قال محللون اقتصاديون، أمس الأربعاء، ان الاقتصاد الأميركي سجّل أول مؤشرات على التحسن، مع تراجع المخاوف بحصول انكماش في الأسعار وتحسن طفيف في الصناعة وانتعاش في قطاع البناء. لكنه لا يزال يحتاج الى خفض في نسب الفائدة ليسلك مجدداً طريق النمو. وفي ظاهرة لم تحصل منذ عدة أشهر، كشفت الحكومة الأميركية، مساء أول من أمس الثلثاء، عن سلسلة من المؤشرات الاقتصادية الايجابية نسبياً جاءت أفضل مما كان متوقعاً. ففي الوقت الذي كان عدد كبير من المراقبين يتحدث في الأسابيع القليلة الماضية عن هيمنة مخاطر تراجع الأسعار على الاقتصاد، الذي يجد صعوبة في سلوك طريق الانتعاش على رغم نهاية الحرب في العراق، شهدت أسعار الاستهلاك في أيار مايو ارتفاعا واضحاً. وبقي المؤشر العام للأسعار مستقراً الشهر الماضي في حين تراجع بنسبة 0.3 في المئة في نيسان أبريل. اما مؤشر الأسعار الذي لا يشمل المواد الغذائية والطاقة، الأكثر أهمية للاتجاهات الأساسية للتضخم، فقد شهد ارتفاعاً بلغت نسبته 0.3 في المئة، بعدما بقي مستقراً في السابق. وقال كبير خبراء الاقتصاد في "بي ام او فايننشال غروب"، بول فيرلي، في تعليق له على هذه الأرقام ان "الارتفاع المفاجئ بنسبة 0.3 في المئة للمؤشر الأساسي يخفّف المخاوف من حصول تراجع في الأسعار في الولاياتالمتحدة". فيما أشار الخبير المستقل، جويل ناروف، الى ان "نسبة التضخم ضئيلة، لكن في الوقت نفسه، المؤشرات قليلة حول حصول انكماش في الأسعار". ورحّب الناطق باسم البيت الابيض، آري فلايشر، بهذه الأرقام، معتبراً انها "تظهر ان الانكماش ليس مصدر قلق جدياً مع ان المسألة تحتاج الى مراقبة". ومن الأسباب التي تدفع الى التفاؤل، الانتاج الصناعي الأميركي الذي تحسّن في أيار مايو بارتفاعه بنسبة 0.1 في المئة في مقابل تراجع بلغ 0.6 في المئة في نيسان، وفقاً لأرقام مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الأميركي. ولفت المحللون الى ان هذا التحسن في الصناعة التي تعاني من أزمة منذ نحو ثلاثة أعوام متواضع. لكنهم كانوا يتوقعون ركوداً في الانتاج. ويؤكد جويل ناروف ان "تحسن الانتاج مؤشر جيد". وقال: "يجب ان نتأكد من ان هذا الاتجاه سيتواصل. وهذا لا يعني بالضرورة اننا أمام تحول". ومن أكثر المؤشرات ايجابية أيضاً تواصل الفورة في مجال البناء، وهو من القطاعات النادرة في الولاياتالمتحدة التي تشهد نشاطاً كبيراً. وقد شهد عدد ورش بناء المساكن ارتفاعاً بلغت نسبته 6.1 في المئة في أيار مايو بالمقارنة مع نيسان، في حين ان رخص البناء، وهي مؤشر جيد للتطورات المستقبلية في هذا المجال، ارتفعت بنسبة 3.7 في المئة الشهر الماضي، حسبما ذكرت وزارة التجارة الأميركية. ويقول ناروف ان "الناس يشترون في شكل جنوني، وسيواصلون على الأرجح شراء المنازل، لان نسب الفائدة متدنية جداً". ويعتبر المحللون انه على رغم مؤشرات التحسن الاولى هذه، يُفترض ان يعمد مجلس الاحتياط الذي يجتمع في 24 حزيران يونيو الجاري و25 منه، الى خفض إضافي في نسب الفائدة الرئيسية، لضمان تسريع الانتعاش الاقتصادي. ويُجمع كل الخبراء على هذا الأمر. ويراهن بعضهم على خفض ربع نقطة وآخرون على نصف نقطة لنسبة الفائدة اليومية بين المصارف فيد فاندز المحدّدة حالياً ب1.25 في المئة، وهو أدنى مستوى لها منذ 42 عاماً. ويقول فيرلي ان الأرقام التي نشرت الثلثاء "ليست قوية بما فيه الكفاية لاستبعاد الحاجة الى مبادرة من البنك المركزي"، متوقعاً ان يخفّض النسبة بين المصارف بربع نقطة. ومن شأن الخفض الجديد المرتقب في نسب الفائدة والتخفيضات الكبيرة في الضرائب التي وقّع عليها أخيراً الرئيس جورج بوش 350 بليون دولار على عشر سنوات، ان تُنعش النمو في الأشهر القليلة المقبلة، على ما يرى محللون يعوّلون خصوصاً على ارتفاع في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3 في المئة في النصف الثاني من السنة. والأمل في انتعاش الاقتصاد الأميركي ينعكس ايجاباً على بورصة وول ستريت التي تشهد تحسناً منذ أسابيع عدة. وارتفعت بورصة نيويورك الاثنين الى أعلى مستوى لها منذ تموز يوليو 2002، لكنها شهددت تردداً الثلثاء.