدم تعامل بعض الطلاب مع بطاقاتهم بشكل جدي الى وجود أخطاء كبيرة فيها شكلت حاجزاً أمام تحقيق رغباتهم. ويقول س. م. 18 عاماً: "ان معدلي في امتحان الدراسة الثانوية يسمح لي بدخول كلية الاقتصاد، وهذا بحسب الإعلان الذي أصدرته وزارة التعليم العالي والمتضمن الحدود الدنيا من الدرجات للقبول في الكليات، لكن عدم كتابتي الرمز الخاص بالكلية بشكل صحيح أدى الى نتيجة خاطئة وقد تقدمت بطلب الى الوزارة لتصحيح هذا الخطأ". كذلك أسهم ارتفاع عدد الرغبات المطلوب تدوينها من الطالب في بطاقة المفاضلة الأولية لهذا العام والتي حددت ب25 رغبة لطلاب الفرع العلمي وب20 رغبة للفرع الأدبي في حدوث بعض الإشكالات في بطاقات بعض الطلاب لعدم ادراكهم التخصصات والكليات التي تقع ضمن حدود معدلاتهم. وهذا ما حصل مع الطالب ي.ن. 20 عاماً الذي أدرك بعد مراجعته نسخة بطاقة المفاضلة التي يحتفظ بها ان جميع رغباته ال25 سوف ترفض بسبب عدم تسجيلها بشكل يتوافق مع معدله. ويرى متخصصون أن بعض هذه الأخطاء حدث سنوي، وغالباً ما يتلافاها المسؤولون في وزارة التعليم العالي. ويرجع هؤلاء سبب ارتفاع العدد هذا العام الى تضخم عدد الناجحين في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة لدورة 2003 - 2004 إذ بلغ 132825 طالباً وطالبة، وارتفاع نسبة الذين تقع درجاتهم بين 200 و232. ووصل عدد الذين حازوا معدل 232 الذي يؤهل الطالب الدخول الى كلية الطب 900 طالب وطالبة اضافة الى ادخال عنصر "التثقيل" على نظام القبول الجامعي وازدياد عدد الكليات وارتفاع عدد التخصصات فيها. يضاف الى ذلك ان كثيراً من الطلبة أدخلت بيانات بطاقاتهم الى الحاسوب بطريقة خاطئة الأمر الذي أدى الى نتيجة خاطئة. ويحمل معاون وزير التعليم العالي الدكتور عمر كرمو الطلاب الجزء الكبير من المسؤولية في المشكلة التي حصلت في عملية القبول "هناك أغلاط تحدث سنوياً، ولم تكن تشكل رقماً قياسياً كما حدث هذا العام. فعلى رغم تدقيق بطاقات المفاضلة في مراكز الاستلام، ووزارة التعليم وتصحيح الكثير منها إلا أنه بقي هناك 1700 رغبة في الفرع العلمي و32000 رغبة في الفرع الأدبي مرفوضة لأسباب غالباً ما تعود الى الطلاب انفسهم". ويؤكد كرمو أنه لا يمكن اعتبار تلك الرغبات مرفوضة "البتة" وانما تعتبر "موقوفة ريثما تدرس الإشكالات الموجودة فيها" بهدف تصحيح ما يمكن تصحيحه، وأن الكثير من التي تحتوي أخطاء بسيطة صححت، من قبيل عدم توافق رمز الكلية مع اسمها في البطاقة. ويكشف مدير شؤون الطلاب في وزارة التعليم العالي الدكتور محمود شيخ الشباب ان هناك رغبات يعود رفضها الى خطأ في الحاسوب لجهة عدم برمجته بشكل يتوافق مع بطاقات الطلاب الذين يفاضلون على دخول الأقسام والكليات من خلال العلامات الاختصاصية مثل قسم اللغة الانكليزية. ويتطلب دخول هذا القسم حصول الطالب في مادة اللغة الانكليزية على درجة 29، وقسم اللغة العربية الذي يتطلب الانتساب اليه حصول الطالب في الفرع الأدبي في مادة اللغة العربية على درجة 48. ويقول: "بعد صدور النتائج النهائية للمفاضلة اتضح ان هناك ثغرة في الحاسوب تكمن في أنه لم يكن مجهزاً بشكل يتوافق مع بطاقات الطلاب الذين يفاضلون لدخول بعض الأقسام من خلال العلامات الاختصاصية وقد عولجت هذه المشكلة لقسم كبير من الطلاب". ويقوم نظام القبول الجامعي "المفاضلة العامة" الذي مضى على تطبيقه أكثر من 20 عاماً على أساس أن مجموع الطالب في امتحان شهادة الدراسة الثانوية هو المعيار الوحيد للدخول الى الجامعة، إلا أن الحكومة عملت في آخر آذار مارس الماضي على تعديله من خلال اضافة مفردة جديدة إليه من شأنها مساعدة الطلاب في متابعة تحصيلهم العلمي في الاختصاصات التي يرغبون، وهي تحميل مجموع الطالب في امتحان الدراسة الثانوية علامة مادة اختصاصية أو أكثر بحسب الكلية التي يود الانتساب اليها، اضافة الى تحميله مادة اللغة الأجنبية لكل الكليات والفروع من دون استثناء. ويشير تقرير وزارة التعليم العالي الذي يحدد أعداد الطلاب الذين سيستوعبون في الجامعات والمعاهد المتوسطة أن أعداد الطلاب المقترح قبولهم في الجامعات هذا العام حددت ب41619 طالباً وطالبة، وب58005 في المعاهد المتوسطة ليصبح اجمالي عدد الطلاب المقترح قبولهم في الكليات والمعاهد 99624، وبذلك يكون مجموع الطلاب المقترح ابقائهم خارج التسجيل 33201، ما يضع علامات استفهام عما إذا كانت هناك نيات مسبقة لدى وزارة التعليم العالي لخفض أعداد المقبولين في الجامعات العامة تمهيداً لفتح المجال أمام عمل أنظمة التعليم الأخرى. وكانت الحكومة السورية اتخذت مجموعة من الخطوات خلال السنوات الثلاث الماضية من أجل تمكين جميع الناجحين في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة من متابعة تحصيلهم العلمي ومنها إقرار نظامي التعليم المفتوح والموازي، والسماح بإقامة جامعات خاصة أو مشتركة أو فروع لجامعات عربية وعالمية باختصاصات محدودة، اضافة الى استحداث الجامعة الافتراضية بواسطة شبكة الانترنت.