وسعت القوات الأميركية في العراق دائرة عملياتها التي تستهدف أنصار النظام العراقي السابق والمسؤولين عن الهجمات المتكررة على قوات الاحتلال. ونظمت عملية جديدة أطلق عليها اسم "عقرب الصحراء". وركزت هذه العملية على مدن غرب العراق ووسطه التي يعتقد أن النظام السابق يحظى بتأييد واسع فيها. ونفذت القوات الأميركية عمليات دهم واسعة في بغداد ومدن أخرى بعد يوم على انقضاء مهلة جمع السلاح، وأظهرت حصيلة أن غالبية العراقيين رفضت تسليم أسلحتها. نفذت القوات الأميركية عملية جديدة سمتها "عقرب الصحراء" في إطار حملتها الواسعة التي بدأتها قبل ثلاثة أيام وشملت مدناً في غرب العراق ووسطه بهدف القضاء على أعوان النظام السابق. واستهدفت عملية "عقرب الصحراء" مدينة الفلوجة 65 كيلومتراً غرب بغداد، حيث شارك أكثر من ألف جندي في دهم عدد من المنازل واعتقلوا عشرين شخصاً وصادروا أسلحة غير مرخصة. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن السرجنت جون موراليس، قائد القوات الأميركية في الفلوجة، بعد الهجوم: "قيل لنا ان هناك أنصاراً سابقين لنظام صدام، واحتلينا مدرسة ومنزلاً قريباً، حصلنا على معلومات من السكان ونفذنا عملية في المنطقة، ولكن تبين ان المعلومات كانت خاطئة. كانوا هناك قبل ثلاثة أسابيع وغادروا، فلم نجد إلا أسرة تملك مسدساً وسلاحين خفيفين للدفاع عن النفس". وقال حسن عماد التاجر في المدينة: "شاهدنا الكثير من القوات فجراً وانتهى كل شيء عند الصباح، بعد تحليق كثيف للطيران طوال الليل في سماء المدينة". وبدت الفلوجة هادئة أمس. وتشكل المنطقة الغربية من العراق، التي تضم شريطاً من المدن في منطقة الفرات يبدأ من مدينة الفلوجة وينتهي عند الحدود السورية، معقلاً للنشاطات المعادية للأميركيين الذين يقولون ان خلايا حزب "البعث" وأنصار صدام حسين تقف وراءها. وتنتمي إلى تلك المنطقة غالبية أفراد الحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية التي كان الرئيس السابق يعتمد عليها، وتعتبر الأكثر ولاء له. ويخشى كثيرون من أن يكون قرار حل الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية من دون معالجة الجانب الإنساني وأوضاع أسر العاملين في هذه المؤسسات، شكل مدخلاً لإعادة تجميع تلك العناصر في إطار عمليات مقاومة للقوات الأميركية. ويعتبر ضابط عراقي من غير الموالين للنظام السابق قرار الحل "خطأ استراتيجياً دفع الأمور إلى هذا الحد من المواجهة مع الأميركيين، وقد يكون صدام وجد فيه ضالته لتجميع فلول نظامه والعمل مجدداً ومحاولة إرباك الوضع الذي لم يعد يتحمل مضاعفات جديدة". ونقل قادمون من المنطقة الغربية لبغداد خبر تعرض مقر القوات الأميركية في مدينة الرمادي إلى هجوم، وأضافوا ان الأميركيين ردوا باعتقال عدد من العناصر المشتبه فيها. وقدر مصدر قريب إلى تلك القوات الأميركية عدد المعتقلين من سكان المنطقة الغربية خلال الأسبوع الأخير بأكثر من خمسمئة من مؤيدي النظام السابق ورجال الأجهزة الخاصة. وسيجري التحقيق معهم بهدف التوصل إلى معلومات في شأن العمليات التي استهدفت القوات الأميركية ومعرفة هل هناك تنظيمات عسكرية تقف وراءها. إلى ذلك رويترز، قال الناطق باسم قوات "التحالف" السرجنت براين توماس ان "عملية عقرب الصحراء بدأت ليل السبت"، وتتركز في شمال العراق وشماله الغربي. وأشار إلى أنها موجهة ضد "أولئك الذين يهاجمون الجنود الأميركيين، بعضهم ينتمي إلى حزب البعث وآخرون يعارضون جهود السلام". وأقر باعتقالات في هذه العملية قائلاً: "لدينا معتقلون ولكن لا يمكننا اعطاء أرقام الآن"، مضيفاً انه لم يسقط ضحايا في الجانب الأميركي. وتابع: "خصصنا لهذه العملية القوات الضرورية". وتأتي "عقرب الصحراء" بعد عملية "شبه الجزيرة" التي أوقعت أكثر من 113 قتيلاً، وفقاً لحصيلة أميركية وشهود عراقيين. وأعلن بيان للقيادة الوسطى الأميركية أول من أمس، أن عملية "شبه الجزيرة" أنهت غاراتها المكثفة الخميس، وان 400 شخص اعتقلوا خلالها وصودرت كمية من الأسلحة والذخائر. وتابع ان 69 من الذين اعتقلوا لا يزالون محتجزين. حملة جمع السلاح وبدأت القوات الأميركية أمس حملة بحث عن الأسلحة في بلدات عراقية تنتشر فيها الأسلحة، بعد يوم على انتهاء مهلة أسبوعين لجمعها، لم تلق استجابة كبيرة من العراقيين الذين ما زال القلق يساورهم من الفوضى التي تعم البلد. وحذر بيان أصدره الجيش الأميركي من "احتجاز من يحمل سلاحاً من دون ترخيص موقت، ومصادرة سلاحه، وتعريضه للسجن فترة سنة ودفع غرامة". وشدد على أن "قوات التحالف ستطبق بحزم سياسة الحد من التسلح". ويشير قادة أميركيون إلى أنهم يتوقعون زيادة الاعتقالات، بسبب المخالفات المتعلقة بالأسلحة، ويأملون بأن تنجح هذه السياسة بعد فشل المهلة في اقناع العراقيين بالتخلي عن أسلحتهم طوعاً. ويؤكد الجيش الأميركي أن العراقيين سلموا خلال المهلة 123 مسدساً و76 بندقية نصف آلية و435 بندقية آلية و46 مدفعاً رشاشاً و11 مدفعاً مضاداً للطائرات و381 قنبلة. وهو ما يوصف بأنه نقطة في بحر الأسلحة في العراق. ولا يسمح للعراقيين، بموجب القواعد الجديدة، بالاحتفاظ بأكثر من بندقية "كلاشنيكوف" في منازلهم ومتاجرهم، ولا يسمح لهم بحمل سلاح غير مرخص، وهناك بعض الأحزاب السياسية التي لديها ميليشيا خاصة لا ترغب في نزع أسلحتها. وفي بغداد، بدأت القوات الأميركية عمليات الدهم بحثاً عن السلاح منذ الصباح الباكر أمس. وبين الأحياء التي شملتها الجهاد والمنصور والدورة، وهي أحياء معروفة بأنها تضم عدداً من العسكريين وعناصر الأجهزة الأمنية السابقة. "متعاطفون مع القاعدة" على صعيد آخر، أعلن الجيش الأميركي أنه يستجوب 74 شخصاً اعتقلوا في غارة على شمال العراق، لتحديد هل كانوا أعضاء نشطين في شبكة "القاعدة" التي يتزعمها أسامة بن لادن. وقال ناطق باسم الجيش أول من أمس ان "المؤشرات الأولية تفيد أنهم من المتعاطفين مع القاعدة". ورداً على سؤال عما إذا كانت المجموعة تخطط فعلاً لهجمات على القوات الأميركية أم تتعاطف فقط مع أفكار بن لادن، قال الناطق إن "المتعاطف مع القاعدة شخص قد يوقع الضرر بالتحالف ودولة العراق والعالم كله". وأوضح الجيش ان أولئك اعتقلوا في غارة الخميس الماضي قرب مدينة كركوك الشمالية، ولم يوضح ما إذا كانوا عراقيين أم أجانب. في غضون ذلك، بثت "قناة الجزيرة" الفضائية القطرية أمس، ان هجوماً بقذائف "هاون" استهدف مقر قيادة القوات الأميركية في مدينة الرمادي غرب بغداد، وتسبب في اندلاع حريق في المبنى الذي اتخذه الأميركيون مقر قيادة لقواتهم. وشوهدت سيارات اسعاف تسرع إلى المكان، ويقع مقر القيادة في مبنى كان مركزاً للاستخبارات العسكرية للنظام السابق. وكانت القيادة الأميركية الوسطى أعلنت ليل أول من أمس أن القوات الأميركية اعتقلت حميد رجا التكريتي القائد السابق لسلاح الجو العراقي. وأوضحت في بيان أنه بات "في عهدة التحالف"، مشيرة إلى أن حميد رجا التكريتي هو الرقم 17 على لائحة كبار المسؤولين العراقيين ال55 الملاحقين. وأكد الحاكم المدني الأميركي بول بريمر الخميس أن أكثر من نصف هؤلاء اعتقلوا. وفي سياق آخر، وعد بريمر بالعمل لمنع أي تدخل في شؤون العراق من بعض جيرانه. وقال أمام عشرة من زعماء العشائر في الحلة نحو مئة كلم جنوببغداد في قلب المنطقة الشيعية: "نحن واعون لتدخل بعض جيران العراق في شؤونه. أؤكد لكم انني آخذ بجدية تامة السلطة التي منحني اياها الرئيس جورج بوش لوقف تدخل" من هذا النوع. وأعلن ان زعماء العشائر كشفوا له قلقهم من أي تدخل أجنبي "غير مقبول"، مع تأكيدهم دعمهم له. ووجه بعضهم اتهامات إلى دول عربية مجاورة بالتدخل أكثر من إيران. وقال الشيخ حاتم عبدالمحسن الجريان، زعيم عشيرة البوسلطان لبريمر، انه قلق من التخريب في مناطق أخرى من العراق والذي يتولى جزءاً منه على الأقل "مرتزقة عرب".