أدلى الأردنيون أمس بأصواتهم، واختاروا 110 نواب للبرلمان ال14 في تاريخ المملكة، من 765 مرشحا، بينهم 54 امرأة، وبلغت نسبة المشاركة مساءً 50 في المئة من مجموع الناخبين المسجلين الذين يزيد عددهم قليلا على 2.3 مليون ناخب، واشرف نحو 15 ألف شرطي و40 ألف موظف على مجريات العملية الانتخابية، فيما افادت جبهة "العمل الاسلامي"، المظلة السياسية لجماعة "الاخوان المسلمين" التي تخوض الانتخابات بقائمة من 30 مرشحا انها "واثقة بفوز مرشحيها رغم خروق لا ترقى الى التزوير" اقرت بها الحكومة، وأكدت أنها عالجتها قضائيا. ولن تعلن النتائج الرسمية قبل ظهر اليوم، وأكدت الحكومة أنها أجرت انتخابات "حرة ونزيهة" وبدا أن مرشحي العشائر الكبرى سيحصدون معظم مقاعد المجلس النيابي. واعتبر الملك عبدالله الثاني أن "الانتخابات تاريخية وتشكل صفحة جديدة في حياة الأردن" وقال أثناء تفقده غرفة العمليات المركزية في وزارة الداخلية ان "البرلمان الجديد، سيجعل من الأردن مركزا لانطلاق الحياة الديموقراطية والسياسية في المنطقة" وأثنى على مشاركة "الاخوان المسلمين" الذين يعدون "جزءا من النسيج الاجتماعي والسياسي في الأردن". وزاد أنه "لم يكن لديه شكّ في مشاركتهم في هذه الانتخابات". وبينما وصف رئيس مجلس الشورى في "جبهة العمل الاسلامي" عبداللطيف عربيات، الاجراءات الحكومية بأنها "مريحة جدا"، أكد أمينها العام حمزة منصور ل"الحياة" أن "خروقا محدودة لا ترقى الى التزوير شابت الانتخابات" موضحا أن "ناخبين اقترعوا أكثر من مرة، بعدما طمسوا الختم المائي الذي مُهرت به البطاقة الانتخابية"، كما ان "مئات البطاقات لم تحمل اسم الدائرة الانتخابية، وتساهلت لجان الاقتراع في السما"لحامليها بالتصويت". وحمّل الحكومة التي "لم تضع قوائم للناخبين" في مراكز الاقتراع "مسؤولية هذه التجاوزات"، معربا عن ثقته في أن "القائمة ستفوز بأكملها ما لم يقع تزوير أثناء عمليات الفرز". واعترفت الحكومة ب"محاولات تزوير طالت البطاقات الانتخابية قام بها ناخبون". وأفادت وكالة الانباء الرسمية "بترا" أن السلطات "ضبطت ست محاولات لطمس الختم المائي في دائرة البلقاء وسط وأحالت المتورطين فيها الى القضاء" كما أعلن مدير الأحوال المدنية عوني يرفاس أن "لجان الاقتراع اكتشفت بسهولة عددا محدودا من محاولات العبث بالبطاقات بهدف تغيير معلوماتها والدائرة المثبتة عليها" وقال ان الأشخاص الذين لجأوا الى ذلك "سيواجهون عقوبة السجن من سنة الى ثلاث سنوات". وجالت "الحياة" ظهرا على مراكز اقتراع في عمان حيث حضرت قوات الأمن بكثافة، وشهدت الشوارع المحيطة ازدحاما مروريا، واستنفد مرشحون الساعات المتبقية للدعاية الانتخابية بتوزيع صورهم وهدايا رمزية على الناخبين. ولوحظ وجود لافت للنساء المحجبات والمنقبات أمام المراكز وهنّ يحملن صورا ورايات خضر، كُتب عليها "الاسلام هو الحل... والى الأبد" وهو الشعار الذي رفعته "جبهة العمل الاسلامي". وفي الدائرة الأولى في عمان، التي شهدت تنافسا حادا بين وجهاء من عشيرة "الدعجة" والمرش"الاسلامي نقيب المهندسين الأردنيين السابق عزام الهنيدي، دعا ناخبون الى "تجاوز النعرات العشائرية وانتخاب الأقدر على تمثيل الناس في البرلمان". وقال الشاب حسن عبدالكريم الذي رفض ذكر اسم عشيرته ل"الحياة" انه "انتخب مرشحا اسلاميا على رغم أن أحد ابناء عمومته ترشح" في الدائرة نفسها لأنه "يعتقد أن البرلمان يحتاج الى نواب من ذوي الخبرة والقدرة على التصدي لقضايا الفقر والبطالة والأزمة المعيشية". ورفض أحمد البرايسة 27 عاما وهو عاطل عن العمل الإدلاء بصوته، معتبرا أن "المرشحين يسعون وراء الوجاهة والمناصب الوزارية ولا يأبهون بعد الفوز بأي شيء"، ساخرا من "تنافس الأحزاب والعشائر في هذه المعركة التي ستفوز بها حتما الحكومة، لأنها ستفعل ما تريد، فيما النواب منهمكون بمصالحهم وامتيازاتهم". وفي دائرة عمان الثالثة التي تقطن ضواحيها الطبقة الأكثر ثراء ونفوذا في المملكة، وتسمّى "دائرة النخبة"، كان الاقبال ضعيفا على مراكز الاقتراع عند ساعات الظهيرة، وأدلى 26 ألف ناخب فقط بأصواتهم من المجموع العام الذي يبلغ 198 ألف ناخب، على رغم شدة التنافس فيها بين المرش"الاسلامي زهير أبو الراغب والوزير السابق ممدو"العبادي، والأمين العام لحزب "الأرض العربية" الوسطيّ محمد العوران، والقيادي السابق في حزب "البعث العربي الاشتراكي" الموالي للعراق خليل حدادين الذي ترش"عن المقعد المسيحي في الدائرة في مواجهة مرشحين من رجال الأعمال والاقتصاديين البارزين. وفي منطقة صويل"غرب عمان التي تتبع الدائرة الخامسة، وتعتبر معقلا تقليديا للاسلاميين، أدلت نساء منقبات بأصواتهن، بعدما كشفن عن وجوهنّ لأعضاء لجان الاقتراع، وأعربت احداهنّ عن "غضبها من هذا الاجراء"، قائلةً انها "مارست حقها اعتمادا على فتوى شرعية ولئلا تفوّت الفرصة في انتخاب" المرش"الاسلامي في الدائرة محمد ابو فارس الذي يواجه مرشحين عشائريين، أبرزهم شاهر العساف. وكشف نائب المراقب العام "للاخوان المسلمين" همام سعيد ل"الحياة" أن "لديه معلومات مؤكدة أن الحكومة صرفت بطاقات لعسكريين في الدائرة الخامسة، من أجل اسقاط أبو فارس "الذي يعدّ من رموز التيار المتشدد في الجماعة". أما في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي أتبعها قانون الانتخاب لدوائر ذات ثقل عشائري، فقد فتحت المحلات التجارية أبوابها، على رغم أن يوم الاقتراع عطلة رسمية، وتابع اللاجئون مجريات العملية الانتخابية على شاشة التلفزيون الرسمي الذي بثّ وقائعها مباشرة من كافة مراكز الاقتراع في المملكة، وقال بعضهم أن "القليل من اللاجئين توجه للصناديق" نظرا الى أن "البرلمان ليس مكانا ملائما لانقاذ المخيمات من البؤس والفقر وتردي خدمات البنية التحتية وارتفاع نسب الفقر والبطالة فيها". وفي المحافظات النائية والمناطق الريفية ودوائر البدو في الجنوب والوسط والشمال، حيث تطغى روابط الدم ونزعات الولاء للقبيلة، وفي ظل اجماع العشائر الكبرى على مرش"واحد، وقيام تحالفات بين العشائر الصغيرة، فاقت نسبة المشاركة مثيلتها في العاصمة التي لم تزد على 27 في المئة، اذ سُجلت قبل ساعتين من اقفال الصناديق نسبة 80 في المئة في محافظة المفرق شرق و60 في المئة في محافظة الكرك جنوب و50 في المئة في محافظتي عجلون وجرش شمال. وكان الاقبال على الاقتراع مفاجئا في مدينة معان جنوب المملكة، والتي نفّذت السلطات ضدها العام الماضي حملة أمنية أسفرت عن مقتل أربعة من سكانها وشرطيين، فقد بلغت النسبة فيها مع ساعات المساء الأولى نحو 60 في المئة علما أنها المدينة الوحيدة في الاردن التي لم تطر"فيها الأحزاب مرشحين، وتركت المقعدين المخصصين لها للمرشحين العشائريين الذين برزوا في الدفاع عن معان خلال الأحداث الأخيرة، ما ساهم في الاقبال على المشاركة أملا بتغيير واقع الحياة في مدينة تعدّ الأكثر فقرا في المملكة.